أشفق كثيرا على حال المتقاعدين في دول العالم الثالث، فبعضهم يتقاعد بلا منزل يملكه، أو ثروة (يدلع) بها نفسه بعد التقاعد، أو حتى صحة تجعله يعيش ما تبقى من حياته في راحة تامة! فبعض المتقاعدين يستسلم للمرض، فيعيش باقي عمره في مراجعة طبيب العيون تارة وطبيب ألاسنان تارة أخرى، وفي أسوأ الأحوال قد يمارس الرياضة ويلتزم الحمية خشية من الضغط والسكر، وبعضهم يستسلم للفراغ فيكون وبالا على أهل بيته، فيتحول إلى مراقب منزلي يطفئ المصابيح المشتعلة إن تركها سكان البيت دون حاجة، ويبدأ فجأة في ممارسة هواية أن يكون كهربائيا أو سباكا حتى لو كان لا يفقه شيئا في الهندسة المنزلية! وبعضهم يبدأ مشوار البحث عن عمل من جديد، حيث ينخفض مؤشر دخله بشكل حاد لدرجة تجعل بعض المتقاعدين لا يستطيع أن يواكب غلاء المعيشة ومتطلبات الحياة، إذا ما وضعنا في الحسبان أن قيمة حبة شواية مع الرز أصبح يعادل قيمة عدة جرامات من الذهب! وبعضهم (وهم قلة) يستمع إلى شيطانه القابع على يسراه، ويعاجل بالزواج من امرأة شابة تعيد له فلاتر القلب وتحرك فيه عضلات جسمه المترهل، ليدخل عالم المسيار إن كان خائفا من زوجته وأم عياله العجوز، أو يطرق باب الزواج من ثانية مرة أخرى وعلنا إن كان صنديدا لا يهاب ضرب النساء! أما في بلاد الفرنجة، فالمتقاعدون يحصلون مباشرة على لقب (كبار المواطنين)، ويعاملون معاملة الخبير المستشار فيستفاد منهم تطوعا في تقديم الاستشارات لمن يرغب، ويحصلون على تخفيضات ومعاملة تليق بما قدموه لأوطانهم طوال حياتهم، فما جزاء الإحسان إلا الإحسان وصورة مع التحية لجمعية المتقاعدين في السعودية. بسام فتيني [email protected]