قبلة مثقفي عسير وما حولها من أعراب الثقافة، نادي أبها الأدبي، الذي نختلف ونتفق حول ما قدمه ويقدمه ولا ضير من الاختلاف الراقي الذي يهدف إلى التطوير من منظور ثقافي، ولكل وجهة هو موليها، ولا بد من تباين وجهات النظر المنطقية، وحرية التعبير حق مشروع للسائل والمحروم وقليل الفهم، يشهد للصرح العسيري كل حصيف عاقل بالغ العمر الأدبي والأخلاقي، عكس البعض الذين يشقون ويتلذذون أيضا بذلك الشقاء «والهياط الثقافي» وليس شرطا أن يكون المدح نفعيا، كما يتوهم البعض، بل هو نتاج مصداقية أخلاقية وثقافية وأرقام وحقائق يرتكز عليها كل منصف، دستوره «وما شهدنا إلا بما علمنا» إلا من أبوا وشذوا عن حياض الحقيقة فهم وتفكيرهم، وسيبقون أعمارهم «يباطشون» خلق الله، ولعل أدبي أبها أثبت أنه النموذج الإيجابي من خلال تفاعله مع كل الأطياف الثقافية بمختلف توجهاتها، فلم يقص أحدا منبريا أو طباعة أو عضوية ناد ولجان ثقافية، ومن خلال منجزاته في طباعة الكلمة التي بلغت 93 كتابا منوعا طبعت في أرقى دور النشر العربية «دار الانتشار العربي» طباعة فاخرة شهد لها حتى المنتقدون للنادي، صحيح أنه لم يطبع «لماركيز ولا لهمنجواي ولا لتولستوي ولا حتى للباولو كويلو» كما هي رغبة المنتقدين! بل طبع لأبناء الوطن والمنطقة والعرب المقيمين، «والجود من الموجود» فاتحا الباب على مصراعيه للجميع مؤمنا بقضاء الكلمة وفضاء الثقافة ونشرها، حتى إنه حلّق بالثقافة بعيدا عن قبة النادي فأنشأ سبع لجان ثقافية في المحافظات وخصص لها المبالغ الكبيرة، واستقطب إلى منبره أدباء ومثقفين كبارا لإثراء الحراك الثقافي في المنطقة، والنادي بمجلسه الراقي والمثقف حاول أن يكون بيتا للجميع فلم يعبأ بالمثبطين. ومما يحسب لمجلس أدبي أبها اشتغالهم بالعمل الثقافي فقط ملتزما الحياد، وأتاح المنبر والطباعة والمناشط الثقافية لكل الأطياف، موجدا مفاهيم جديدة، ومساحة للحوار المثري، حتى كانت اللجان الثقافية تنتج بدورها حراكا ثقافيا متنوعا في كل المحافظات، لم يحتكر المنبر والمكان والفعاليات تحت مظلته؛ بل أعطى اللجان الثقافية الحرية في تنظيم فعالياتها واختيار الفرسان الذين يثرون أمسياتها وهو ما حصل فعلا، حتى أضحى نموذجا لحرية الطرح والثقافة والطباعة، صحيح أنه لم يطبع أي رواية ولعل لدى لجنة الطباعة الأسباب الفنية في الأعمال المقدمة، لأن الطباعة تخضع للفحص والتقييم والتحكيم، ونعم إن النادي بمجلسه لم يتبن جائزة نادي أبها الأدبي لأفضل كتاب أو أفضل بحث أو قصة أو قصيدة.. ولعل ذلك في خططهم المستقبلية، من أجل ذلك وغيره تبوأ النادي مكانة لدى مثقفي المنطقة والعرب، ولعل اختزال اسم النادي في أبها يعد ملاحظة ربما يعاد النظر فيها لاحقا، حتى يكون (نادي عسير الأدبي والثقافي) ولن يؤثر ذلك في الاسم ما دامت إنجازاته عمت كل عسير وما حولها؛ بل تعدت الحدود ليشمل المحيط المحلي والعربي.. والواجب على العقلاء والمنصفين من قبيلة الثقافة، أن يشهدوا بما يرون من إنجازات مجلس أدبي أبها، فهذه أبسط حقوقهم علينا.. كمثقفين وأدباء.. ولا مانع من النقد وتوجيه الملاحظات، فمجلسه يرحب ويستمع لكل نقد يريد التطوير للعمل الثقافي والأدبي في المنطقة، ولكن فيما يبدو أن الخلاف من البعض شخصي وليس ثقافيا مؤسسيا، ومن يبحث عن مجد شخصي بخلافه مع النادي فلن يقنع حتى لو تولى رئاسة النادي، وأنا أقول إن الجميع استفاد من النادي الأدبي بشكل أو بآخر، ويفترض أن نتجاوز هذا التفكير في الطرح، لأننا في مرحلة جديدة من الوعي العام ومرحلة من التحول الوطني والرؤية 2030 ويجب أن يكون للمثقفين رؤية مواكبة وتحول في الفكر والتفكير حتى لا نكرس للجهل والتشرذم، فكل مثقف يستطيع أن يصل للشهرة بالصياح لكنه لا يستطيع أن يكون مؤثرا وهو ما يجب أن نسعى إليه.. التأثير الإيجابي في المجتمع.