صدرت عن الدول الغربية ولا سيما تلك الضالعة في عملية حلف شمال الاطلسي دعما للمجلس الانتقالي الليبي ردود فعل حماسية الخميس لما اكدوا انه نهاية النزاع في ليبيا مع اعلان مقتل الزعيم المخلوع معمر القذافي. وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما امس ان الولاياتالمتحدة ستكون شريكا لليبيا بعد موت معمر القذافي وأضاف ان مهمة حلف شمال الأطلسي في ليبيا "ستنتهي قريبا". وقال أوباما للصحفيين في كلمة ألقاها في حديقة البيت الأبيض "هذا يمثل نهاية فترة طويلة ومؤلمة للشعب الليبي الذي اصبح أمامه الآن فرصة لتقرير مصيره في ليبيا جديدة وديمقراطية"، وتابع أوباما ان موت القذافي كما أعلنت السلطات الليبية أمر مهم في العالم العربي حيث ادت الاحتجاجات الى سقوط حكام مستبدين حكموا لفترة طويلة، وقال الرئيس الأمريكي "الحكم بقبضة حديدية لابد أن ينتهى." واعتبرت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في وقت سابق ان مقتل القذافي يشكل "فرصة بالنسبة الى ليبيا للمضي قدما". وقالت كلينتون بعيد وصولها الى اسلام اباد لاجراء مشاورات مع المسؤولين الباكستانيين "اذا كانت هذه المعلومات صحيحة، اعتقد ان هذا الامر يوفر لليبيا فرصة للمضي قدما في اتجاه المستقبل". كما اعتبر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الخميس ان مقتل معمر القذافي يشكل "مرحلة رئيسية" لتحرير ليبيا، معتبرا ان "صفحة جديدة" تفتح بالنسبة الى الشعب الليبي. وقال ساركوزي في بيان ان "مقتل معمر القذافي يشكل مرحلة رئيسية في النضال الذي يخوضه الشعب الليبي منذ اكثر من ثمانية اشهر للتحرر من النظام الديكتاتوري والعنيف الذي فرض عليه طوال اكثر من اربعين عاما". واضاف ان "تحرير مدينة سرت يشكل بداية عملية تولاها المجلس الوطني الانتقالي لارساء نظام ديموقراطي في ليبيا تشارك فيه كل المكونات ويضمن الحريات الاساسية". وتابع ساركوزي في بيانه "كما منذ الايام الاولى لانتفاضة الشعب الليبي ضد القمع، فان فرنسا تقف الى جانبه لدعم هذه المسيرة". واعتبر ان "صفحة جديدة تفتح بالنسبة الى الشعب الليبي، صفحة المصالحة ضمن الوحدة والحرية". واعتبر وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه الخميس ان عملية الحلف الاطلسي في ليبيا ستنتهي ما ان يعلن المجلس الوطني الانتقالي تحرير الاراضي الليبية بالكامل. وصرح جوبيه لاذاعة فرانس انفو "اعتبارا من اللحظة التي يعلن فيها المجلس الوطني الانتقالي تحرير الاراضي الليبية، فان عملية حلف شمال الاطلسي تكون قد انتهت بالتاكيد". وكان جوبيه رحب في وقت سابق في نيودلهي ب "نهاية 42 عاما من الطغيان" في ليبيا بعيد اعلان مقتل معمر القذافي، مؤكدا ان فرنسا "فخورة" بمساعدتها الشعب الليبي. بدورها قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ان ليبيا اصبحت الآن حرة للشروع بداية جديدة والقيام بإصلاحات ديمقراطية سلمية بعد موت معمر القذافي. وقالت ميركل في بيان "هذا ينهي حربا دمويا شنها القذافي ضد شعبه. الطريق الآن ممهد لبداية سياسية جديدة وبسلام. ألمانيا تشعر بارتياح وسعادة غامرة بهذا الشأن." وتابعت ميركل ان ليبيا يجب أن تقوم الآن باصلاحات سياسية "لضمان عدم ضياع إنجازات الربيع العربي." وأشاد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الخميس ب "شجاعة" الليبين الذين حرروا بلادهم وقال إنه من المهم تذكر ضحايا نظام معمر القذافي الكثيرين. وقال كاميرون إنه "فخورا" بالدور البريطاني في وضع نهاية للنظام. وأضاف: "يتعين أيضا ان نتذكر الليبيين كثيرين جدا الذين لقوا حتفهم على يد هذا الديكتاتور الوحشي ونظامه". وتابع ان الليبيين امامهم الان فرصة أكبر لبناء مستقبل قوي وديمقراطي. ، و"سوف نساعدهم ونعمل معهم". ومن جانبه صرح الرئيس الروسي مدفيديف ان "الشعب الليبي هو من يقرر مصير القذافي"، لدى سؤاله من قبل وكالات الانباء الروسية حول ما تردد عن اعتقال القذافي. اما رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلوسكوني فاعتبر بعد اعلان وسائل الاعلام عن مقتل القذافي ان "الحرب انتهت" في ليبيا، المستعمرة الايطالية السابقة. كما رحب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الخميس باعلان مقتل معمر القذافي، معتبرا ان هذا الامر "انتقال تاريخي بالنسبة الى ليبيا". واضاف "بالتاكيد، يشكل هذا اليوم انتقالا ديموقراطيا بالنسبة الى ليبيا"، لكنه تدارك ان "الطريق بالنسبة الى ليبيا وشعبها سيكون صعبا وحافلا بالتحديات. حان الوقت الان ان يتوحد جميع الليبيين". وتابع بان كي مون الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي خصصه للتطورات الليبية "فلنقر فورا بان هذا الامر ليس سوى نهاية البداية". وقال ايضا "على مقاتلي الجانبين ان يسلموا اسلحتهم ويتوحدوا بسلام. انه وقت اعادة الاعمار وتضميد (الجروح)، وقت نبل الاخلاق وليس للثأر". واضاف "فيما تمهد السلطات الانتقالية للانتخابات وتتخذ اجراءات كثيرة اخرى لاعادة اعمار البلد الجديد، ينبغي ان تكون الاولوية للمشاركة والتعددية". واعربت حكومة جنوب افريقيا الخميس عن الامل في ان يؤدي مقتل معمر القذافي الى عودة السلام الى ليبيا، ودعت السلطات الليبية الجديدة الى البدء بعملية مصالحة وطنية. وقالت وزارة الخارجية في بيان ان "الحكومة الجنوب افريقية اخذت علما بالاحداث الاخيرة في سرت التي انتهت بمقتل الزعيم الليبي السابق العقيد معمر القذافي". واضاف البيان "نأمل صادقين في ان تؤدي الاحداث الاخيرة الى وقف الاعمال العسكرية وعودة السلام". عربيا رحب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الخميس بالاعلان عن مقتل القذافي، مشيرا الى ان سقوطه، على غرار سقوط الرئيس العراقي السابق صدام حسين، دليل على "قدرة الشعوب على الحاق الهزيمة بالحكام المستبدين". واضاف المالكي في بيان "نتقدم بالتهاني الى الشعب الليبي الشقيق والمجلس الانتقالي بمناسبة التخلص من الطاغية القذافي الذي حكم ليبيا اكثر من اربعة عقود كانت مليئة بالظلم والطغيان". واضاف ان "تشابه مصائر الطغاة في العراق وليبيا وغيرهما دليل على قدرة الشعوب على الحاق الهزيمة بالحكام المستبدين مهما تفرعنوا". وفي اخر تسجيل صوتي بثته له قناة الراي المواليه له في 6 اكتوبر دعا القذافي الليبيين الى تنظيم تظاهرات بالملايين احتجاجا على المجلس الوطني الانتقالي الذي يسيطر على معظم انحاء البلاد. وبقي القذافي وهو عميد القادة العرب والافارقة، متمسكا بالسلطة رغم الانتفاضة ضد نظامه والضغوط الدولية والقصف الاطلسي على ليبيا. وولد القذافي، بحسب قوله، في السابع من يونيو 1942 تحت خيمة بدوية في صحراء سرت لعائلة رعاة فقيرة من قبيلة القذاذفة ونشأ على تربية دينية صارمة بقي وفيا لها. وقد التحق بالجيش في 1965. وفي السابعة والعشرين من العمر، قام مع احد عشر ضابطا آخرين في الاول من سبتمبر 1969، بالاطاحة بنظام الملك الليبي ادريس السنوسي الذي كان في فترة نقاهة في تركيا دون اراقة قطرة دم واحدة. والقذافي الذي اعلن نفسه "ملك ملوك افريقيا" اصبح عميد القادة الافارقة منذ وفاة رئيس الغابون عمر بونغو في يونيو 2010. وفي مارس 1977، اعلن قيام "الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى" التي يتولى فيها الشعب "السلطة مباشرة" مع "مؤتمر الشعب العام" (برلمان) و"اللجنة الشعبية العامة" المكلفة تنفيذ تعليمات المؤتمر العام. واثار القذافي استغراب من حوله لا سيما الغربيين بسبب غرابة اسلوب حياته وازيائه التقليدية وطريقته في ممارسة السلطة وتصريحاته ونظرياته المبتكرة. وقد تميز بسلوكه وتصريحاته التي اثارت ضجة ولا سيما انتقاداته لنظرائه العرب. ويرى القذافي ان "كتابه الاخضر" يشكل الحل الوحيد للبشرية ويؤكد ان الديموقراطية لا يمكن احلالها عبر صناديق الاقتراع، معتبرا ان "الانتخابات مهزلة". وتحول القذافي الى "اكبر عدو" للغرب بعد اعتداءين، الاول على طائرة تابعة لشركة بانام الاميركية انفجرت فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية واسفر عن سقوط 270 قتيلا في 21 ديسمبر 1988، والثاني على طائرة تابعة لشركة اوتا الفرنسية فوق صحراء تينيري في النيجر في التاسع عشر من يوليو 1989 (170 قتيلا). وفي تسعينيات القرن الماضي تحول القذافي الذي اضعف موقعه على الساحة الدولية وخيب شركاؤه العرب اماله، الى القارة الافريقية. لكن وبعد ان ظل لعقود ينعت بانه رئيس دولة "ارهابية مارقة"، قرر التصالح مع الغرب واعلن بشكل مفاجئ تخليه عن برامجه السرية للتسلح ثم اقر بمسؤولية معنوية عن حادث لوكربي وحادث الطائرة الفرنسية ودفع تعويضات لعائلات الضحايا بهدف رفع الحظر الاقتصادي والجوي المفروض على بلاده.