الملك عبدالله رائد الدبلوماسية الهادئه ضل ولا زال الملك عبدا لله بن عبد العزيز البطل الأوحد على خشبه المسرح السياسي الذي خطف الضوء والصوت والصورة في وقت واحد لما تميزت به شخصيته من سجايا فريدة وصفات جديرة قلما تجدها في زعماء الزمن الحاضر ، حيث كان له من الصدق والموثوقية. ما اسكنه كل قلب وأحاطه بكل حب . فهو صادق النية و نقي الطوية مخلص واضح وشريف يرجي الخير والرفعة وينشد العدل لأمته . ما جعله يحظى بمحبة عارمة من السعوديين كافة، وبتقدير شامل على الصعيدين: العربي والإسلامي، فهم يعتزون به ويعتبرونه نبض الأمة وقلبها الكبير و الجسد الحامل لروحها . وفي الوقت ذاته يحتل الملك مكانة رفيعة على المستوى الدولي سواء أكان ذلك لدى القادة والزعماء أم بين رجال الفكر والثقافة والإعلام أو في أوساط الشعوب على اختلاف الألسنة والانتماءات الدينية والحضارية والسياسية فهو رجل تتجسد في شخصيته ألاناه والرزانة التي يحترمها الغرب ويقدرها كصفات ملك ورجل دولة وسياسة . يطمأن للتعامل معها إزاء كثير من المشكلات السياسية التي تحتاج حلحتها إلى تفسير واقعي وتفكير منطقي وقوة ماليه داعمة . في ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي تعصف بالغرب الاوروامريكى ما جعلها عاجزة عن أداء الأدوار التي كانت تقوم بها خاصة على خارطة الشرق الأوسط وإخفاقاتها المتتالية في العراق والمنطقة وغرقها في معضلات ما زالت تبحث عن حلول ومخارج منها. وبحضور الغياب الكامل لأي دور عربي مؤثر ووسط توالى نوبات الإحباط المخيم على أجواء المنطقة عموما طيلة السنوات الماضية. أصبح قدر المملكة أن تكون الحاضنة الأولى للفكروالهويه العربية والإسلامية ورمانة الميزان في منطقة الشرق الوسط والعالم العربي .وهى بلا شك مؤهلة لذلك بل ويمكن القول أن شخصيه خادم الحرمين الشريفين هي من ساهم في إحداث هذا الواقع بشكل فاعل من خلال ما بذله ولا يزال يبذله من جهود رائده لخدمة الإسلام و المسلمين والاهتمام بقضاياهم وأماكن عباداتهم ومناسكهم في المدينتين الطاهرتين مكة والمدينة وبعون الدعم اللا محدود لكافة المسلمين في كل مكان . إضافة للانسجام والوئام التام بين المكون العرقي القبلي وبين القيادة الحكيمة الأمر الذي أوجد للمملكة قدرا كبيرا من الاستقرارالامنى و السياسي , مسنودا بإمكانيات اقتصادية وثروات نفطية ومعدنية استثنائية جدا، كل ما من شأنه إن يجعل من المملكة وكما هو مأمول مرجعية وزعامة للأمة العربية في هذه المرحلة ألحرجه والحاسمة . وخصوصا عقب انهيار الجدار الأمني العالي في العراق وبروز قوى إقليميه أخرى ذات أهداف وإبعاد مؤد لجة ارتمى في حطنها الجدار الآخر من السور العربي 0 وفى خضم إحداث الربيع العربي التي أسقطت كثير من أنظمة الدول العربية. وهنا أصبح العالم بأسره يتطلع إلى المملكة والى الملك عبدا لله بما يملكه من ملكات الحكمة وخلوص النوايا و مقدرته كمبادر ومحرك وصمام أمان يستطيع التحكم بإدارة المرحلة بهدوء وتوازن . وحقا فهو يملك من الدهاء والذكاء الشيء الكثير الذي بدا ماثلا للأعيان من خلال إدارته لملفين شائكين متقاطعين في كثير من خطوطها ودوائرها هما ملف القضية الفلسطينية وملف تنامي المد الايرانى حيث تعامل معهما بطريقه جريئة وحاسمة وتصرف حيالهما بتجرد تام من كل آيات النفاق والمداهنة السياسية الممجوجة التي يعتمدها الآخرون . حينها أدركت إسرائيل التي لا يضيرها العالم بأسره بقدر ما تخشى من تأثير السياسة السعودية بدبلوماسيتها الهادئة وبأسلوبها الدولي الراقي والمنسجم مع القانون الدولي على مصالحها وعجز ها عن انتقاد هذا الدور على مر السنين . برغم وقوف المملكة الثابت والدائم مع ا لفلسطينيين و المسألة الفلسطينية منذ نشأتها باعتبارها هم إسلامي و عربي وسعودي دائما ما يكون في