قال أحد سكان مدينة حماة السورية المحاصرة منذ بداية شهر رمضان قبل أربعة أيام أن العملية العسكرية التي يشنها الجيش السوري ما تزال مستمرة، مشيراً إلى وجود قتلى سقطوا متأثرين بجراحهم حتى بعد وصولهم إلى المستشفيات بسبب انقطاع الكهرباء ونقص المعدات، متحدثاً عن وجود ما وصفها ب"الإبادة الجماعية" في أحد الأحياء. وقال شاهد العيان من حماة مشترطاً عدم كشف اسمه أن سكان المدينة يعانون جراء انقطاع الاتصالات والكهرباء، مضيفاً أن الجيش يقوم بقصف حماة بعدما أحكم الطوق حولها، مانعاً الدخول إليها أو الخروج منها. وبحسب ما قاله الشاهد فإن القناصة انتشروا في أماكن حيوية المدينة، وهم يقومون بإطلاق النار على الذين يحاولون الفرار إلى خارج حماة. وقال الشاهد إنه علم بسقوط عشرة قتلى على الأقل الخميس، وجرح العشرات، وأضاف أنه سمع عن "إبادة جماعية" في منطقة محددة من المدينة. وكانت منظمات حقوقية قد أشارت إلى سقوط العديد من القتلى برابع أيام العملية الأمنية التي ينفذها الجيش السوري في مدينة حماة الخميس، في حين تواصلت المظاهرات المناهضة لحكم الرئيس بشار الأسد في عدة مدن، بينما أنذرت قبائل وعشائر دير الزور الجيش بسحب قواته، مهددة بالدفاع" عن السكان في حال حصول هجوم. وجاء في البيان الصادر عن عشائر وقبائل ديرالزور مطالبة الجيش بسحب قواته والمجموعات الأمنية من مدن ومناطق وأرياف المحافظة وعودتها إلى مقراتها، والإفراج عن المعتقلين وعلى رأسهم الشيخ نواف البشير (أحد أبرز شيوخ قبيلة البكارة) وإيقاف الاعتقالات وإعادة الحياة إلى طبيعتها في دير الزور عبر رفع الحواجز. وهددت العشائر في حال عدم الاستجابة للمطالب فإنها ستقوم جميعها ب"الدفاع عن أهالي دير الزور وحمايتهم" محددين مهلة لا تتجاوز 24 ساعة لتنفيذ المطالب، وفقاً لنص البيان الذي نقلته صفحة "اتحاد تنسيقيات الثورة السورية" على موقع فيسبوك. أما وكالة الأنباء السورية الرسمية، سانا، فقد تابعت بدورها مواقف العشائر، ولكن من زاوية الشخصيات المؤيدة لها، فنقلت بياناً منسوباً إلى وجهاء عشائر البكارة والعكيدات والبوشعبان في محافظة حلب أعلنوا فيه تأييدهم لبرنامج الإصلاح الشامل الذي يقوده الرئيس الأسد و"رفضهم لكل أشكال التدخل الخارجي في شؤون سوريا الداخلية." وبحسب ما نقلته الوكالة عن البيان الذي وقعه الشيخ عقل حمادين الإبراهيم والشيخ محمد عبد الرزاق العيس والشيخ أحمد المحمد، فإن قبيلة البكارة في حلب "غير مسؤولة عن تصرفات نواف البشير المعادية لتطلعات المواطنين وأن البشير لا يمثل إلا رأيه" وفق تعبيره. وأوردت الوكالة السورية أن رئيس مجلس الشعب، محمود الأبرش، أصدر قراراً يقضي بالدعوة إلى انعقاد مجلس الشعب عند الساعة الثانية عشرة من ظهر الأحد في السابع من الشهر الجاري، أما البرنامج فهو يشمل وفق الأبرش "مناقشة مواضيع تهم الوطن والمواطن." يشار إلى أن المظاهرات مستمرة في سوريا منذ منتصف مارس/أيار، وتشير أرقام المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى سقوط 1637 قتيلاً مدنياً، و386 من الجيش وقوى الأمن الداخلي. من جهته أكد أحد سكان حماة، والذي تمكن من مغادرة المدينة، لوكالة "فرانس برس"، طالباً عدم كشف هويته، أن "نحو 30 جثة قتل أصحابها إثر قصف قام به الجيش الأربعاء، دفنت في عدة حدائق عامة صغيرة". وأضاف أن "عدداً من المباني أحرق جراء القصف، إلا أنها ليست مدمرة بالكامل". وتحدث عن "انتشار للدبابات في المدينة وخصوصاً في ساحة العاصي وأمام القلعة" وسط المدينة. وأشار إلى "استخدام قنابل تطلق شظايا عند انفجارها"، لكنه أوضح أن "القصف توقف بينما يسمع دوي إطلاق نار من الرشاشات الثقيلة" صباح اليوم الخميس. وألمح الشاهد إلى "تواجد للقناصة على أسطح المشافي الخاصة". وذكر أن "الوضع الإنساني صعب للغاية في المدينة التي تعاني من انقطاع للتيار الكهربائي والمياه والاتصالات ونقص في المواد الغذائية". إلى ذلك أصدر الرئيس السورى بشار الأسد اليوم الخميس مرسومين تشريعين الأول يتعلق بقانون الأحزاب والثاني بتنظيم الانتخابات. وذكرت تقارير إعلامية أن الأسد "اصدر اليوم المرسوم التشريعى الخاص بقانون الأحزاب" حول تأسيس الأحزاب وتنظيم عملها. ويذكر أن الحكومة السورية سبق وأن أقرت مشروع قانون يسمح بتأسيس الأحزاب وينظم عملها، وكذلك مشروع قانون الانتخابات العامة. وتدخل هذه الخطوة في سياق سلسلة إجراءات أقرتها دمشق بهدف تهدئة حركة الاحتجاج غير المسبوقة التي تعرفها البلاد، وشملت أيضا إلغاء العمل بحالة الطوارئ المفروضة منذ 1963،إضافة إلى صدور عفو عام يشمل جميع المعتقلين السياسيين، وتشيكل هيئة "للحوار الوطني" ولجنة لوضع قانون جديد للإعلام. إلا أن هذه الإجراءات المعلن عنها صاحبتها على أرض الواقع حملات قمع دموية واسعة النطاق أودت بحياة أكثر من 1600 مدني واعتقال أكثر من 12 ألفا ونزوح الآلاف وفق بيانات المنظمات الحقوقية المتابعة لتطورات الوضع في سوريا. فيما تتهم السلطات في روايتها الرسمية من تسميهم "جماعات إرهابية مسلحة" بقتل المتظاهرين ورجال الأمن والقيام بعمليات تخريبية. من ناحية أخرى تتواصل الحملة العسكرية للجيش السوري في مناطق مختلفة من البلاد بهدف إجهاض حركة الاحتجاجات الشعبية. وأخبرناشط حقوقي تمكن من مغادرة مدينة حماة مقتل ما لا يقل عن 45 مدنيا في هجوم بالدبابات شنه الجيش السوري لاحتلال وسط المدينة. وقال سكان في حماة إن الدبابات تقدمت إلي وسط المدينة أمس واحتلت الميدان الرئيسي الذي شهد بعضا من أكبر الاحتجاجات ضد الأسد. وأضافوا أن قناصة انتشروا على أسطح المباني وفي قلعة حماة. وقالوا إن القصف تركز في حي الحاضر الذي دمرت أجزاء كبيرة منه في عام 1982 عندما اجتاحت القوات الموالية للرئيس الراحل حافظ الأسد حماة لسحق متمردين إسلاميين وقتلت عدة آلاف من الأشخاص. وقالت منظمات حقوقية إن حصيلة اجتياح الجيش السوري لحماة تتجاوز تسعين قتيلا شخصا لحد الآن.