بعد تقرير أمانة مجلس منطقة الرياض الذي حذرت فيه من خطورة ظاهرة الإعلان عن خدمات مدرسي الدروس الخصوصية وملصقاتهم الدعائية والترويجية التي يتم وضعها على أبواب المجمعات التجارية والعمائر السكنية والتجارية في معظم الشوارع، وما يترتب عليها من سلبيات أمنية واجتماعية وأخلاقية من حيث استدراج بعض طلاب المراحل الدراسية الأولى إلى منازل المدرسين والبعض منهم ممن يقيم بصفة غير مشروعة، إضافة إلى سلبيات أخرى تعليمية وتربوية، ماذا حدث؟.. لم يحدث شيء؟ لا تزال الملصقات موجودة على الجدران، ولم تزل الأسر تتواصل مع أصحابها، ضاربين بتحذيرات الأمانة عرض الحائط. (صحف) فتحت ملف ظاهرة الدروس الخصوصية من جميع جوانبه ومع جميع أطرافه إلا -مع شديد الأسف- التربية والتعليم التي لم تكن استجابتها على مستوى الأمل والطموح، فبعد أكثر من وعد غير مشمول بالنفاذ من الدكتور فهد الطياش المتحدث الرسمي بوزارة التربية والتعليم بالإجابة عن استفسارات صحف، آثرنا طرح القضية من دون إجابات الدكتور الطياش التي بدا لنا أنها غالباً لن تصل.بداية: تحدث محمد وهو معلم في إحدى المدارس الأهلية لمادة الرياضيات من مصر الشقيقة بأن الدروس الخصوصية ليست حقا شرعيا للمعلمين ولكني اضطر إلى تدريس المواد بهذه الطريقة لأن الراتب ضعيف إلى حدٍ ما فأحاول جاهداً تحسين وضعي المادي من خلال هذه الدروس والتي باتت في الآونة الأخيرة أقل بعض الشيء من السابق، خصوصاً بعد جعل الأسئلة لمرحلة الثالث الثانوي من المدارس نفسها وليست من وزارة التربية والتعليم كما في السابق، مؤكداً محمد أن الإقبال الآن على الدروس الخصوصية يأتي من طلاب المرحلة الجامعية لأن الطالب يكون معتاداً على طريقة معينة بالتدريس وعندما يذهب للجامعة يتفاجأ بنظام تعليمي مغاير عن الذي اعتاد عليه في السابق. وأضاف المعلم محمد: إن الوزارة لا تستطيع التدخل بتنظيم الدروس الخصوصية لأنه من الأساس لا يفترض وجود هذه الدروس، والوزارة لا تستطيع كذلك فرض نظام على الطالب في هذا الخصوص خارج أوقات الدوام، لذا فلن يأتي تدخل وزارة التربية بنتيجة إذا حصل تدخل منها. وأردف بأن أسعار الدروس الخصوصية بسيط جداً لأن عدد المدرسين الخصوصيين أصبع مرتفعاً. وفي جانبٍ آخر قال المعلم (س. ب) إن الطالب إذا كان من نفس مدرسة المعلم فلا يحق له بأي وجه من الوجوه إعطاؤه دروسا خصوصية خارج أسوار المدرسة، ولا بد أن يرفض المعلم هذا الشيء لأنه يجب أن تكون العلاقة واضحة بين الطالب والمعلم، بالإضافة إلى أن المدارس الأهلية تجعل المعلم يوقع على تعهد بعدم إعطاء الطلاب الدروس الخصوصية، لكن إذا كان الطالب من خارج المدرسة فلا ضير بأن يعطي المعلم دروساً خصوصية للطالب في هذه الحالة وتعد حقا شرعيا للمعلم لأن الطالب يصبح هو من أتى للمعلم وليس العكس، وكذلك المعلم يقوم بمهمته الأساسية وتقوية بعض الجوانب في مجال تدريسه للطالب، لأنه للأسف أصبح بعض الناس غير المؤهلين يقومون بإعطاء الدروس الخصوصية فتجد شخصا تخصصه حقوق ويعطي دروساً في الرياضيات!! وبالنسبة للإقبال على الدروس الخصوصية أوضح المعلم (س.