عفاف بنت عبدالعزيز الحقيل بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه، ومن والاه، وبعد: هل تعرفون كيف تُسبى العقول؟ وهل تعلمون كيف تُسلب الإرادة ويُقاد القطيع؟ هل تتذكرون لعبة الأعمى؟ حيث تربط عين اللاعب بقطعة قماش، ثم يبدأ من حوله يقودونه، يميناً فيمين، شمالاً فشمال.. وهو يترنح ويسقط ويدور حول نفسه، ولا يهتدي لطريقه، ومن حوله يضحكون منه.. يمين يمين.. شمال شمال!! تماماً يحدث لنا هذا عندما يتلاعب أرباب التغريب ومتنفذيهم بعقولنا، مستغلين جهلنا وغفلتنا، وممتطين مشاعرنا، وطيبة قلوبنا؛ ليخربوا بيوتنا بأيدينا وأيديهم! فلنعتبر يا أولى الألباب! ومن وسائلهم الخبيثة في هذا الاستلاب الفكري والثقافي، وسيلة المصطلحات الفضفاضة التي يستخدمونها لتمرير إفكهم المبين. ولعل من المصطلحات الرائجة هذه الفترة مصطلح (العنف) ضد المرأة، والذي يضرب على وتره المفسدون؛ ليضربوا المجتمع المسلم في قلبه النابض "الأسرة"، ويزلزلوا كيانه بتفكيكها وانحلالها! محاربة العنف ضد المرأة في الاتفاقيات الأممية، هو مصطلح مطاط، يحوي طوامَ عظيمة، وعواقبَ وخيمة على مجتمعنا المسلم، والمؤسف في الأمر أن هذا المصطلح قد انخدع به الكثير من الناس، متوهمين أن العنف الذي تحاربه الأممالمتحدة في وثائقها هو العنف الذي يفهمونه ويعرفونه، من ضرب المرأة وإيذائها والتسلط الظالم عليها جسدياً، أو نفسياً، أو اجتماعياً، أو اقتصادياً، وغير ذلك مما لا يقبله شرع ولا عقل. وبهذا الفهم السطحي يدافع الكثير من الطيبين عن وثيقة إلغاء كافة أشكال العنف ضد النساء والفتيات (2013). ويصفقون في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء! ولا شك أننا – جميعاً – ضد العنف مع المرأة، وضد كل ظلم أو جور ينزل بها، لكن دعونا نقف وقفة تأمل في تعريف العنف حسب وثائق الأممالمتحدة؛ لنعرف كيف ومتى نصفق؟! يُقصد بالعنف في وثيقة العنف ضد المرأة: [أي فوارق بين الرجل والمرأة في الأدوار وفي التشريعات]، ومن ذلك: - العنف المبني على الجندر (أي النوع)، حيث المطالبة بالمساواة التامة بين الذكر والأنثى؛ كونهما نوعاً إنسانياً!!، والمطالبة بالاعتراف بالشذوذ الجنسي، وعدم التمييز بين الأسوياء والشواذ، باعتبار ذلك خياراً شخصياً مبنياً على الجندر! - العنف الجنسي، ويشمل ما يسمونه الاغتصاب الزوجي، باعتبار تحرش الزوج بزوجته يماثل تحرشه بأجنبية، وعده عنفاً يستوجب عقوبة! ويشمل الكبت الجنسي الذي هو عدم السماح بممارسة الزنا بين المراهقين، والأحداث، والعزاب، والمتزوجين. ويشمل الاتجار بالمرأة، ويدرج ويتضمن تزويج البنت دون الثامنة عشرة، باعتبارها طفلة لا يحق لها الزواج، لكن يحق لها ممارسة الزنا أو السحاق، كحقوق جنسية لها، كما يحق لها الإنجاب دون زواج، وتسمى الأم المراهقة، أو الأم العزباء! - من العنف أيضاً: قوامة الرجل في بيته، وولايته على أهله، فهذا في شرع الوثيقة وأربابها يعد عنفاً! - من العنف أيضاً: الفوارق بين الرجل والمرأة، فبعض الأحكام، كالتفريق في الميراث، وأحكام الطلاق والزواج، كذلك يعتبر عنفاً! وبناء على ذلك؛ ولوقف العنف ضد المرأة ينبغي علينا: إلغاء التعدد، وإلغاء القوامة، وإلغاء الولاية، والنفقة، وأحكام الإرث، والعدة، والمهر، وسلب حق الطلاق من الرجل، والسماح بزواج المسلمة من كافر، ورفع الولاية الشرعية للرجل، وإباحة الحرية الجنسية بما فيها الشذوذ، ورفع سن الزواج إلى الثامنة عشرة، وتوفير وسائل منع الحمل للمراهقات، وتدريبهن على استخدامها مع أصدقائهن، وإباحة الإجهاض الآمن للزانيات في حال رغبن ذلك، وغير ذلك. ولتحقيق ذلك يجب – وفقاً للسيداو ولوثيقة العنف المذكورة – تغيير التشريعات والدساتير التي تخالف تلك البنود، واستبدال قوانين الأحوال الشخصية، من خلال استحداث مدونات أحوال شخصية جديدة تتضمن تلك الأحكام، أو بعضها مؤقتاً، ثم كلها لاحقاً! بل وصلت الحال بلجنة المرأة بالأممالمتحدة إلى أن تسعى لتحويل ما يسمى "جرائم العنف المبني على الجندر" إلى محكمة الجرائم الدولية؛ باعتبارها "جرائم حرب"! كل هذا لفرض هذه الوثيقة على نساء العالم أجمع، بقوة الأممالمتحدة! وبعد، يا عقلاء، ويا حصيفات قومي: هل بعد كل هذا يوصف من يرفض تلك الوثيقة الفاجرة، وما جاء فيها بأنه متخلف ورجعي وجاهل؟ من هو المتخلف والجاهل والأعمى حقاً؟! متى سنزيل قطعة القماش من على أعيننا، ونتوقف عن السير يميناً يميناً، شمالاً شمالاً..!! اللهم ليس لها من دونك كاشفة..