الاختلاق والخلاف سمتان من سمات البشرية لتنوع الثقافات والمجتمعات والأديان والمكونات العقلية والجسمية والبيئية وغيرها من المؤثرات التي تؤثر بظهور مثل هذا الاختلاف أو الخلاف بدرجات متفاوتة تعبر بشكل مباشر عن ماهية هذا المكون من إنسان أو مجتمع وما يحمله من مكنوزات ثقافية. البعض يتحول من سمة الاختلاف إلى منحى خطر وحاد جداً بسلوك الخلاف ويتجه إلى أن يتشكل بصورة مرعبة من الفجور بالمخاصمة من خلال إنكار جميع أطياف الود التي كانت بينهما وينتهج سياسة تؤدي إلى الإيذاء النفسي والعاطفي ولربما الجسدي وهذا ليس منطلقه من فراغ بل يعبر بجلاء عن ماهية هذا المخاصم وخلفيته الثقافية التي انكشفت عند محكات الاختلاف لتتحول إلى خلاف عميق. من الطبيعة البشرية والسنن الكونية اختلاف الأذواق والاتجاهات والتطلعات والفروق الفردية بين البشر وكذلك إدراكهم للأشياء يختلف باختلاف العقول ولذلك من المهم أن تكون لدينا ثقافة الاختلاف وتقبل الرأي الأخر بما فيه من محتوى شريطة ألا يؤدي ذلك لهدم اللحمة الوطنية والمساس بالثوابت والقيم الوطنية والدينية والإنسانية وغير منافية للفطرة السوية. الكثير من الممارسات على مستوى الأسر يرتقي بعضها إلى مستوى عال من الخلاف الذي قد يؤدي بالتالي إلى هدم أركان تلك الأسر وتعريض مكنوناتها للتبعثر. عند الاختلاف في وجهة نظر معينة يجب أن يكون الاختلاف ضمن هذه الفكرة وعدم تجاوز أسوارها لأمور قد تتلف ما بقي من ود ولربما الإساءة لذوات هؤلاء المختلفين وطمس كل حسنة لهذا أو ذاك. أن سياسة الأرض المحروقة والتي ينتهجها البعض للتعبير عن غضبهم ومشاعرهم السلبية لا تنبت زهرا بل أنها لن تعود لإنبات أي شيء لو تراجع أحدهما عن هذا السلوك. فبناء العلاقات الإنسانية يتطلب جهد هائل من التفاعلات الإيجابية وبعد زمني ليس بالقليل ومن المهم المحافظة عليه من خلال استيعاب وفهم وممارسة ثقافة الاختلاف بما يمكننا ألا نتجه إلى الخلاف ذو العواقب المؤلمة. الاختلاف أدب والتعبير عنه فن وكلما امتلكت مهارة الاختلاف تمكنت من إدارة لعبة الحوار بما يفيد. الاختلاف لوحة تشكيلية ذات ألوان متنافرة ولكنها بتمازجها العجيب جعلنا نرى صورة إبداعية من التداخل الجميل ولكنها تتحول إلى تداخل ألوان عبثي دون معنى عندما ترفض تلك الأصباغ أن تلتئم في تلك المنظومة فتتنافر ويسودها الخلاف الضمني والعراك المنفر فلا نستسيغها مهما حملت من جهد. مستشار أسري ومدرب معتمد [email protected]