الإسراف يطلق على كل شيء يتجاوز حده سواء كان في الأقوال أو الأفعال، وهو صفة ذميمة وهي الزيادة التي لاداعي لها في أمر مباح مما يترتب عليه مفاسد دينية ودنيوية تدمر المجتمع ،وهو تصرف غير حضاري لأنه مخالف لتعاليم الأسلام لقوله تعالى” وكلوا وأشربوا ولاتسرفوا إنه لايحب المسرفين”وقول الرسول عليه السلام”كلوا وأشربوا وتصدقوا وألبسوا مالم يخالطه إسراف أو مخيله”وهناك قصتين سأذكرهما أما القصة الاولى فقد حدثت في عهد الأندلس حيث كان المعتمد بن عباد من ملوك الأندلس، وكان يملك الثروة والأموال الطائلة والنفوذ والقصور ولما أشتهت زوجته وبناته أن يخضن في الطين، فأمر بالعنبر والعود فوضعه في ساحة قصره، ورش عليه ماء الورد وأنواع من الطيب وعجن حتى صار مثل الطين، فتخوضت فيه أسرته وأراد الله بأن يذيق تلك الأسرة المترفة طعم الفقر والجوع بسبب الاسراف وعدم الحفاظ على النعمه، وصرن تلك النسوة اللاتي قد تخوضن في العود والعنبر لايجدن مايأكلنه إلا من عمل أيديهن في غزل الصوف أيضا و لايسد رمق جوعهن ،وأما القصة الأخرى فهي قد حدثت في عهد الملك خالد يرحمه الله حيث يرويها جدي عبدالعزيز رحمه الله ويقول عندما صحوت الفجر لأداء الصلاة وتوضأت وخرجت رأيت بيت شعر في الأرض والتي كانت للأميرعبدالله بن عبدالرحمن رحمه الله و المقابلة لبيتي، وعرقت بأن هذا الرجل قد جاء ليلاً، وقلت في نفسي أكيد هناك أمر ما جعله يفعل ذلك ،ثم قابله جدي ودعاه بأن يتناول القهوة مع المجلس الذي يجمعه مع الجيران كل عصر ،وبعد العصر جاء هذا الرجل وعرف بنفسه، وقال أنا أبوفلاح وتعرف عليه الجميع وعرفوه بأنفسهم وبعد فترة سأله جدي وقال له :يابوفلاح أنت جيتك هنا وفي الليل غريبه أكيد وراك سالفة كايده عسى مهوب ثار ،فقال ابوفلاح :صدقت يابو محمد أنا ماجيت عندكم هنا إلا هارب من جماعتي ، بسبب الفقر الذي دقني وأكل ماعندي من الحلال بسبب الإسراف والتبذير في الولائم ،ولقد إنتنهى الحلال الذي كان عندي لأني ماأقدر أقوم بواجب الضيافه لوجاني ضيف ،فقال جدي :كيف حدث ذلك؟! قال يابو محمد بيتي كان مفتوح للضيفان ليل نهار ولابد أذبح لهم واغديهم واعشيهم ولو يلفي على أحد والضيوف على الأكل فلازم أذبح له ذبيحه خاصه لحاله ولا ما أصير أكرمته، وهذا السبب اللي خلاني أشد من ربعي وأجي عندكم هنا ،عشان ماأحد يدري بمكاني، لأنه ماعاد حيلتي شي أبد و دقتني الديون فقال جدي: هذا مهوب كرم ولكنه اسراف وتبذير وتعريض النفس للتهلكة لم يأمر الله ورسوله به ،والكرم هو الجود من الموجود ،ولايكلف الله نفسا الا وسعها قال تعالى ” ولاتجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد مذموما محسورا”. فمن خلال هذه القصة الأخيرة هناك عادات إجتماعية سيئة والتي يعدها البعض كرم وهو الإسراف في الولائم وفي أحصائية لحملة “حتى لاتزول النعم”بأن مقدار الرز االمهدر في السعودية سنويا قد بلغ 75 الف طن وأن الهدر اليومي في الولائم مايقارب من 16 مليون وجبة غذائية في المناطق الوسطى والشرقية من السعودية، والتي تتصدر العالم في كمية الغذاء المهدر بمقدار 250 كيلو للفرد في السنه ،ومن مظاهر الإسراف أيضا هو التفاخر بوضع دهن العود في اباريق وصبه على أيدي الضيوف وهناك البعض من وضع الأوراق النقدية مع الشعير لتأكلها الأبل ،وآخر يطبخها وأخر يتظاهر بقتل أبنه ليغسل الضيوف بدمه ،وهناك من يلبس الأبل قلائد من الذهب وهناك التفاخر بالولائم في مهرجان مزايين الأبل ثم تكب هذه الولائم في الحاويات، وبعض النساء إذا ولدت قلبت المستشفى فندق حيث تقيم حفل وتغلف الشكولاته بفئات الخمسمائة ربال، لذلك لابد من ضرورة نشر الوعي لترشيد الإنفاق في حياتنا عموما، وفي الولائم والمناسبات خصوصا لقوله تعالى”إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ” فاقول لهؤلاء حافظوا على هذه النعم حتى لايعاقبكم الله بزوالها ،فحتى على مستوى الدول، صار هناك تقشف و تقليص في المصروفات ،وتذكروا بان هناك في بعض بلدان العالم مثل الصومال وسوريا والعراق واليمن من يموتون جوعا، ولتأخذوا أيضا العبرة بهبوط اسعادر النفط وغلاء الأسعار في كل شيء، كأكبر دليل وأعتبروا ياأولي ألأبصار. سلمان بن محمد البحيري