القصيم، نجران، الدمام – فهد القحطاني، بدور العسيري، صالح الأحمد طالب: أخجل من سؤال الأستاذ في الفصل فضعفّ تحصيلي الدراسي! العمري: تقوية مسائية نظاميّة في كافة المواد بمائتي ريال لكل مادة حمدان: لابد من اجتماعات دورية وانتشار الظاهرة سببه تقصير المعلمين! النّصار: هناك استغلال للطلاب والطالبات والوزارة أصدرت تعاميم وعقوبات رادعة معلمة: الأسر راضية لأننا نشرح لبناتها ما يصعب عليهن فأين الخطأ؟ الدسيماني: إهمال المعلم يؤدي إلى الكسب الحرام المنيع: الوزارة وحدها لا تكفي.. نحتاج تعاون أولياء الأمور ينتعش سوق «الدروس الخصوصية» في الأيام الأخيرة التي تسبق الاختبارات في كل فصل دراسيّ، لا سيما نهاية كل عام، حيث أصبحت الظاهرة منتشرة في كل مناطق ومدن المملكة، بشكل كبير وملحوظ، خاصةً هذه الأيام مع اقتراب موعد الاختبارات، حيث انتشرت إعلانات المدرسين الخصوصيين في معظم الشوارع والطرقات، وعلى أجهزة الصرافات الآلية، وأبواب المحال التجارية، والمكتبات، وسيارات التوصيل الخاصة. وتتسبب ظاهرة الدروس الخصوصيّة في إحداث «هوّة مالية» لدى أولياء الأمور، ليردمون بها «هوّة تعليميّة» لدى أبنائهم وبناتهم الطلاب والطالبات! إهمال أثناء الدراسة وقد عزا عدد من الطلاب التقتهم «الشرق» أسباب لجوئهم للدروس الخصوصية إلى صعوبة المواد العلمية، وعدم استيعاب شرح المعلمين في فترة الدارسة، فضلاً عن انشغالهم طيلة أيام العام بمتابعة الشات والفيس بوك، ومتابعة الفضائيات، خصوصاً الرياضية، وهو ما يولد عندهم ضعفاً دراسياً يجعلهم يحتاجون إلى المساندة عن طريق الدروس الخصوصية، التي أصبحت تستغل بواسطة المعلمين، حيث يصل سعر المادة الواحدة مثل الرياضيات، ما بين 500 إلى 1000 ريال، فتضر الأسر لقبول هذه الأسعار، كون هذه المواد تؤثر تأثيراً كبيراً في المعدل، وتحتاج لدراسة جيدة. غلاء المعيشة من جانبهم قال عدد من معلمي ومعلمات الدروس الخصوصية، إنّ السبب في التحاقهم بالتدريس الخصوصي في هذا التوقيت بالذات، هو الحاجة الشديدة للمال، ولصعوبة الحياة، كما أنّ الدروس الخصوصية تخفف على الطالب الكثير من الضغوط التي تصاحب فترة الاختبارات، حيث يشعر الطالب بأنّه بحاجة إلى من يختصر له عدد صفحات الكتاب، ويلخص له ما هو مهم، ويختصر عليه الوقت في المذاكرة، ويجنبه الكثير من العناء. ارتفاع أسعار الحصص من جانبهم أبدى عدد من أولياء الأمور انزعاجهم من ارتفاع أجور المدرسين الخصوصيين، ووصفوهم بالاستغلاليين، لأنهم يرفعون سعر الحصة الواحدة ما بين 500 ريال إلى 1000 ريال، على الكتاب الواحد، كما يختلف السعر باختلاف المرحلة الدراسية، كذلك يستغلون صعوبة المادة، كما تختلف الأسعار إن كان الطالب سيدرس منفردا أو مع عدد من إخوانه، أو طلاب آخرين. وقد استنكر عدد من أولياء الأمور، تجاهل الجهات الحكومية في التصدي لهذه الظاهرة، أو تحديد رسمي يؤطر عمل المدرسين الخصوصيين، فبعضهم يكون تخصص المعلم في اللغة الإنجليزية، لكنه يقوم بتدريس بقية المواد العلمية مع مادة الإنجليزي! وطالب أولياء الأمور بالحد من عشوائية انتشار إعلانات المدرسين، التي انتشرت في كل شارع وفي كل زاوية، مسببةً تشويشاً لأفكار الطلاب، وأغرتهم وجعلتهم يفكرون في الاعتماد الكلي على المدرسين الخصوصيين لتحقيق