ب ) بأنه يختلف من منطقة إلى أخرى، فبعض المناطق في مدينة الرياض يكون أولياء الأمور فيها حريصين جداً على مستوى أبنائهم في بعض المواد الدراسية فيلجأ للمدرس الخصوصي لتقوية ابنه فيها، وبعض الأحياء تكون نسبة الإقبال فيها متدنية جداً. وتساءل معلم الفيزياء (أ. م.ب ) قائلاً: هل يستطيع المواطن السعودي أن يعيش براتب قوامه 2000 ريال؟ بالطبع لا يستطيع في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، وكذلك المعلم الأجنبي لا يستطيع لأنه يأتي إلى المملكة ولا بد أن يعيش وفق طبيعة مجتمع الدولة التي يعيش فيها ولا أظن أن الرواتب القليلة التي تعطيها المدارس الأهلية للمعلمين كافية لهذا الشيء. وأردف الأستاذ (أ.م.ب ) بأن الدروس الخصوصية أصبحت سمة سائدة لدى الطلاب بمعنى أن الطالب هو من يأتي إلى المعلم وليس العكس، ولا يستطيع المعلم (المحترم) أن يفرض الدروس الخصوصية أصلاً على الطالب. وطالب (أ.م.ب ) بعودة النظام السابق في أن تكون أسئلة الاختبارات النهائية للطلاب من لدن الوزارة لأن النظام القائم حالياً سبب في إخراج طلاب غير جديرين بتجاوز المرحلة الثانوية، وأَشار المعلم (أ.م.ب) بأن الإقبال على الدروس الخصوصية من المرحلة الثانوية يكاد يكون منعدماً وأن الطلب عليها هو من طلاب المرحلة الجامعية. وتحدث المعلم عبدالجبار شيخ إدريس (سوداني الجنسية) والذي له قرابة 12 عاما معلماً في المملكة لمواد العلوم بأن الدروس الخصوصية في التعليم العام تمر بنقصان غير عادي بسبب إلغاء الاختبارات الوزارية مما جعل الطلاب يشعرون بالأمان من هذا الجانب. وأبدى المعلم عبدالجبار أسفه حيال الوضع التعليمي حالياً لدى بعض الطلاب قائلاً: الطالب لماذا يلجأ إلى الدروس الخصوصية؟ لأنه يبحث عن النجاح فقط وليس التحصيل العلمي مما جعل الطالب يبحث عن الشهادة على حساب العلم والتعلم. المدرس السعودي وتلخيص التلخيص وأشار المعلم (أحمد الشمري) إلى أن المعلم السعودي أحياناً يرغب في خوض مجال الدروس الخصوصية لكنه لا يستطيع بسبب عدم تقبل العائلات لوجود معلم سعودي في المنزل بالإضافة لعدم الثقة بقدرات المعلم السعودي. مؤكداً أن سبب انتشار الدروس الخصوصية هو غياب برامج التقوية التي كانت تقوم بها وزارة التربية والتعليم في وقت سابق، لأنها كانت تغني الطالب عن الدروس الخصوصية وتتسم بالشكل النظامي ومفيدة كذلك للطالب في جانب التحصيل العلمي. أما المعلم (محمد الدوسري) فأكد أن الإقبال على الدروس الخصوصية زاد بشكل أكبر بعد إلغاء اختبارات الوزارة؛ لأن مسألة نجاح الطالب من عدمها أصبحت في يد المعلم فيلجأ إلى الدروس الخصوصية طامعاً في تلخيص المادة له، وأحياناً لا يحصل على التلخيص فقط بل على (تلخيص التلخيص). فتوى وللشريعة رأي في الدروس الخصوصية، فقد سُئل فضيلة الشيخ عبدالله ابن جبرين عن حكم الدروس الخصوصية فأجاب: لا يجوز ذلك