في جولة رصد سريعة تحاول ''تواصل'' تزويد قراءها بمعلومات كافية ومؤكدة حيال ما يجري من انتهاكات الحوثيين للحريات العامة في اليمن والتي تجاوزت الحدود والقوانين الدولية والإنسانية، وبالتحديد منذ انطلاق "عاصفة الحزم" في 26 مارس الماضي. ففي تقرير حقوقي، رصد مركز صنعاء انتهاكات يومي السبت والأحد الماضيين "400" انتهاك تنوعت ما بين اختطافات، ومداهمات لمنازل، واقتحامات، وأعمال نهب لمقار حزبية ومؤسسات مدنية، وسكنات طلابية. وقال المركز: إن اليمن تشهد حالة "انهيار مريع" على صعيد الحقوق والحريات عقب انقلاب الحوثي، وأتباع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح على العملية السياسية. وبحسب التقرير، فقد توسعت دائرة تلك التجاوزات الإنسانية التي يتصدر قائمة مرتكبيها الحوثيون، لتشمل محافظات غير العاصمة، وتمتد إلى محافظات صعدة، والحديدة، وصنعاء، وذمار، وإب. وبلغ إجمالي الانتهاكات التي حصل المركز عليها من خلال الأسبوع الماضي نحو 400 انتهاك، توزعت على النحو التالي: المختطفون "318 مختطفاً"، اقتحامات المنازل "26 حالة"، اقتحام مقار مؤسسات وجمعيات ونهبها "33 حالة"، اقتحام مقار للإصلاح "16 حالة"، اقتحام سكنات طلابية "سبع حالات". وتركزت غالبية الحالات المذكورة في العاصمة صنعاء وخمس محافظات يمنية، حيث بلغت في العاصمة صنعاء: 263 حالة اختطاف و69 حالة اقتحام، بينما في محافظة صعدة: 11 حالة اقتحام وثماني حالات اختطاف، وفي محافظة ذمار: 11 حالة اختطاف وثلاث حالات اقتحام. من جهتها، دعت منظمة العفو الدولية جماعة الحوثيين في اليمن إلى الوقف الفوري لممارساتها غير القانونية كالتعذيب والاعتقالات التعسفية، مؤكدة في تقرير لخبراء المنظمة على وجود شهادات وأدلة مادية تثبت انتهاكات الحوثيين في حق المتظاهرين المعارضين لاستيلائهم على السلطة. صحافيو اليمن في زنازين الحوثي لم يكن الصحفيون والممارسون في حقل الصحافة والإعلام آخر من تطالهم انتهاكات الحوثيين، فقد تعرض الكثير منهم للعديد من الانتهاكات الممنهجة على وجه الخصوص. ففي 27 من مارس الماضي أقدمت ميليشيات الحوثي إلى اعتقال ثلاثة صحفيين بارزين من بينهم مراد العريفي، الذي قال على صفحته ب«فيسبوك»: «نحن ملاح وأفرجوا عنا، اتهمونا بالعمالة وأننا نبرر للحرب، أخذوا أجهزتنا الشخصية تحت مبرر أننا في ظرف الحرب، واعتدوا على الزميلين، فؤاد عابد وتوفيق المنصوري، وتهجموا عليهما». الصحفي والكاتب "سامي نعمان" هو الآخر قال: "احتجزنا مسلحو جماعة الحوثي لبعض الوقت، بينما كانوا في مهمة مداهمة ما سموها قناة الفتنة، يمن شباب: "التي تشجع العدوان الخارجي"؛ ولأن مكتب القناة كان مغلقاً داهموا مكتب صحيفة "المصدر" ظناً منهم أنه مكتب القناة. وتابع: «أخبرناهم أن مكتب القناة في الدور الأعلى فغادروا، وكسروا أبوابها واقتحموها، بينما لم يسمحوا لنا بالمغادرة من البوابة، وأخذوا أجهزة الكمبيوتر المحمولة، وفتشونا وطلبوا منا البقاء والانتظار"، موجهاً رسالة إلى الحوثي بعنوان: "إلى عبدالملك