كم مرة في عمرك تعرضت لأزمة أو مشكلة أو حدث جلل أو فقد عزيز. كم تبلغ من العمر اليوم، عشرين عاما؟، ثلاثين؟ أضف كما شئت من العشرات، ولكن أجب لنفسك عن سؤال واحد، بماذا خرجت بعد كل أزمة؟ هل خرجت متعلماً أم محطماً أم غير مبالٍ بما حدث؟، هل أضعت أيام حياتك متحسراً وباكيا على ما فاتك؟ أم نادماً على عدم ردك على من جرحك أو أهانك أو كان عثرة في طريقك؟، هل اكتفيت بما حدث لك وانغلقت داخل صومعتك تمشي بجانب الحوائط التي تظن أنها تؤمنك من الشرور إلى أن تصل بيتك وسريرك فتلتحف وتغطي رأسك وتنام، ظاناً أنك تتغلب على الوقت أو هارب مما يمكن أن يأتي من أحداث، إن كنت فعلت هذه الأفعال في يوم فأنت شخص يجرم في حق نفسه وحق من حوله. أضعت فرصا كثيرة وأياما أكثر من حياتك بلا فائدة، لم تفهم ما معنى أن يكون لك (عُمْر)، في هذه الحياة لا بد وأن تعيش كل ثانية به وأنت راضٍ عما تفعل، محاولا التغلب على ما تواجه، لم يخلقك الله عبثا ولم يضع أمامك العراقيل إلا لحكمة يعلمها، استخلفك في أرضه ووضع في رأسك أمانة أبت السموات والأرض والجبال أن يحملنها وحملتها أنت، عقلك وإيمانك ويقينك بمن خلقك هو الضامن الوحيد للتصدي لما واجهت أو يمكن أن تواجه من عثرات، يقينك بقدرة خالقك سيعطيك طاقة الحل والتعامل وسلك الطريق الصحيح. تغافلك عما واجهت وتجاهلك لكثير من التحفظات التي تظنها لا تتبدل وهي من صنعك أنت قد يأتي لك بعدد من الحلول. كن مشغولا دائما بوضع البدائل وبحقك في التجربة والتعلم وإن كانت في آخر يوم من حياتك. خُلِقت لتعبد خالقك وتعمل لإعمار الأرض ولم تخلق كي تبكي وتندم وتنام وتنظر إلى أيامك وهي تمضي دون فائدة. لا تدري أنك عندما تتمنى لنفسك النهاية أنها حين تأتيك ستُسأل عن عمرك فيما أضعته. كل منا لديه شيء جميل بداخله، الفرق بين من ينجح ومن يفشل أن الناجح هو من يضع يده على الكنز الذي بداخله ويجاهر به ويعلم كل من حوله عنه ويستخدمه، بينما يفشل الآخر عندما يجد الكنز ويغلق عليه سرداباً مظلما ويجلس فوقه يبكي على ما مر من عمره ولم يستمتع بذاك الكنز. كثير من البشر عندما تحادثهم تجد أنهم اختاروا لأنفسهم العيش بما مضى من السنوات وليس لديهم الرغبة مطلقا في العيش بما يسمى لدى البشر العاديين بالغد. يحدثونك عن الذكريات التي أصبحت ماضيا، وكأنها اليوم ربما لم يكونوا سعداء حينها، ولكنهم يفضلون أن يبقوا مكانهم خوفا من الآتي خوفا من التجارب. عمرك هو مِنحة من خالقك تتجدد كل يوم، عقد غير مشروط متاح لك كامل الحرية فيه كي تحيا كما تشاء تجرب وتحاول وتصل. جرب أن تجلس في بيتك بعد عناء أيام في عملك، وجرب أن تطيل البقاء لأيام وشهور ستشعر بالملل والرغبة في فعل الجديد مهما كان بيتك مرتبا يمتلئ بالعديد من صور الذكريات الرائعة التي رغم جمالها تظل صامتة فقد خلعت عنها الحياة. تريد الخروج ولو للسير في الطريق دون هدف، ذلك الشعور في حد ذاته هو من أعظم ما يقابلك. الخروج إلى العالم، التعامل مع بشر يتحركون يتقاسمون معك الحياة يخطئون ويصيبون، يحملون ملامح تتحرك معهم، يمكن اكتساب التجارب والتعرف على الفروق ومحاولة التأقلم مع من تعيش أو تجاور وتصادق معنى كلمة (حياة) هو النمو والبقاء فاختر هذا المعنى، وتعرف على معنى كلمة (موت) وارتباطها بكل ما مضى وانتهى، وحاول أن تتغاضى عن النظر خلفك إليها فإنها شئت أم أبيت ذهبت واندثرت تعلم منها وتذكرها ذاك حقك، ولكن الذي ليس من حقك هو العيش فيها والسجن بداخلها. في كل يوم تشرق فيه الشمس تولد حياة جديدة، لا تحرم نفسك من أن تعيشها كأنك تعيش لأول مرة، لا تلتفت أبدا إلى لحظات الغروب في الأمس هي كانت قاتمة ومظلمة، ولكنها أيضا كانت إيذانا لك بالنوم والراحة استعدادا لبزوغ الفجر وإشراق يوم جديد.