عاما بعد عام تضخ المملكة المليارات لخدمة حجاج ومعتمري وزائري الحرمين الشريفين والأماكن المقدسة، تُجيش آلاف الكوادر ومن جميع الفئات بمختلف الأعمار والمناصب والقطاعات، قطارات ومخيمات وقريبا إن شاء الله مطار عالمي بجدة يساند مدينة الحجاج. تأتي من كل اتجاه في الكرة الأرضية جوا وبرا وبحرا ملايين البشر وربما في القادم من الأعوام عشرات الملايين، كُل هذا يحتاج إلى تخطيط بعيد المدى، فالعصر السريع بات أسرع والوقت له ثمن والتعامل بذكاء مع المتغيرات مطلب مُلِح، لذلك علينا أن نُحيد عواطفنا جانبا حين نناقش مستقبل صناعة متكاملة تبدأ باستقبال الحاج مرورا بتسكينه وإطعامه ونقله داخل المدن ثم المشاعر، ثم العودة بنفس المسار وتوديعه بعد أن يتم نسكه. وأعتقد أننا اليوم قطعنا شوطا لا بأس به في تطوير الآليات والمعدات، فشبكة قطار الحرمين وقطار المشاعر ومشروع جسر الجمرات العملاق يجب أن يتبعه تطوير حقيقي في إدارة المؤسسات والكيانات وكل الجهات ذات العلاقة بأمور الحج، فلم يعد من المقبول أن نتعامل في عصر النانو بعقلية "اكتب معروض" و"عب النموذج يا حاج"، علينا إتمام كل الأنظمة التي تعيننا على اختصار الوقت والجهد والمال لنتفرغ حينها لتجويد الخدمة المقدمة ورقابتها بدلا من الانشغال بعمل روتيني مقيت. لذا وبعد كل هذا التمهيد الطويل أعتقد أنه آن الأوان لحوكمة مؤسسات الطوافة والأدلاء والزمازمة والوكلاء، لتكون كيانا قانونيا واضحا وصريحا، لا مجرد مؤسسة يديرها أفراد مجتهدون وبالبركة، فنحن نلحظ الفوارق بين مؤسسة وأخرى في العائد على السهم ورضا المساهمين، فالعمل يتطلب كفاءة قبل أن يكون وراثة. نعم، أنا مع عدم المساس بأموال المساهمين والمساهمات، لكن أتمنى أن تُدار بالأقدر والأعلم بعلم الإدارة، لا بالفزعة واستجداء الأصوات. فهل يكون؟