فيصل بن بندر يرعى حفل الزواج الجماعي الثامن بجمعية إنسان.. الأحد المقبل    المملكة واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    "الوعلان للتجارة" تفتتح في الرياض مركز "رينو" المتكامل لخدمات الصيانة العصرية    القبض على ثلاثة مقيمين لترويجهم مادتي الامفيتامين والميثامفيتامين المخدرتين بتبوك    نائب وزير الخارجية يفتتح القسم القنصلي بسفارة المملكة في السودان    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    أسمنت المنطقة الجنوبية توقع شراكة مع الهيئة الملكية وصلب ستيل لتعزيز التكامل الصناعي في جازان    تنفيذ حكم القتل بحق مواطنيْن بتهم الخيانة والانضمام لكيانات إرهابية    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    "مجدٍ مباري" احتفاءً بمرور 200 عام على تأسيس الدولة السعودية الثانية    إقبال جماهيري كبير في اليوم الثالث من ملتقى القراءة الدولي    200 فرصة في استثمر بالمدينة    «العالم الإسلامي»: ندين عملية الدهس في ألمانيا.. ونتضامن مع ذوي الضحايا    إصابة 14 شخصاً في تل أبيب جراء صاروخ أطلق من اليمن    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    التعادل يسيطر على مباريات الجولة الأولى في «خليجي 26»    «الأرصاد»: طقس «الشمالية» 4 تحت الصفر.. وثلوج على «اللوز»    ضبط 20,159 وافداً مخالفاً وترحيل 9,461    مدرب البحرين: رينارد مختلف عن مانشيني    فتيات الشباب يتربعن على قمة التايكوندو    «كنوز السعودية».. رحلة ثقافية تعيد تعريف الهوية الإعلامية للمملكة    وفد «هارفارد» يستكشف «جدة التاريخية»    حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي    ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف الشريف    رينارد: مواجهة البحرين صعبة.. وهدفنا الكأس الخليجية    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    هل يجوز البيع بسعرين ؟!    «يوتيوب» تكافح العناوين المضللة لمقاطع الفيديو    مدرب الكويت: عانينا من سوء الحظ    سمو ولي العهد يطمئن على صحة ملك المغرب    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الكويت وعُمان في افتتاح خليجي 26    السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم    الحربان العالميتان.. !    معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن).. مسيرة أمن وازدهار وجودة حياة لكل الوطن    رحلة إبداعية    «موسم الدرعية».. احتفاء بالتاريخ والثقافة والفنون    رواية الحرب الخفيّة ضد السعوديين والسعودية    لمحات من حروب الإسلام    12 مليون زائر يشهدون أحداثاً استثنائية في «موسم الرياض»    رأس وفد المملكة في "ورشة العمل رفيعة المستوى".. وزير التجارة: تبنّى العالم المتزايد للرقمنة أحدث تحولاً في موثوقية التجارة    وزير الطاقة وثقافة الاعتذار للمستهلك    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    المؤتمر الإعلامي الثاني للتصلب المتعدد: تعزيز التوعية وتكامل الجهود    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    أمير القصيم يرعى انطلاق ملتقى المكتبات    محمد بن ناصر يفتتح شاطئ ملكية جازان    ضيوف خادم الحرمين يشيدون بعناية المملكة بكتاب الله طباعة ونشرًا وتعليمًا    المركز الوطني للعمليات الأمنية يواصل استقباله زوار معرض (واحة الأمن)    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    شيخ شمل قبائل الحسيني والنجوع يهنى القيادة الرشيدة بمناسبة افتتاح كورنيش الهيئة الملكية في بيش    الأمير محمد بن ناصر يفتتح شاطئ الهيئة الملكية بمدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية    السيسي: الاعتداءات تهدد وحدة وسيادة سورية    رئيس الوزراء العراقي يغادر العُلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملف الأسبوع: الدور الإيراني المشبوه في العالم العربي
نشر في اليوم يوم 21 - 06 - 2012

لم يعد سراً، كيف أن المحاولات والأطماع الإيرانية، تنطلق من استراتيجية هيمنة كبرى، تبحث عن موطئ قدم، للتغلغل مستخدمة في ذلك أساليب ووسائل كثيرة، منها المال السياسي، والمتاجرة بآلام وأوجاع الشعوب، واللعب على وتر الشعارات البراقة مستغلة وضعاً اجتماعياً يتفاوت بين دولة وأخرى. ويحاول الخطاب الإيراني موج الاستقطاب السياسي باللعب على الوتر الديني، لتكريس تواجده في عواصم عربية، ورغم أن هذا الخطاب يتناقض إلا أن ساسة طهران لا يزالون يعتقدون أنهم بذلك يضحكون على الشعوب.
أجندة في العراق
خلال السنوات الخمس الاخيرة لعبت ايران دورا فى فرض أجندة محورية على المنطقة سواء من خلال برنامجها النووى وصراعها مع القوى الدولية من جهة أو نفوذها الواضح فى العراق من جهة اخرى.
يقول ابراهيم نوار كبير المستشارين السياسين لبعثة الامم المتحدة فى العراق ل"اليوم ": إنه منذ اليوم الاول فى محاولات ازاحة النظام العراقى كانت ايران جاهزة ومستعده لفرض نفسها، وشكل ذلك معضلات واشكاليات معقدة فى التركيبة الجديدة للنظام العراقي الجديد فيما بعد، ساعدتها الظروف الاقليمية والمحلية.
