ليبيا بلد عظيم وشعبها طيب وكريم صبر على حكم المستبد المتغطرس اثنتين وأربعين سنة الذي يزعم أنه قائد ثورة وأنه جاء إلى الحكم عن طريق ثورة شعبية قادها والضباط الأحرار والجميع يعرف أنه انقلب على ملكها إدريس السنوسي المريض وهو في رحلة العلاج حتى طريقة الانقلاب لم يكن فيها تخطيط مسبق ودهاء وإنما خيانة وخدعة وساعده في ذلك ضعف الحكومة وغفلتها.. بعد هذا الانقلاب تصور أن ليبيا أصبحت ملكه وأسرته فابنه محمد من زوجته الأولى يسيطر على 40% من اقتصاد البلاد يرأس اللجنة الليبية الأولمبية ويرأس لجان البريد والاتصالات وسيف الإسلام أكبر أبناء زوجته الثانية صفية فركاش – التي تتنقل بين مدن البلاد بطائرتها الخاصة و تنتظرها سيارات المرسدس في كل مطار تنزل به- يعده أبوه للسلطة وهو وجه ليبيا في الخارج وتأكد من حرص القذافي على توريثه عندما جعله يلقي الخطاب الأول في الثورة الشعبية الحالية . وبقية الأبناء الخمسة يدعمهم القذافي بالمال فقد أعطى معتصم مليار ومئتين مليون دولار لإنشاء وحدة عسكرية شبيهة بالتي يقودها أخوه الأصغر خميس فالقذافي وعائلته سيطروا على ثروات ومقدرات البلاد وحصنوا أنفسهم بالسلاح فهم بزعمهم أنهم يحكمون القبضة على الشعب الليبي لكن دولة الظلم ساعة وسقوطها بأتفه الأسباب ورأينا كيف أن حكومة تونس ومصر سقطت بصوت من شعب مظلوم ونظرا لاستبداد القذافي وأن ليبيا ملكا خاصا له رأيناه في خطابه الأخير المتهور يهدد ويتوعد ويقول أنه بنى ليبيا طوبة طوبه وحررها من الاستعمار. والمضحك أنه عندما تحدث عن سمعة ليبيا في الخارج ورأي الغرب لخصها في شخصه فقال(( لما تقابلهم يقولون آه.. ليبيا آه..القذافي )) فلا صوت في ليبيا سوى صوته كل حضارة هذا البلد وتاريخه اختفت في شخصه وتحت عباءته ومجموعة الثياب المزركشة التي يحملها معه من مؤتمر إلى آخر كي يعطي رسالة للآخرين بأنه زعيم الأرض والوطن والأصالة والتاريخ .. وكذلك في خطابه يلغي أي حق للشعب ببلدهم.. ليبيا فهم في نظره فئران جرذان وما علم أنهم أسود أبطال أحفاد المجاهد البطل عمر المختار لكن لحبهم لوطنهم وحرصهم على التحام الصف صبروا على عبثه وهمجيته وظلمه وديكتاتوريته وعندما ملوا الظيم والقهر والفقر تظاهروا وعبروا عن حقوقهم سلميا ولو كان يملك ذرة عقل وعنده شهامة ومروءة لاحترم حقهم وقدر رأيهم وتفاوض معهم وحاول أن يصلح إصلاحا جادا يعالج الأساس والجذور ولخرج عليهم بخطابه معترفا بحقوقهم معترفا بتقصيره معتذرا لهم ثم حاول أن يوظف بعض الإضاءات بتاريخه إن كان هناك إضاءات لكن كما يقولون (( الساعة العطبانه تكون صحيحة مرتين في اليوم )). ثم حاول أن يبين أن المرحلة حرجة وصعبه وأن ليبيا مهدده من الخارج وأن الأعداء يتربصون بليبيا الدوائر فأنا أطلب منكم أن تتساعدوا معي على وحدة هذا البلد وأن ننقله من محنته عبر حكومة انتقالية فأنا سأرفع يدي من الداخل فأنتم كونوا أحزاب وانتخبوا حكومة وأنا فقط سأكون بمثابة الملك المؤقت دوري دور الممالك الدستورية والقانونية ليس لي علاقة بالداخل من الخارج أكون سدا منيعا ضد أي تهديد لليبيا أتصور أن هذا العرض سيحفظ ماء وجهه وقد يعطي بعض الإقناع لشعبه وعندما فعلا يقف معهم في محنتهم لاشك أنهم سينسون ماضيه وسيعيدون كتابة تاريخه من جديد .. طبعا هذه الرؤية لن يفعلها الديكتاتور والمستبد والقذافي منذ أن فكك الجيش الليبي وسرحه وجعله جيش شكلي وبنى كتائبه المدججه بالسلاح وجعل أبناءه على قيادة هذه الكتائب ومنذ أن هرول إلى الغرب بعد أن رأى صدام يتدلى من حبل المشنقة وتخلى عن دعمه للثوار وعن ممارسته للإرهاب وللاغتيالات وعن معارضتهم وقدم تنازلاته وطلب منهم أن يبقى في السلطة فقط وأن تحمى مملكته. ولذلك رأينا تلكؤ أمريكا والغرب وقولهم أنه ليس لهم سيطره عليه .. لاشك أن القذافي بعد هذه التنازلات أخذ احتياطه جيدا وأن عنده آلاف المرتزقة وترسانة كبيرة من العساكر والسلاح وأنه لن يتنازل بسهولة وسمعنا همجيته وكلامه اللاشعوري وتهديده الخطير في الخطاب فهو سيقاتل حتى آخر قطره من دمه طبعا هو الآن يترنح وسقط لكن نخشى أن يزهق أرواح بريئة وهو الآن يتترس في طرابلس وذكر عن المدن التي تحررت كلمة انفصال فكأنه سيقاتل من جديد حتى يعيدها بالقوة إلى حكمه وهذا خطير فشعبه أعزل وهو فقط يملك السلاح وقد يغريهم ويدفعهم لحمل السلاح حتى يحتج بأنهم مدفوعين من الخارج وأنهم يريدون إعادة ليبيا دولة إرهاب وتطرف وسمعنا ذلك من صديقه رئيس إيطاليا أو قد يثير النعرات القبلية ويضارب القبائل بعضها ببعض ويصومل ليبيا جماعات ومرتزقة وقتل في كل مكان.. فعلى العالم جميعا أن يوقفه عند حده و أن يتدخل بسرعة وعلى مجلس الأمن أن لا يجري اتصالات مع زعيم مخلوع تحررت من ظلمه كل المدن الليبية وأصبح منزويا في قصره المحصن فليس هناك وقت للمؤتمرات الصحفية ودراسة الأمور ومواعيد الجلسات المطولة لابد من تدخل سريع فهذا الرئيس مريض وقد ينتحر وينحر شعبه معه وحدثنا عن قصص الإبادة والمستبدين فهو لايهمه أن يقتل الشعب الليبي وينصب على ركامهم خيمته ويقرأ على رفاتهم الكتاب (الأسود) وكذلك الدول العربية والإسلامية لابد أن تتخذ قرارا سريعا فهذا الشعب أعزل ومطالبته مشروعه وقانونية وإن دعت الضرورة بالتدخل فعليها أن تتدخل بإرسال قوات لحفظ الأمن هناك والمساعدة على بناء حكومة ديمقراطية تنقل البلاد من عبث وهمجية هذا الطاغية.. أسأل الله أن يسمع صوتي وأن تصل كلمتي وأن يحرر هذا الشعب من جبروت هذا الديكتاتور