تحلق أفكاري فتذهب إلى القريب البعيد، البعيد القريب، كتائه في الصحراء، يعرف أن مايراه سرابًا ولكنه لايتوقف عن ملاحقة ذاك السراب. وكيف له أن يتوقف، فما زالت نفسه تحدثه إنّا مع العسر يسرا إنّا مع العسر يسرا، ويامخرج يونس بن مَتَّىٰ، أخرجني من الظلمات إلى النور. وهكذا نحن مع كل تعرجات طرق الحياة، مع خيرها وشرها، عدلها وظلمها، ممتنون خاضعون لطبيعةٍ لانعرف لها ميثاقاً ولا وفاء. كبعض أنواعٍ من بشر تظن أنك ذاك التائه في الصحراء وهم الواحةُ الخضراء. تظن أنك ستنزل لذاك المكان القريب البعيد لتروي ضمئك وتحِطُ رحالك فيه، ولكنك تجد نفسك غارقًا في ذرات رمالها..إنها حيلةُ الصحراء. أنت تعلم أنها طبيعتها ومع ذلك لم تتوقف.. هي فطرة السليمُ فينا، من لايحمل مثقال ذرةٍ من ضغينة، لم يكذب ولم يغدر ليقنع من حولهُ بسلامةِ قلبة، لم يتلون -كالحرباء -مع أنني من معجباتها ولا أعلم لما هي مثالٌ للنِفاق والخداع، فهي تتكيف مع ظروف المكان والزمان في السلم والحرب في الشدة والرخاء. فهل تعلم ياعزيزي أن من صفاتها قدرتها على الإستدارة بعينها بدلاً من راسها..! تملك الحرباء رؤية تصل الى ١٨٠ درجة افقياً بحيث تتمكن من النظر بزاوية ٩٠ درجة،أي أنها تستطيع النظر للأعلى وللأسفل. لذلك ستجد الرزانة والثبات لتحديد الهدف ضمن قائمة جدولها فهي لاترتبك عند أقل اهتزاز ولاتنظر إلى الوراء أو تكثر من الإلتفات .. فطوبى لمن استطاع أن يهزم الصحراء ويتلون كالحِرْباء.
كتبه/ حصة بنت يحيى الزهراني ماجستير وظيفي في العلاقات العامة والإتصال المؤسسي