"للأرض رائحة تعذبني يثير بي الوجد أشواكها والسنابل يفاجئني عشقها كلما همست في المدى ساقية رقصت نخلة ساهية ضحكت زهرة في ضفاف جداول فينتفض القلب / ينبض قافية - قافية" * عاشقة أنا للأرض / وعشقي يعذبني / خوفاً عليها... * لا أحب العنف... / لا أحب من يستلذون بالعنف ويستمتعون بانكسار الروح وتوثبات الحلم، لا أحب من متعتهم تأمل اندلاع الخوف في القلوب والعيون. * لأنني كائن من شعور أثيري ولدت ووعود اللغة تفتح لي أبواب الانتماء. اكتشفت ذلك في غمغمات أمي تهدهدني في مهدي وتضمني الى صدرها الدافئ. في نبضها سمعت خفقات الأرض، وفي رائحتها الطيبة تعلمت أن أعشق رائحة الواحات الصحراوية حين يمنحها الحب انبجاس الخزامى. ولأنني أنثى اكتشفت أنني وأرضي كائن واحد خرافي الأبعاد، في أزمنة تصحرها أتصحر وفي أزمنة إزهارها أزهر. وفي تعاقب موسم صديها وسيولها تعلمت صلوات الاستسقاء. واقتنعت ان الاستقرار والأمن فرصة الإزهار هي النعمة الأثمن في وجودها ووجودي. / وأن كل ما عدا ذلك يمكن ان يعوض... * ربما هي الأرض في شراييني والاستقرار في تطلعاتي جعلاني شاعرة... / اكتشفت في أصداء مشاعري اجنحة اللغة واكتشفت في لغتي ملجأي من كائنات خرافية تقفز من الصخب لتهددني. / صرت أتكون في الكلمات حقيقة... أحلاماً قابلة للتماهي في كل ما هو خارج اللغة. وتبقى الأرض حضناً لأحلامي في انتمائي... وحنيناً في دمائي في اغترابي عنها. * لأني امرأة تحب وطنها حقاً أشعر بالخوف حين أسمع في أي صوت قريب أو بعيد وحشة الغضب. وأكبر خوف أواجهه هو اغتصاب آفاق السكينة. سكينة الدار وسكينة الأرض يملأني الشعور بالوجل عند أقل اشارة تشي بأن هناك ما قد يحمل لوطني مثقال ذرة من الضنك. ما قد يحول الزهر في دروبه وأحلامنا الى شوك مسمم. * أخاف من الحرب... حتى وهي بعيدة... / قرع أصداء طبولها ونفيرها يمسح من وجودي هدوء الطمأنينة. / لا يهم أي يد تقرع نواقيس النفرة والاستنفار... كلها ترعبني. / تعيدني طفلة مرتاعة تبحث عن أذيال أمها لتستمد منها الشعور بالأمن. * لم أتعايش مع نواقيس الصراع بين الجيران... / ولم أتقبل عطر منشم بين إخواني... ولا أتذوق حزن الدماء المهدرة تلون ساحات التلفزيون نقلاً عن أراض بعيدة. * أسمع همهمة في البعيد تهدد أرضي... / أسمع لجلجة في القريب تهدد أرضي... / آه يا وطني... ليتني أتحول ظلاً لأحمي أديمك من غضب صارخ بالنفاذ اليك / آه يا وطني... ليتني أتعملق كي أستطيع حماية ذرات أرضي وآفاق حلمك بي... / هذه الأرض رحم الحضارات أنجبت الأمس / لم تعقم الآن / لا بد أن تلد القادم الواعد المستحب * "للأرض رائحة تؤرقني / لأني ما زلت أحمل في القلب بعض التراب / وأحمل في العين جرحاً ووأطلبه مطراً فيفيض غباراً وملحاً".