للمدرس في تلك المدارس وذلك مخافة أن يتساهل في إلقاء الدروس على الطلاب ولا يحرص على تفهيمهم ولا يوضح لهم شرح المادة كاملا، بل يتركه غامضًا حتى يضطروا إلى أن يدرسهم هو في منزله، أو منازلهم ويدفعوا له أجرة يتفقون عليها، وقد منعت من ذلك الوزارة فقد وقع سابقًا أن بعض المدرسين اشتركوا في مدارس أهلية فصاروا لا يلقون الدرس كاملا في الحصص المقررة فيحتاج الطلاب إلى المساهمة في تلك المدارس الأهلية وقصدهم بذلك كسب المال فإذا قطع طمعهم ومنعوا من التدريس في المنازل فإنهم ينصحون للطلاب ويحرصون على أداء الأمانة معهم. للطلاب رأيهم وأبان الطالب سلطان العنزي بأن الدروس الخصوصية منتشرة جداً في أوساط الطلاب، وأن بعضهم يلجأ إليها كي يحصل على أسئلة الاختبارات من المعلم وبعض الطلاب ينجح في هذا. من جهته، قال الطالب سلطان حسين إنه سبق له أخذ بعض الدروس الخصوصية في مادة الرياضيات ولكن بشكل دوري وغير منتظم، وأرجع سبب لجوئه لهذه الدروس إلى أنه يحتاج إلى مراجعة بين فترة وأخرى لمادة الرياضيات. وأشار الطالب سلطان إلى أن قيمة الساعة الواحدة 150 ريالا للدروس الخصوصية وهو سعر مناسب جداً. واستغرب سلطان للاعتقاد السائد بأن الدروس الخصوصية هي من تجعل الطالب متفوقاً بدراسته أو تساعده على رفع نسبته لأن الطالب يتعرض لاختبار تحصيلي أو اختبار للقياس الذي لا يوجد له دروس خصوصية أو مساعدة مباشرة. وتحدث الطالب أحمد السيد بأن سبب لجوء الطالب إلى الدروس الخصوصية يعود في المقام الأول للطالب نفسه لأنه إذا أهمل تحصيله الدراسي فسيلجأ إلى الدروس الخصوصية التي ستعوضه عن إهماله بعض الشيء. وقالت الطالبة حنان الحماد: إن سبب لجوئها للدروس الخصوصية هو «سوء شرح المعلمة للمواد العلمية التي احتاجها بالإضافة لضيق وقت الحصة الدراسية وازدحام الفصل الذي يكتظ بالطالبات خصوصاً في المدارس الحكومية». وأضافت الطالبة حنان إن عدد الطالبات اللاتي يلجأن للدروس الخصوصية كبير سواء في المدارس الحكومية أو في المدارس الخاصة وتزداد هذه الأعداد في فترة الاختبارات بشكل ملحوظ. أولياء الأمور وفي جانب أولياء الأمور تحدثت لصحف ولية الأمر (أم أسامة) التي اشتكت من الضغط المادي التي تسببه الدروس الخصوصية لميزانية العائلة، خصوصاً في الصف الثالث الثانوي، «ولم أجد فائدة كبيرة من هذه الدروس للأسف بل بالعكس كانت تسبب ضغطا كبيرا على الطالبة والعائلة في نفس الوقت، لأن عدم النجاح أو الفشل في الإتيان بالدرجة المناسبة سيدل على فشل المعلمة والطالبة أو المعلم والطالب لأن النجاح شيء مشترك بين الطرفين». من جهته، أكد الأب ناجي على عدم حاجته للدروس الخصوصية لأنه أصبح هناك بدائل وهي ناجحة ومغنية بشكل مناسب عن المدرس الخصوصي، ألا وهي كتب التبسيط والأقراص المدمجة التي تأتي بطريقة الصوت والصورة وتباع بسعر مناسب وتستطيع أن تشاهدها بأي وقت تريد وهي علمية بشكل دقيق، عكس المدرس الخصوصي الذي لا تراه إلا بمبلغ مالي ونتائجه غير مضمونة!