قال سماحة المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ إن الافتراش أذى للحجاج، وهو من الضرر الذي يجب الابتعاد عنه. ونصح سماحته حجاج بيت الله الحرام أن يتقوا الله في جميع أعمالهم ويراعوا أداء المناسك بكل خشوع وطمأنينة وأن يعطوا الطريق حقه، وينبغي إفساح الطريق وكف الأذى لقول الرسول – صلى الله عليه وسلم – "إياكم والجلوس على الطرقات، فإن أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها ؛ غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر". وعلق سماحة المفتى العام للمملكة، في تصريح لوكالة الأنباء السعودية، على من يمارس الافتراش أنه من الإيذاء، وهو من الإيذاء المتعدي للغير والضرر، ومن الواجب الابتعاد عن ممارسة مثل هذا السلوك. من جانبه أبرز معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجة دقة التنظيم لحشود ضيوف الرحمن، وسهولة أداء مناسكهم بيسر وسهولة – بفضل الله تعالى – ثم بفضل ما تبذله حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الأمر الذي أسهم في انسياب حركة الحجيج وتنقلهم بين المشاعر المقدسة. وأكد معاليه في تصريح لوكالة الأنباء السعودية أن وزارة الثقافة والإعلام تتابع تظاهرة الحج قبل الموسم وأثناءه وبعده، وتتشارك مع الجهات المشاركة في الحج، وتبرز جهود الجهات الحكومية والمؤسسات الوطنية والخيرية. وأبان معاليه أن الرسائل الإعلامية ترافق الحجيج عند أداء كل المناسك، وترصد تدفقهم بين المشاعر، وتلاحظ بعض الظواهر السلبية وتحاول معالجتها وفقا للرسالة الإعلامية بما يتكامل مع الجهات العاملة في الحج. وأوضح معاليه أن الحج يشهد أعظم تظاهرة بشرية في العالم، ويرافق ذلك غالبا بروز بعض الظواهر السلبية ومنها الافتراش. ورأى معاليه أن من مهام وسائل الإعلام معالجة الظواهر السلبية وفقا لرؤيتها الإعلامية. وقال معاليه: إن مهام الوسائل الإعلامية بمختلف أنواعها المقروءة منها والمسموع والمرئي تسليط الظوء على مثل هذه الظواهر،لتوعية الحجيج بمخاطرها، ولتتمكن الجهات المعنية من معالجة مثل هذه الأمور التي تمس الحاج بشكل مباشر، لافتا إلى أنه من الضروري بث رسائل توعوية للتثقيف بمشكلة الافتراش والتحذير من هذا السلوك. وخلص معالي وزير الثقافة والإعلام إلى القول بأن الحاج قدم إلى المشاعر المقدسة طائعا لأوامر الله تعالى، وهذا يقتضي أن يتجنب كل ما قد يخدش عبادته أو يتسبب في الإضرار بنفسه وبالآخرين، داعيا الله تعالى أن يمن على الحجيج بحجهم وأن يتقبل طاعاتهم، وأن يعودوا إلى بلدانهم وأوطانهم وهم في صحة وسلامة وعافية. على صعيد متصل استطلعت وكالة الأنباء السعودية ظاهرة الافتراش والتقت العديد من المسؤولين للحديث عن هذه الظاهرة وقابلت عدداً من المفترشين لسبر أغوار الافتراش وكشف الدراسات الأخيرة المتعلقة بظاهرة الافتراش التي يمنعها النظام. وفي هذا الصدد كشف معالي أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة بن فضل البار أن أهم أسباب الافتراش في المشاعر المقدسة وخصوصاً في مشعر منى هو قلة الطاقة الاستيعابية الإسكانية للحجاج، مؤكداً أن مشروع