النجاح. وقال أولياء الأمور إنهم لا يطالبون بقطع أرزاق هذه الفئة، ولكن حديثهم من حرصهم على أبنائهم، وألا تقع الأسر ضحية للنصب والاحتيال مقابل حاجة المدرس الخصوصي للمال. الامتحانات توتر وشد أعصاب! وفي لقاء مع إحدى الفتيات، تلجأ دائماً إلى المعلمة الخصوصية، تقول بيان أحمد وهي طالبة في الصف الثالث الثانوي يعتبر المعدل التراكمي هو أحد الأسباب التي جعلتني ألجأ إلى الدروس الخصوصية، رغم مشكلة ارتفاع سعر الحصّة، لكنني مضطرة لدفع هذه المبالغ، فالدرس الخصوصي يقلل علي الوقت، ويجعلني أكثر استعداداً للامتحانات التي يصاحبها شعور بتوتر الأعصاب، والقلق، وهنا أشير إلى أنني زرعت كلية، وصحتي لا تحتمل التوتر وشد الأعصاب الذي نشعر به أثناء الامتحانات. وعن أسبوع المراجعة، تقول الطالبة نهى وليد وهي أيضاً في الصف الثالث الثانوي أسبوع المراجعة هذا نسمع به من أخواتنا، اللاتي تخرجن منذ وقت طويل، أمّا الآن فتدخل المعلمة وتبدأ بسؤالنا: هل لديكم أي استفسار يتعلق بالمنهج؟ في حال لم تلق رداً من الطالبات، استأذنت، وبقينا صامتات في الفصل! لذا نحن لا نحتاج للمدرسة الخصوصية طوال العام، فقط نحتاجها في أسبوع المراجعة. إعلاناتهم للقبض عليهم! من جانبه يرى ولي الأمر أحمد عبد الله أنّ وزارة التربية والتعليم لم تسع لمحاربة مشكلة الدروس الخصوصية، ويصفها بغير القانونية، وأنها تعتبر «مخالفة قانونيّة» يجب المحاسبة عليها، ويضيف أنّه بإمكان الوزارة محاربة هذه الظاهرة، فالوصول لهؤلاء المعلمين سهل، عن طريق الإعلانات المنتشرة في كل مكان، ولابد من وضع حد لهذا الأمر. أمّا أم يحيى فترى أن الدروس الخصوصية تعمل على إحداث زلزلة مالية في ميزانية الأسرة، لأنّ المبالغ التي تأخذها المُدرسة أو المدرس الخصوصي في فترة الامتحانات، كبيرة جداً، خاصة وأنّ بعض الأسر لديها أكثر من طالب، وقد يحتاج ولي الأمر إلى أكثر من مدرس واحد! قولوا لنا شكراً! وتقول»م.ر» وهي مدرسة خصوصية من جنسية عربية، تعمل على تدريس الطالبات في جميع المراحل، حتى الجامعية، وطالبات الطب أيضاً: إنّ ما تقوم به هو عمل لا نقول نظاميا أوغير نظامي، لأنّه تدريس خاص، برغبة وطلب أسرة الطالبة. وتضيف: إنّ ما نحصل عليه من هذه المهنة، هو حق طبيعي، لأنّه نظير جهد مرئي ومكشوف، وهو مصدر الدخل الأول لنا في الغربة، ونحن راضون، وينبغي أن تكون الأسر راضية، فنحن نساعد الطلبة، ونشرح لهم ما يصعب عليهم، ونكون السبب بعد الله في نجاح الطالبة، وتوصيل المعلومات الدراسيّة لها، حيث نجدها تجهلها تماماً. حرج من سؤال المعلم! يقول الطالب محمد أحمد في المرحلة الثانوية في القصيم، إنه يستعين بالمدرس الخصوصي في المواد العلمية، في الرياضيات والفيزياء والكيمياء، وكذلك في اللغة الإنجليزية، مشيراً إلى أنها من المواد التي تصعب عليه، ويتحرج من سؤال المدرس أثناء الحصة لهذه المادة. أما طالب عبدالحليم السيد، فقد أكد أنّه، منذ بدء تعليمه إلى هذه المرحلة، لم يفكر في الحصول على مدرس خصوصي، بل إنه يتواصل مع معلم المادة في كل ما يصعب عليه، خاصةً في الأسابيع الأخيرة التي لاتكون فيها حصص دراسية. دروس خصوصيّة حكوميّة! محمد النصار من جانبه أكد مدير أدارة التربية والتعليم في محافظة البكيرية محمد سعود النّصار، أنّ الدروس الخصوصية فيها استغلال للطلاب والطالبات، وتعتبر وسيلة لاستنزاف جيوب الطلاب وأسرهم، وقال النّصار إنّ وزارة التربية والتعليم أقامت مراكز للخدمات التربوية في المدارس لإعطاء الدروس الخصوصية بشكل نظامي ومقنن، وذلك برسوم رمزية، تساعد الطلاب والطالبات على التغلب على الصعوبات التي تواجههم في التحصيل الدراسي، وتستقطب هذه المراكز المعلمين والمعلمات الأكفاء. وأشار النصار إلى أن وزارة التربية والتعليم أصدرت تعميماً بإجراءات نظامية تطبق على المعلمين الذين تثبت ممارستهم للدروس الخصوصة، للحد من هذه الظاهرة الخطيرة. السبب تقصير المعلمين! د.مبارك حمدان إلى ذلك أوضح وكيل كلية الأمير سلطان للسياحة والإدارة، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك خالد، الدكتور مبارك حمدان، أنّ السبب الرئيس في انتشار الدروس الخصوصة في مجتمعنا، خاصةً أيام الاختبارات، أن المعلمين والمعلمات لم يقوموا بدورهم كما يجب، من المراجعة المستمرة للطلاب والطالبات، ومراعاة الفروق الفردية بين الطلاب والطالبات، حيث يفترض على المعلم والمعلمة، المتابعة الدقيقة، بشكل يومي للطلاب، ومعرفة نقاط الضعف لديهم من أجل معالجتها. وأكد حمدان بأنّه يفترض على المدرسة أثناء الفصل الدراسي عقد اجتماعات مستمرة مع المعلمين وأولياء الأمور، وبعض من الطلاب، لمعرفة بعض النواقص التربوية والتعليميّة التي يجب التغلب عليها أثناء الفصل الدراسي، ومن ضمنها المستوى الدراسي للطلاب والطالبات، حيث يتم إنشاء مركز تربوي في المدرسة للطلاب الذين يعانون من انخفاض المستوى الدراسي، ولا مانع من أخذ مبالغ رمزية تمنح للمعلم أو المعلمة التي تعمل في تلك المراكز. وناشد حمدان المعلمين والمعلمات بأن يعملوا في تلك المراكز من أجل الرقي بأبناء هذا الوطن، حتى لو مجاناً، دون مقابل، حيث إنها تعتبر خدمة للوطن، مشيراً إلى أنّ الياباني يعمل ساعة بالمجان من أجل اليابان، فما بالك بأبناء الحرمين الشريفين. للقضاء على الظاهرة عبدالله العمري من جانبه أوضح مدير إدارة التوجيه والإرشاد بتعليم المنطقة الشرقية عبدالله العمري ل «الشرق» أنّ وزارة التربية والتعليم، تسعى جاهدة للقضاء على انتشار الدروس الخصوصية من قبل بعض المعلمين النفعيين، واستغلالهم لجيوب أولياء الأمور والطلاب، بحجة المزيد من التحصيل العلمي ورفع درجات التحصيل، وذلك من خلال شروعها في منح إدارات مدارسها صلاحية افتتاح مراكز الخدمات التربوية، في برنامج التقوية المسائي، للمرحلتين المتوسطة والثانوية، في كافة المواد، وهي خطوة ترمي إلى مساعدة الطلاب المتأخرين دراسياً، أو الطلاب الراغبين في رفع مستواهم التحصيلي، وتحقيق توافقهم الذاتي والاجتماعي، وبرسوم مالية ميسرة، بحيث يتم التنسيق بين مدارس الحي لاستقطاب الطلاب المحتاجين للتقوية. مائتا ريال للمادة وأشار العمري، إلى أنّ عدد المراكز التربوية التي تم افتتاحها في الشرقيّة لهذا العام، بلغت قرابة أربعين مركزاً منتشرا في عدد من مدن ومحافظات المنطقة، للمرحلة المتوسطة والثانوية، وأضاف أن التدريس فيها يتم برسوم رمزية، محددة باللائحة التنظيمية الصادرة من الوزارة بهذا الخصوص، وهي مائتا ريال للمادة بالمرحلة الثانوية، و150 ريالا للمادة بالمرحلة المتوسطة، وتكون الدراسة