يطول الحديث كثيرا عن هذا العشق المتأصل بين الإنسان السعودي وأرضه التي ألفته والفها. وفي سالف الزمان، كان الناس يتساءلون: كيف لهؤلاء القوم يعشقون هذه البيداء القاحلة؟ وآخرون اختاروا ذرى الجبال الشاهقة الخطرة، لبناء مساكنهم على شفا صخورها العالية … ثم لا يرضون بتلك الديار بديلا. من ذي الذي يحيا في بطون الأودية السحيقة الموحشة المليئة بالهوام والسباع، حيث العطش والجوع والعراء حتى الفتهم والفوها؟ وما الذي يبقيهم في العشاش والعرائش المسقوفة بسعف النخيل وأفنان الأشجار المتناثرة على سفوح الجبال ووهاد التهائم وعلي شطآن البحار الهوجاء ذات الحر والقر؟ من يصنع ويطيق أعباءه ولا تخور قواه وينفد صبره، حتى يرافقه شظف العيش، وشبح الجوع، ويقارع الموت من أجل البقاء، ثم يشدو للوطن وينشط ليصف نفسه مع المصطفين في كل موقعة شريفة لها في توحيد الوطن صولات وجولات، و بعد أن ارتوت تلك الأمكنة بدمائهم الزكية، من أجل جمع شتات الوطن تحت مظلة التوحيد وراية الدين وبيرق الملك المؤسس الذي اختاره الله ليكون الملك الذي يثبت علي يديه العدل والأمن والسلام لهذه البلاد التي كانت شذر مذر. وبعد تضحيات وجهد مضن وعزيمة واصرار … آن لذلك الهيام أن ينبت ويخضر ويزهر على تلك الهضاب القاحلة، فإذا هي قد أصبحت رياضا خضراء مزهرة بالحب الدائم والعشق الأبدي لهذه الأرض المترامية الأطراف، وأضحى كل إنسان في هذا الوطن العظيم، يحمل في قلبه أعظم وطن وأقدس بقاع على هذه البسيطة… إن العشق الذي يحمله كل سعودي في داخله يولد معه بالفطرة، فهو سمعه وبصره وقلبه وعقه وكل جوارحه. لذا؛ عليك بأن لا تراهن أي سعودي على ما يشعر به من عشق وانتماء لدينه ووطنه وقيادته. كل ومضة وأنت يا وطني بخير.