الإسكان في منى سيقضي على ظاهرة الافتراش بمشيئة الله وأن التصور المبدئي لهذا المشروع حصل على موافقة من مجلس الوزراء في شهر رمضان الماضي. وأبان في تصريح لوكالة الأنباء السعودية أن المشروع في حال الانتهاء من دراساته التفصيلية من قبل هيئة تطوير مدينة مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة سينهي – بإذن الله – مشكلة الافتراش في المشاعر المقدسة، وسيكون هذا الأمر من الماضي مثل بقية الصعوبات التي تم التغلب عليها قبلاً بمشيئة الله تعالى. وأكد أن الأمانة تحاول بقدر الإمكان الحيلولة دون أن يتسبب الافتراش بحوادث وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية والتعاون المشترك وفقاً للخطط الموضوعة في هذا الشأن. ورأى أن الافتراش لا يعيق الحاج فحسب إنما يتسبب في إعاقة عمل الجهات الخدمية والأمنية، وتنتج عنه مشكلات كثيرة لا حصر لها. وأضاف: إن المفترشين يتسببون في إعاقة وصول معداتنا، وبطء أعمال النظافة، ويصاحب ذلك ممارسات خاطئة كالباعة الجائلين والتموين العشوائي. وقال إن الأمانة تتعامل مع الافتراش بقدر ما يقتضيه الحال وإبعاد المفترشين وخصوصاً شرقي منى، وذلك بإبعادهم عن المناطق الخطرة والمنحدرات والمخازن الأرضية. وأبدى مدير عام النظافة بأمانة العاصمة المقدسة المهندس محمد المورقي في هذ الشأن استغرابه للحجاج الذين يعرّضون أنفسهم للخطر ويفترشون في الشوارع والطرقات المزدحمة، مؤكداً أن الأمانة تتعامل مع الواقع وتوزّع أكياساً للقمامة على المفترشين. وقال إن الأمانة أكثر الجهات تضرراً من الافتراش ونحن نتعامل مع الواقع، ولدينا أكياس صغيرة مكتوب عليها عبارة " لا ترم إلا في الحاوية " ورسائل أخرى توعوية وتثقيفية عن الافتراش وعن النظافة العامة تهدف بالدرجة الأولى للإصحاح البيئي. ولا تتوقف مشكلة الافتراش عند النواحي الخدمية فحسب بل تتصل بجوانب أمنية فتعيق حركة المشاة وتبطيء الحركة المرورية. وفي هذا الجانب التقت " واس " بمساعد قائد قوات أمن الحج لإدارة وتنظيم المشاة العميد سعود بن راشد العتيبي الذي أكد أن الافتراش من الظواهر التي تتكرر كل عام، مشيراً إلى أنها في تناقص بسبب التنظيمات الجديدة واستخدام القوات الخاصة لأمن المشاة في مواقع جديدة الأمر الذي أسهم في مكافحة الظاهرة والإقلال من حجم تأثيرها. وقال وضعنا خطة لمكافحة الافتراش مرتكزة على أربعة أهداف الأول المحافظة على السير في المواقع المخصصة لذلك في كل المشاعر، والهدف الثاني منع عكس الاتجاه، والثالث منع حمل الأمتعة، والهدف الرابع منع الافتراش أما حمل الأمتعة فإن إدارة تنظيم المشاة لديها مهمتان في هذا الشأن الأولى متعلقة بالأمتعة نفسها والثانية متعلقة بمن يحمل الأمتعة. وعلق العميد العتيبي بالقول في حالة وجود أمتعة وعفش كثير نقوم بسحبها جميعاً ووضعها في صندوق أمانات، أما الحشود والأفراد الذين يحملون الأمتعة فإن المهمة تقتضي تعديل اتجاههم بحسب خطة الموقع حتى لا يتضرر بقية الحجاج وللمحافظة على التدفق البشري وتحويل المسارات خصوصاً في منطقة الجمرات. ولفت إلى أن الحجاج يفترشون في العادة فرادى ثم يتطور