أعلن المجلس العسكري الانتقالي في السودان، أمس، استئناف التفاوض مع قوى إعلان الحرية والتغيير، التي تقود الاحتجاجات في البلاد، اعتباراً من اليوم (الأحد)، وذلك بعد أن أوقفها لمدة ثلاثة أيام، منهياً بذلك حالة من التوتر والقلق سادت الأوساط الشعبية والسياسية في البلاد. وفي الأثناء أكدت الخارجية الأميركية ضرورة تأسيس «حكومة بقيادة مدنية حقيقية»، وحددت آخر يوم في الشهر الحالي لتحقيق ذلك. وعمّم إعلام المجلس العسكري، أمس، نشرة صحافية جاء فيها: «يعلن المجلس العسكري الانتقالي استئناف التفاوض مع قوى إعلان الحرية والتغيير، غداً (اليوم) الأحد، 14 رمضان، الموافق 19 مايو 2019 بالقصر الجمهوري». من جهتها، جددت قوى «إعلان الحرية والتغيير» موقفها المؤيد لمواصلة التفاوض، وقال عضو الوفد المفاوض مدني عباس مدني، ل«الشرق الأوسط»، أمس، إنهم سيستأنفون التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي بعد الاتفاق على زمان ومكان التفاوض. وكان رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق عبد الفتاح البرهان، قد أوقف في بيان بثه التلفزيون الرسمي، التفاوض بين الطرفين بعد وقوع أعمال عنف في الأيام القليلة الماضية، وطالب المعتصمين بفتح الشوارع الرئيسية التي كانوا قد أغلقوها بمتاريس. وعلى الرغم من مرور أكثر من شهر على عزل البشير، لا تزال الاحتجاجات مستمرة في البلاد، حيث يرابط عشرات الآلاف في اعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة ووزارة الدفاع منذ 6 أبريل الماضي، ويرفضون العودة إلى منازلهم قبل تحقيق «أهداف ثورتهم». وأثار قرار البرهان المفاجئ الذي أصدره الخميس الماضي، بتعليق المفاوضات، الشكوك حول جدية المجلس العسكري الانتقالي في تسليم السلطة لحكومة مدنية، على الرغم من إعلان الطرفين توصلهما إلى اتفاق حول هياكل الحكم وصلاحيات كل هيكل خلال الفترة الانتقالية التي تم الاتفاق على أن تكون 3 سنوات. ووصف قادة الاحتجاجات تعليق التفاوض بأنه «مؤسف»، بيد أنهم تمسكوا باستمرار الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش، وتوعدوا بمزيد من التصعيد والوصول به لمداه بإعلان العصيان المدني والإضراب الشامل. وبرر البرهان قراره بأن المحتجين أقاموا متاريس في مساحات واسعة من العاصمة الخرطوم، وأعاقوا حركة السير والقطارات، ومارسوا استفزازاً ضد الجيش وقوات الدعم السريع، واشترط للعودة للتفاوض إزالة المتاريس خارج منطقة الاعتصام الرئيسية حول قيادة الجيش، وفتح طريق القطار. كانت قوات على سيارات دفع رباعي وبزي عسكرية قد قامت بمحاولة لإزالة الحواجز بالقوة، واستخدمت الرصاص ضد المعتصمين، ما أدى إلى مقتل نحو 6 منهم وإصابة أكثر من 100، وهو ما اعتبره المعتصمون محاولة من الجيش وقوات الدعم السريع للتخلي عن تعهدها بعدم فض الاعتصام بالقوة، فسارعوا إلى تمديد مساحة الاعتصام وأقاموا الحواجز الرئيسية في عدد من الطرق والجسور، ما شلّ الحياة في الخرطوم. وبطلب من قادة قوى «إعلان الحرية والتغيير»، أزال المعتصمون المتاريس والحواجز التي أقاموها على الطرقات، وعادوا إلى منطقة الاعتصام المحددة سلفاً، بعد أن نظفوا المنطقة التي كانوا يسيطرون عليها، بيد أنهم تعهدوا بتحويل السودان إلى بلد من المتاريس حال تعثر المفاوضات مجدداً. واتفق الجيش وقيادة الحراك الشعبي يوم الثلاثاء، على هياكل ومستويات الحكم الثلاثة «المجلس السيادي، ومجلس الوزراء، ومجلس تشريعي»، وصلاحيات واختصاصات كل مستوى، وعلى فترة انتقالية قدرها 3 سنوات، على أن يواصلوا التفاوض الأربعاء الماضي لحسم نسب التمثيل بين العسكريين والمدنيين في المجلس السيادي، الذي سيحل محل المجلس العسكري.