الخشوع في الصلاة يعمر القلب بالايمان ويقترب بالمصلي إلى رحاب الله سبحانه فيشعر بالطمأنينة والهدوء والسكينة ويزيل عنه التوتر العصبي بسبب ضغوط الحياة ويريح النفس من متاعبها كما ورد عن رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم) حينما قال : ( ارحنا بها يا بلال ) ويشرح صدر المصلي فيتمتع بصفاء الروح ورضا النفس ويشعر بلذة الصلاة ، والخشوع يزيل الهم والكدر ويعالج الاكتئاب والوسواس فما أروع تلك اللحظات الربانية التي يقف المسلم أمام الله عز وجل لدقائق معدودة خاشعا راجيا رحمته وغفرانه . وأئمة المساجد تقع عليهم مسئولية تثبيت الخشوع في نفوس المصلين وتعزيز الشعور الايماني في قلوبهم حينما تكون تكبيراتهم وقراءتهم القرآن خاشعة هادئة الصوت في ترتيل يبعث في النفوس شعورا فياضا بلذة الصلاة مما يعين على الطاعة فتترسخ في النفوس قيم الخير والبر والتقى وللإمام الخاشع صوته في قراءته و تكبيره أجر عظيم لأنه يعين المأمومين على الخشوع في الصلاة . وينقسم أئمة المساجد في بلادنا الى نوعين : النوع الأول : أئمة على قدر كبير من الوقار والهدوء والسكينة والمظهر الحسن النظيف والخشوع في الصلاة تكبيرا وقراءة مرتلة خاشعة دون اطالة عملا بالتوجيه النبوي الكريم : ( اذا أم أحدكم فليقصر فان وراءه المريض وذا الحاجة ) ، وفي دعائهم لا يطيلون ويكتفون بالأدعية الجامعة مما يدل على رقي احساسهم بظروف المصلين ، و لأنهم يدركون الأثر السلبي للاطالة سواء في قراءة القرآن أو الدعاء كالملل والسأم وتعطيل مصالح الناس فبارك الله فيهم ولهم وعليهم وأكثر من أمثالهم انهم يعينون المصلين على الخشوع في صلاتهم . النوع الثاني : الأئمة المتوترون الذين لا يحسنون التعامل مع مكبرات الصوت فهم يقتربون من المايكرفون ويصرخون في تكبيرهم وقراءتهم ودعائهم مما يسبب الصداع والملل في النفوس كما يطيلون في القراءة والدعاء دون اكتراث بمصالح المأمومين وظروفهم الصحية والحياتية وهذا النوع من الأئمة يطردون الخشوع والطمأنينة من نفوس المصلين الذين يقفون وراءهم يرجون رضا ربهم . و أتوجه بالرأي الى وزارة الشئون الاسلامية وفروعها في أنحاء المملكة لكي تضع معايير وشروط اختيار الأئمة على أسس صحيحة كشرط حفظ القرآن الكريم وأحكام تجويده والأمور الشرعية بالاضافة الى شروط التوازن النفسي والفكري والعاطفي والخلو من الأمراض المعوقة ، و أرى قيام الوزارة بعقد دورات لهم قبل وأثناء عملهم في الثقافة العامة في مجالات الصحة وعلم الاجتماع وعلم النفس والعلاقات العامة وعلم الأصوات وتأثيراتها وفن الخطابة وكيفية التعامل مع المايكرفون لتأهيل الأئمة وتثقيفهم بظروف الناس وحاجاتهم ومراعاتها وأساليب التأثير الايجابي فيهم بما يعزز في المصلين دافعية الطاعة لله (عز وجل) ويعينهم على الخير . يتلذذ المصلون بالقراءة الخاشعة الندية فيقبلون على الصلاة ليستمتعوا بالقرآن الكريم فتنشط مشاعرهم الايمانية وتشتد عزائمهم التعبدية ولذلك فبعض أئمة الحرم المكي والمدني يقبل الناس على قراءتهم أمثال فضيلة الشيخ عبدالرحمن السديس والشيخ سعود الشريم في المسجد الحرام والشيخ صلاح البدير في المسجد النبوي ومثلهم متواجدون في أنحاء المملكة كما في المنطقة الشرقية والأحساء ، وعلى النقيض منهم يوجد بعض الأئمة يؤدون الصلاة آليا خالية من الخشوع والهدوء والسكينة وفق الله الجميع الى ما يحب ويرضى. [email protected]