الأمر ليكونوا جماعات وهكذا يزداد حجم الظاهرة، وأكد أن القوة ترصد الافتراش من البداية وتكافحه. وأضاف لا يوجد وقت معين للافتراش، ومواقعه متغيرة بحسب الازدحام، ونحاول منذ البداية السيطرة على الافتراش أي منذ جلوس أول حاج. وكشف العميد العتيبي عن آلية تطبق لأول مرة وهي وجود قوة المشاة في بعض الشوارع، وتنظيم المشاة فيها، وتشغيلها بواقع خطة تتدبر موضوع الافتراش. وكان عميد معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة بجامعة أم القرى الدكتور عبدالعزيز بن رشاد سروجي أوضح في تصريح صحفي أن هناك دراسات جديدة لتطوير نظام الإيواء لإسكان الحجاج في منى ومخيمات متعددة الأدوار متدرجة الفراغات، مشيراً إلى أن المعهد نفذ 66 دراسة علمية جميعها تصب في مصلحة تطوير منظومة أعمال الحج. وقال المهندس عبدالله فودة، من معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة، عن دراسته المتعلقة بتقييم المشروع التجريبي لعمائر إسكان الحجاج في مشعر منى: "إنه في ظل التزايد المستمر في أعداد الحجاج والمعتمرين، ونظراً لمحدودية الحيز الشرعي لمشعر منى، وصغر وضيق مساحة الوادي بها، لم يعد قادراً على استيعاب تلك الأعداد وأماكن مبيتهم، وتقديم الخدمات الخاصة بهم وهذه أهم المعضلات الأساسية التي تواجه المسؤولين والمخططين. وأظهر استطلاع قامت به " واس " لمفترشين في مشعر منى وتحديداً شرق الجمرات وفي طريق الملك عبد العزيز، أن أغلب المفتشرين لا يحملون تصاريح للحج، وأسباب أخرى منها تخلفهم عن حملاتهم، إما بسبب ضياع أو فقد دليل الحملة، أو عدم وجود سكن، وهناك أسباب أخرى كالتعب والإرهاق أو تعطل وسيلة النقل.وأوضح الحاج عبد المحسن صالح ومعه عائلته أنه قرر الحج متأخراً ولم يستطع الحصول على تصريح، داعياً الله أن يتقبل حجه.والتقى مندوب واس ببعض الحجاج وهم ناما أحمد علي وطارق حكيم والحاجة مريم بيبيتي من إحدى البلدان الإسلامية يفترشون في طريق الملك عبد العزيز، الذين أوضحوا أن وسيلة نقلهم تعرضت لعطل مفاجئ ولم يجدوا وسيلة تقلهم للجمرات.أما يزيد بوغابي من جنوب شرق آسيا فضرب خيمة بلاستيكية بجوار طريق الحجاج إلى الجمرات عند ممر صدقي هو وعائلته بعد أن أضاع الحملة وقال لا ندري إلى أين نذهب، والآن اتفقنا مع أحد الكشافة لإعادتنا لمقر الحملة في منى. أما الأخوان بدر وحسن حميد وهما مقيمان في المملكة قالا إنهما يفترشان الطريق، يقول بدر: أنا أعرف تماماً أني مخطئ وأتمنى من الله أن يغفر لي لأني مضطر.وتحظى مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة بمشاريع إسكانية كبيرة ضمن المخطط العام لتطوير العاصمة المقدسة.وعلى الرغم من كل ما تقدمه المملكة في خدمة الحجاج، وكذلك حجم المشروعات الجبارة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة، إلاّ أنه يقابلها سلوكيات وتصرفات وخرق لتعليمات الحج من الحجيج تشوه صورة المنجزات التي رسمتها تلك النجاحات المتكررة بفضل الله في حج كل عام، من أبرزها ظاهرة الافتراش التي تأمل الجهات العاملة في الحج أن تخف وتزول بجهود جميع القطاعات ووعي الحجاج الذين يقومون بذلك.