حدثني أحد المبتعثين العائدين من الولاياتالمتحدة الأمريكيَّة أن أهمَّ درسٍ تعلمه هناك هو أن التشريعات والأنظمة تحمي الأمل وتفتح لِلنَّاس منافذ يطفقون إليها حين تشتعل جذوته فيهم، كنت أدرك ما يقوله وبالرغم من ذلك سألته: كيف توصّلت إلى هذا الاستنتاج؟ قال الرجل: كان يجلس بجانبي في جامعة فرجينيا رجلٌ كهلٌ أو «شايبٌ» بالمعنى العامي، في الثمانين من عمره يدرس بجدٍّ واجتهادٍ، ولا يكاد يتأخر عن محاضرة أو تقديم ما يفرضه علينا الأساتذة في الجامعة، حتَّى أصبحت أخجل من نفسي حينما أشعر بأن الكسل والدِّعة بدأتا تستبدان بي. يقول الشاب المبتعث: دفعني فضولي إلى سؤال شيخ الثمانين وزميلي في قاعة الدرس: ما الذي يدفعك إلى العودة إلى مقاعد الدراسة في هذه السن؟ وكيف سمحت لك الجامعة بالانتظام في صفوف الدراسة في هذا العمر؟ كانت صدمة الشق الثاني من السؤال كافيَّة ليقطِّب الكهل جبينه مبديًا خيبته من سؤال هذا الشاب اليافع!!. يقول الشاب الذي تعلَّم الدرس: أجلسني الشيخ إلى جواره وقال: كنت دائمًا ما يحدوني الأمل أن أكمل دراستي العليا.. وكنت على يقين أن الفرصة ستحين يومًا ما.. أما سؤالك عن كيفيَّة التحاقي بالجامعة فلا تختلف عنك غير أن الجامعة تخفض الضرائب في رسوم الالتحاق على من تجاوزوا الخمسين تشجيعًا لهم ودعمًا لآمالهم لتحقيقها.. قلت لصاحبي وأنا أحاوره: كم صاحب أمل في مجتمعنا وجد الأنظمة تعاكسه، وتحرمه من تحقيق حلمه الذي قد تموت جذوته في الثلاثين من عمر الشاب أو الفتاة بسبب صرامتها!!. كم صاحب مشروع وفكرة اصطدم حلمه بعقبة التمويل والدعم فتحوَّل إلى يائس بدل أن يسهم في زرع الأمل حوله.. كم صاحب موهبة وجد أن الأنظمة والمؤسسات لا تشجع إبداعه وتدعمه، فتحوَّل في نظر المقربين إليه إلى مبدع نصف مجنون!. إذا كان الأمل واحترامه هما ما منح هذا الكهل الثمانيني الفرصة إلى أن يحقِّق حلمه، بل أن يكون درسًا يتعلَّم منه هذا الشاب السعودي المبتعث... أليس الاهتمام بالأمل في نفوس شبابنا أكمل وأولى؟!... أتمنَّى، ولا حدود للأمنيات أن يعاد تشكيل كل الأنظمة والقوانين المُتَّصلة بواقع الشباب ومستقبلهم لتَتحوَّل إلى داعمة للأمل وحاميَّة له.. فحينما يموت الأمل لا حياة بعده دمتم بودٍّ وإلى لقاء.. عبر تويتر: fahadalajlan@