المركز الأول في قائمة اهتمامات المملكة السياسية وضمن أولويات الملك التي غالبا ما تصب جل محادثاته في هذا الاتجاه . خصوصا إن الكثير من التطورات المهمة طغت على مسالة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي كدخول قوى إقليمية إسلامية جديدة حلبة الصراع بشكل قد يزيد من التوتر في المنطقة أكثر من تحقيق تقدم ايجابي ملموس لصالح الشعب الفلسطيني و عليه فان محادثات الملك مع كل الزعماء والساسة الغربيين و بحكمته و اعتمادا على الخبرة السعودية جراء طول تعاملها الهادي و الرصين مع قضية الشعب الفلسطيني غالبا ما يكون ضابطا لمسار التطورات الجارية لصالح القضية الفلسطينية و تعديل السياسة الدولية بالاتجاه المناسب للقضية العربية الأكبر والأطول والاهم , وعلى صعيد الملف الايرانى أدركت المملكة العربية السعودية بقيادة الملك عبدا لله انه كلما تقدم بنا الزمن أقدمنا على تعقيدات جديدة في واقع المنطقة و العالم وأهم تلك التعقيدات هي قضيه الخطر الإيراني الداهم ومحاولة تمددها وتوسعها ,وتغلغلها في النسيج العربي ثقافيا ودينيا واستعماري سلطوي ومحاولتها المستميتة للحصول على السلاح النووي , للوصول لتوازن رعب وردع نووي لتحقيق أهدافها البغيضة و إعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية المجوسية بوسائل مختلفة منها تصدير الثورة الايرانيه على مدى ثلاثين عام في أجزاء كثيرة من الوطن العربي و التدخل المباشر في كل من العراق وسوريا وكذلك دعم القوى الشيعية في كثير من دول المنطقة لتضمن لها مكاناً ونفوذاً في منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها حزب الله في لبنان، تلك الحركة الشيعية التي باتت اليوم ركناً أساسياً في التشكيلة السياسية اللبنانية، وذراعاً شيعياً قوياً في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك حركتي حماس والجهاد الإسلامي التي تدعمهما إيران دعماً سياسياً ومالياً ولوجستياً كبيراً، بالإضافة بالطبع إلى دعمها للحوثيين في اليمن، ما أدى إلى تغلغل إيران في صميم القضايا الداخلية لدول المنطقة . ولا زالت سائرة لتنفيذ ما تبقى من خطتها للتوسع الأكثر في المحيط العربي وخصوصا في الخليج، والتى انكشفت بعض خيوطه مؤخرا في الكويت والبحرين ، إلا إن المملكة تعمل وبجهد على كبح جماح الغول الايرانى وتركيع قامته المتعالية وتحجيمه بأكثر من طريقه ولكن على طريقة الطبخ الدبلوماسي الهادئ . من خلال إحداث شرخ في العلاقة بين التحالف الأمريكي و الإيراني . لان فك الارتباط بين هذين المشروعين يبقى من شانه أن يقلص من قدرة إيران على التمدد أفقيا في المنطقة , وكذلك من خلال منع إيران من الحصول على السلاح النووي وزيادة العقوبات ألاقتصاديه الخارجية وعزل طهران سياسيا واقتصاديا . اماعلى الصعيد السياسي الداخلي فان شخصيه الملك ماهرة وقادرة على الإمساك بأطر الحكم ومكوناته؛ ولذلك فهي قيادة قادرة على إحداث تغيير داخلي حقيقي يمكن أن يزيل المخاوف التي قد تتملكها من قيام أنظمة ديمقراطية مجاورة لها. ولكون الملك عبدا لله محورا معتدلا بارزا فقد اتخذ سلسلة من المبادرات لتحرير المجتمع السعودي المتحفظ، بدءاً بإطلاق مفهوم جامعة الملك عبدا لله للعلوم والتكنولوجيا التي ستكون مشتركة بين الجنسين، وإعطاء المرأة حرية المشاركة السياسية في الترشيح والانتخاب للمجالس البلدية ومجلس الشورى . ولم يكن الغوص في شخصية الملك عبدا لله والحديث عنها من الصعوبة بالمكان الذي يتخيله البعض فبصماته التي وضعها في ميادين السياسة والاقتصاد والإسلام والعروبة والإنسانية، واضحة وجليه أصبحت انجازاتها وايجابياتها واقع حال أهلته بأن يكون في المرتبة الأولى بين القادة والزعماء المسلمين الأكثر شعبية وتأييدا وضمن العشرة الزعم الأكثر تأثيرا في العالم