ما بين أصالة ماضٍ وبريق مستقبل يقبع حاضر تعيشه بكل تفاصيله تتجاذبك تيارات متباينة مابين حنين وحذر وخوف. حنين يشدك لما سبق تتجاهل مافيه من آلام مواقف سخيفة وتجارب فاشلة وذكريات مزعجة، وتستحضر شريط براق فيه من الجمال ما يجعلك تتمنى لو يعود وانت على يقين أنه لن يعود فما مضى من أيام لا تتكرر إلا فيما ندر. تتذكر الماضي وأنت تعيش حاضر تظنه ( رغم رفاهيته ) قاسيا شاحبا لا جمال فيه إلا لحظات لا تقارن أبدا بما مضى كنت تنعم بالعيش في كنف والديك يطوقانك بالحب والحنان ويغدقان عليك من المشاعر ما يجعلك لا تحتاج لأحد أبدا، كنت حينها لا تفكر بحاضرك فكيف بمستقبل بعيد ، كنت تعيش اللحظة بكل تفاصيلها وتصنع دون ادراك منك ذكرياتك التي تسترجعها الآن، … في حاضرك أنت مطالب أن تعطي ولا تنتظر أن تأخذ ، تذوب كالشمعة لتضيء دروبهم ، تمنح دون أن ملل وبلا كلل ، تحلم وتحلم ومع أحلامك خوف وقلق من مستقبل لا تدري كيف سيكون ، ترى الحاضر أشبه مايكون بحقل ألغام تمشي فيه بحذر ، تتقدم ببطء خشية أن تزل قدمك فتهوي. تلتفت لماضيك برهة تحن إليه ، تشدك إليه بساطته وأصالته فلا تلبث أن تعود وعينك على مستقبل لا تدري كيف سيكون ، بريقه مخيف اذ ليس كل ما يلمع ذهبا، تعود لتسأل نفسك : هل الماضي أجمل باحداثه ورفاقه أيامه، ويمتد السؤال إلى أسئلة أخرى ؟ لِم نتغير ؟ لِم نتخلى عن بعضا منا كان الأجمل ؟ هل العيب فينا أم هو في الناس أم في الزمان؟ هل هو خذلان من الحاضر وخوف من المستقبل كي نعود لتقليب صفحات الماضي بشيء من خوف وحنين ؟ لِم تقف في المنتصف حائرا تتنازعك الرغبات؟ لا زلت تبحث عن نفسك تتجاهل سلبيات الماضي وتتذكر فقط منه ما يعجبك !! الخوف من سرعة الأيام وما تخبئه لك عطفا على ماتعيشه من حاضر غامض تتقاذفك فيه تيارات عجيبة وغريبة عليك لا ينبغي أن يفصلك عن ماضيك ولكن لايجب أن تتقوقع للعيش فيه فلا تقبل حاضرك وتخاف من مستقبلك فالحياة مراحل والأيام دول . كتبه/ أ. جواهر محمد الخثلان