بقلم | عبير الأحمري اعتادت مخيلتي على ان تداهمني بين تارة واخرى فتعصف بي إلى اماكن وازمنة بعيده ، فتارة تأخذني إلى بلدان لم ازرها وتارة تقلدني مناصب لم انلها … وهلم جرا من خيالات قد تستحيل وقد لا تستحيل، الا انها بشكل او باخر كانت تنجح في انتشالي من رتابة الواقع، فأعود منها إليه بسعادة تعادل سعادة من قضت اجازتها الاخيرة متجولة بين بلدان اوروبا او اقل كثيرا ، الا ان ما حصل في المرة الاخيرة كان اشبه بكابوس او كان الكابوس بعينه إذ ان مخيلتي عاكست رغباتي الوردية على غير عادتها ، فعدت منها بخوف يعادل خوف من رأى الشياطين في ابشع حللها او اكثر قليلا … سامح الله مخيلتي فقد أبت هذه المرة الا ان تجعلني هدهدا يعيش في كوكب دري لا يفارقه النهار ، وشاءت ان اكون رسول الكوكب الى الارض لأخبرهم خفايا الظلام الذي يجتاح الارض على خلاف كوكبنا الذي لا يدركه الظلام، استعنت بالله وانطلقت تجاه الارض محملة بعدد من التنبيهات والتعليمات، ومع كل سنة ضوئية اقترب فيها من الارض كانت تصلني بعض الروائح المنبثقة من هناك بشكل اكبر… قليل من رائحة الماء ، وقليل من رائحة التربة ، وكثير من رائحة الدم … اقتربت من الارض اكثر حتى بت احلق مع طيور الارض على نفس الارتفاع ، صارت اصوات الارض تتعالى الى اسماعي حتى اني اكاد لا اسمع من هم يحلقون معي ، اصوات هتافات، اصوات بكاء وانين صغار، تعلو قليلا ثم تعلو حتى يعلو عليها صوت الرصاص … ثم تخفت ، كان المشهد في الارض احمر الدم والنار سيدا الموقف ، السماء ايضا بدت حمراء كأنها تعكس لون الارض ، وشيئا فشيئا صارت سوداء كأنها تعكس حال الارض، كان الظلام الذي ينتظرني في الأرض أكبر مما يظن جماعتي بانه ظلام ناتج عن دورة الأرض حول الشمس فيتعاقب على اثرها الليل والنهار ،الا ان الحقيقة ان الظلام كان يسكن اهل الارض فيقتلون ويعذبون ويشردون ويستحيون ويهجرون ويهدمون .. واشياء اكثر لم ادركها، فقت من تخيلاتي من هول ما رأيت قبل ان اعود الى كوكبي فأنبئهم بما رأيت ، لم يهدأ روعي كثيرا إذ ادركت اني على نفس الأرض التي هربت منها في مخيلتي .. الا اني ولعظيم حظي في شق امن لم ينله ما نال كثيرا من اقطار الأرض.