الحوثي ورجاله، أريد جهازي". وكتب طلال الشبيبي: "دخلوا علينا شاهرين أسلحتهم وصارخين كيف أنتم يا عملاء أمريكا وإسرائيل.. يا حقراء يا تافهون. أحدهم ملثم قال كل واحد يتفتش ويخرج على طول، وأمرنا أن نترك كل ما بحوزتنا من أجهزة". انتهاكات هستيرية ضد الإصلاح حزب الإصلاح الأكثر تأثيراً في اليمن، هو الآخر، لم تتوقف ميليشيات الحوثي من الانتهاكات في حق قياداته وأعضائه ومقراته، فقد واصلت ميليشيات الحوثيين المتمردة انتهاكاتها، خصوصاً بعد التصريح الأخير للحزب الذي أعلن فيه تأييده الكامل لعمليات "عاصفة الحزم"؛ الأمر الذي دفع بالحوثيين إلى شن حملة اعتقالات واسعة في صفوف قيادات الإصلاح وأفراده، ووضعهم في أماكن قد تستهدفها "عاصفة الحزم". ولم يقتصر الأمر على ذلك، فقد سارعت جماعة الحوثي عبر سلطاتها الانقلابية بإعلان حل حزب الإصلاح واعتباره تنظيماً إرهابياً، على حد قولهم. ووفقاً لإحصائية أولية نشرها مركز صنعاء الحقوقي في تقريره الذي أصدره الأسبوع الماضي، فإن ميليشيات الحوثي ارتكبت 159 انتهاكاً خلال 24 ساعة، فيما بلغ عدد المختطفين من قيادات وأعضاء حزب الإصلاح 122، واقتحمت الميليشيات 37 مقراً ومنزلاً ومؤسسة وسكناً طلابياً تابعاً للحزب في العاصمة صنعاء. وأصدر الإصلاح بياناً حذر فيه الحوثيين وحلفاءهم من الاستمرار في ما وصفها بالحماقات التي تستهدف الحزب، وقال رئيس الدائرة السياسية والمتحدث باسم الحزب سعيد شمسان، إن عمليات خطف قيادات الإصلاح التي تنفذها جماعة الحوثي لن تغير موقف الحزب الداعم لعمليات "عاصفة الحزم". انتهاكات الحوثيين في الجنوب لم يجد "الحوثي" ضالته في شمال اليمن، فقام بغزو الجنوب على أمل أن يجد شيئاً يحقق أهدافه الخارجية، من خلال السيطرة على الجنوب والاستفزاز المباشر لقوى التحالف العربي، وتحدٍ للإرادة الدولية. وشنت ميليشيات الحوثي وعناصر من الجنود الموالين للرئيس المخلوع أعنف هجوم بربري عسكري على مدن ومحافظاتالجنوب، كما قصفوا العديد من المنازل السكنية، والمباني بالدبابات والأسلحة الذخيرة، مستهدفين في ذلك كل مقومات الحياة. وتحدثت منظمة الصحة العالمية عن مقتل أكثر من 450 شخصاً في اليمن، من خلال الأسبوعين الماضيين، إضافة إلى إصابة نحو 2000 شخص. وأشارت منظمة الأممالمتحدة للطفولة ''اليونيسيف'' إلى أن حصيلة القتلى من الأطفال بلغت 74 طفلاً على الأقل، من خلال الأحداث الأخيرة التي شهدها اليمن. وسارعت المنظمات الدولية في جنوب اليمن إلى إدانتها؛ لما تقوم به ميليشيات الحوثيين من انتهاكات ضد المحافظاتالجنوبية، وإراقة للدماء وقصف للمنازل، ولما تقوم به من اختطاف لقيادات الأحزاب والنشطاء المناهضين لها. وفي تصريح ل''الجزيرة'' نبه رئيس تحرير "صحيفة الأمناء" العدنية عدنان الأعجم إلى أن "التركيبة العقائدية للجنوب ترفض الحوثيين باعتبار أن أبناء الجنوب كلهم من السنة، فيما يريد الحوثيون التوسع الطائفي الشيعي"، مضيفاً أن الحوثيين ليس لهم أي تأثير في الجنوب، وأن الجنوبيين يرفضون التمدد الحوثي باتجاههم.