هل ترتد أحياناً إلى الوراء فتفتش في أوراقك ومقتنياتك القديمة وتسترجع ذكريات عفا عليها الزمن لتعيش معها لحظات منفصلاً عن واقعك! وهل تنظر بحنين إلى صور قديمة ثم تطلق لخيالك العنان لتسرح في ماضٍ بعيد عندما كنت طفلاً أو صبياً لا تحمل من هموم الدنيا شيئاً! إذا كنت تفعل ذلك باستمرار أو تحدِّث به نفسك وتسرد بعض حكاياتك الماضية على مسامع الآخرين بتلذّذ شديد فكن على حذر؛ لأن بعض المختصين يقولون لك إن تلك علامة ليست جيدة ف(النكوص) إلى الوراء والحنين إلى الماضي باستمرار يعني أنك تواجه صعوبات في الحاضر وأنك لا تستطيع أن تتكيَّف مع الحياة بشكل طبيعي! ويؤكِّدون أن تلك المتعة في تذكّر الماضي سببها أن ذاكرة الإنسان كما خلقها الله سبحانه وتعالى ذاكرة انتقائية؛ فهي خادعة أحياناً؛ أي أنها تنتقي كلما هو جميل في الماضي وتجعله في متناول عملية التذكّر وتبعد تلك الصور المؤلمة إلى آخر مستودع الذاكرة فلا يعود بالإمكان استرجاعها بسهولة، ولأن تلك الذاكرة انتقائية فهي تركِّز فقط على الأحداث المفرحة والجميلة، وهذا سرُّ حنين الكثيرين إلى الماضي لأنها لا تريهم إلا وجهاً واحداً من ماضيهم! ويقول أولئك المختصون إن الإنسان هو الذي يحدِّد كيف يتعامل مع معطيات العصر فيكسبها لصالحه أو العكس، وإن السعادة هي شيء نسبي، ويبدو أن هروب الإنسان إلى ماضيه أمر متعارف عليه مع أن ذلك لا يعني أن الماضي دائماً أجمل من الحاضر.. لأن هذا الحاضر سوف يصير ماضياً.. ولن نرى فيه إلا الصورة الجميلة التي تحن إليها ذاكرتنا الانتقائية!!