بواقع أربعة أسابيع في كل فصل دراسي، في الفترة المسائية، وبمعدل 12 حصة خلال الفترة الواحدة، بمعدل ثلاث حصص في الأسبوع، مدة كل حصة ساعة، يقدمها معلمون متخصصون في كل مادة، مع وجود المرشد الطلابي ومدير المدرسة. وحول أسباب عدم استيعاب بعض الطلاب للمادة أثناء الحصة خلال اليوم الدراسي، أشار لعدة أسباب، يأتي في مقدمتها كثافة الطلاب في بعض الفصول، حيث يتراوح عددهم لأكثر من ثلاثين طالباً، مما يعيق فهم البعض منهم لشرح المادة، خصوصاً وأنّ الحصة موزعة ما بين الشرح والكتابة والتصحيح، فضلاً عن ضعف استيعاب بعض الطلاب للمادة، وشرح معلميهم. الشرقيّة: ممنوعة بتاتاً كما لفت العمري إلى الجهود التي تبذلها إمارة المنطقة الشرقية للحد من ظاهرة انتشار الدروس الخصوصية، من خلال توجيهها للإدارات الحكومية المختصة، بمنع وإزالة الملصقات الترويجية للدروس الخصوصية، والمنتشرة بالقرب من المراكز التجارية والمدارس، لافتاً في الوقت نفسه إلى أنّه في حالة اكتشاف معلمين يتبعون لتعليم المنطقة، ويقدمون الدروس الخصوصية، يتم إحالتهم للتحقيق، واتخاذ الإجراء النظامي ضدهم، مشيراً إلى أن تعليم المنطقة يصدر سنوياً تعميماً يستهدف المدارس الأهلية، تتضمن توجيه معلميهم بمنع تقديم الدروس الخصوصية بتاتاً، وأن من يخالف ذلك تتخذ بحقه العقوبة النظامية. معلمو ردم الهوّة! خالد الحماد من جهته حذر مدير إدارة الإعلام التربوي بتعليم المنطقة الشرقية، خالد الحماد، أولياء الأمور والطلاب والطالبات من نتائج اللجوء إلى مدرسين خصوصيين، خصوصاً وأن البعض منهم غير مؤهل، ولا يفقه شيئاً في مجال التعليم، وأضاف أنّ الأسرة تقع عليها مسؤولية كبيرة حيال هذه القضية، لاعتمادهم على المعلم الخصوصي، وعدم متابعة أبنائهم، طيلة العام الدراسي مع المدرسة وفي المنزل، مما يحدوهم لردم تلك الفجوة، بالاستعانة بمعلمي الدروس الخصوصية. لجنة لمحاربة الظاهرة ناصر المنيع من جانبه أوضح مدير عام التربية والتعليم بمنطقة نجران، ناصر بن سليمان المنيع، أنّ وزارة التربية والتعليم لا تألو جهداً في محاربة هذه الظاهرة، وفي إدارة التعليم في نجران، سبق وأن شكّلت لجنة مختصة، لتتبع مثل هذه الأمور ورصدها. وأكد المنيع أنّ الإدارة لوحدها لا تكفي لمحاربة الظاهرة، ولابد من جهود أولياء الأمور، للتعاون والإبلاغ عن المعلمين الذين يقومون بهذا الأمر. وقال المنيع: هناك للأسف من يدعي أنه متخصص في مادة معينة، وهو لا يعلم عنها شيئاً، ويغذي الطلاب بمعلومات مغلوطة، ولا تهمه مصلحة الطالب، بل يهمه المال! وأشار المنيع إلى وجود لوائح وأنظمة تطبق على كل من يتم ضبطه، لأنّ هذا العمل يعتبر مخالفة صريحة لأنظمة وزارة التربية والتعليم. لا يجوز شرعاً الشيخ صالح الدسيماني وحول ظاهرة الدروس الخصوصيّة، قال مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في منطقة نجران، الدكتور الشيخ صالح الدسيماني: هناك قصور واضح من الجميع في السماح لانتشار هذه الظاهرة، وعلى الجميع مراقبة الله في عملهم، فالمعلم أو المعلمة، الذي يتقصد التقصير في عمله، بغرض إقناع الطالب، أو ولي الأمر، بحاجة الطالب لدروس خصوصية، ويكون القصد من وراء ذلك كسب المال، فهذا يدخل في الاحتيال والنصب، وما يكسبه يعتبر مالاً غير شرعي، ولايجوز.