عصر الأمس زارني طالب بالمرحلة الثانوية وهو ابن جار عزيز لي، فتدارسنا معاً لمدة ساعة منهج اللغة الإنجليزية وعندما ذهب الشاب وقفت مع نفسي متأملاً بعد أن طافت ذاكرتي ربع قرن من الزمان عندما بدأت حياتي العملية كمدرس ثانوي لمدة 4 سنوات، وأذكر حينها كنت شديد الحماس ومفعماً بالحيوية من خلال العمل مع هذه الفئة العمرية وكأنني صاحب رسالة اجتماعية، فإيماني كان لا يوصف بطاقة هذا الشباب اليافع، فالتاريخ يشهد أنهم هم سواعد المرسلين وصناع الحضارات وقلب أي مشروع نهضوي، لكن بالمقابل الشباب وحدهم ليس بمقدورهم عمل شيء دون الاستعانة بخبرات الشيوخ وحكمة عقولهم. ففي مجتمع الصحابة الكرام جمع رسولنا العظيم صلى ﷲ عليه وسلم بين الفئتين فتجد عن يمينه شيخ وعن يساره غلام، إن الربط بين هاتين القوتين في أي مجتمع يضمن له السير المستمر في طريق المجد نحو بلوغ الهدف المنشود فالشباب ينطلقون بهمهم وعزائمهم الحية ولكن ليس من الصفر بل من حيث انتهت خبرة من سبقهم في معترك الحياة والعمل. إن نظرات ابن جاري وطموحه البعيد لتنبئ لنا أننا نملك مخزوناً هائلاً من الطاقات الشبابية الكامنة والقادرة أن تصل بنا إلى أبعد من 2030 في بضع سنين فهؤلاء هم ذهب الصحراء الطبيعي متى ما تضامن معهم الكهول والشيوخ وكافة مؤسسات المجتمع. كن ابن من شئت وزد ادبا يغنيك محموده عن أجمل النسب إن الفتى من يقول ها أنا ذا ليس الفتى من يقول كان أبي كتبه م.أ. محمد أحمد عبيد