لم يكن الدور الايرانى خافيا على ترتيب المؤسسات العراقية بل كانت صاحبة الكلمة العليا فيها والوثائق والمعايشة اثبتت أن الكثير من الساسة العراقيين لديهم علاقات مع ايران خاصة فى ظل الغلبة السياسية الشيعية التى قلبت المجتمع العراقي وشوهت خريطته وحولته الى بيئة طائفية بامتياز ولا يزال يعانى من تدهور شديد بسبب الحضور الايرانى للفرق السياسية والمسلحة فى المشهد العراقى ، على الرغم من أن الكثير من شيعة العراق كانوا لا ينسجمون مع ايران كونهم يرون فى العراق الفارسى نوعا من الاستعلاء، وهو ما جعل الكثير من التقارير الدولية تطلب أن يكون هناك حوار مع شخصيات عراقية من التيار الشيعى تعمل على اساس أجندة وطنية ،وأن يكون هناك حوار قائم معها بالنظر الى الخوف من الفراغ الذى سيتركة الانسحاب الامريكى من العراق لفك هذا التعقيد حتى لو ظلوا على علاقات معها ، لكن فى النهاية كانت كل المشاهد التى رأيناها بأعيننا هناك خلال فترة عملنا فى العراق لمدة ثلاث سنوات أن ايران لا تريد أن يكون هناك نظام قوى فى العراق يهدد امنها المستقبلى وأن حجر الزاوية لتنفيذ هذا المخطط يأتى عبر بوابة دعم أو إقامة نظام شيعى يحكم العراق والملف الايرانى فى العراق حافل بالكثير من التطورات المؤكدة على الدور الايرانى المشبوه هناك سواء من فرق الموت المدعومة من هناك أو الجماعات السياسية.
دعما للقتل في سوريا.
وعن طبيعة الموقف في سوريا، يقول الناشط السورى الدكتور مأمون الحمصى الذى يرى أن ايران هى الذراع العسكرى الحقيقى الذى يقمع الثورة السورية بشكل ممنهج مع أدواتها الاخرى فى المنطقة مثل حزب الله ، مشيراً إلى أنه من اللحظات الأولى كان واضحا أن الخط السياسي الايرانى تجاه الثورة ، ومن قبل معروف المحور السورى الايرانى ودوره فى المنطقة الذى ظل يستغل الملف الفلسطينى طيلة الوقت كواجهة للعمل من خلفة كستار للانتشار فى المنطقة من قبل الربيع العربى والان يحاول استغلال كافة اوراق النفوذ والدعم للحفاظ على النظام الذى يستند اليه.
مليارات الدولارات
أما المعارض سقراط البعاج مدير المكتب الاعلامى للثورة السورية فى القاهرة فأكد أن هناك معلومات استخبارية تم التأكد منها أن هناك مليارات الدولارات قد تم تحويلها من طهران عبر شبكات من الحجاج الايرانين الى سوريا ومراكز تحويل فى العراق وبعضها الاخر عبر بيروت ، وصلت جميعها الى النظام السورى من أجل استخدامها فى تنفيذ العمليات اليومية التى تقوم بها قوات الأسد ، مشيراً إلى أن هناك حتى من هم الى جوار الاسد من يستولون على الكثير من هذه الاموال لإيداعها فى حساباتهم الخاصة لكنهم فى الوقت ذاته حريصون على استئجار الشبيحو خاصة وأن الفرد منهم يحصل على ما مقداره 100 يورو باليوم، مشيراً لمخططات أخرى سرية لتوجيه الدعم المالي للنظام السورى ، الذى لولا ايران لكان قد سقطت منذ وقت طويل .
واعتبر البعاج أن حزب الله هو أحد ابرز الأذرع الخارجية للممارسات الايرانية فى دعم الاسد ونظامة وشبيحته بالسلاح والمال وكل هذه الشبكات تعمل تحت اشراف الحرس الثورى الايرانى الذى ليس من الصعب عليه ارسال عناصر تعمل تحت امرته بشكل مباشر لكنه يجد سوقا رائجة من الشبيحة الذين يستجبيون بالمال الذى يتوافد عليهم بالمليارات من طهران .
متاجرة بآلام غزة
دمشق ليست المحطة الاخيرة التى استعرضت فيها طهران أدوارها المشبوهة ضد الامة فى المنطقة ، فمن الواضح وبحسب العديد من المصادر أن قطاع غزة كان رأس حربة من قبل، حيث حاولت طهران ممارسة الضغوط على النظم العربية واستخدمت دعايات مضللة بادعاء نصرة القضية على حساب أبناء القضية نفسها، وأبرز الملفات على هذا الصعيد ما تبدى فى الدور المشبوه الذى لعبته فى ملف المصالحة الفلسطينية فى مصر قبل الثورة، لكن بعد سقوط نظام مبارك لم تفلح حركة حماس مع بداية الثورة السورية فى الاستجابة لمطالب طهران التى أخذت فى الاستغناء عنها بعد ظهور الكثير من الخلافات كان ابرزها هى دعم اقامة حسينيات فى غزة كما يقول سعيد عكاشة مدير تحرير دورية مختارات اسرائيلية بمركز الاهرام للدراسات السياسية، مضيفاً إن العلاقات شابها الشد والجذب بين الطرفين اللذين كانت تربطهما المصالح وتفرقهما الايدلوجيات، فحركة حماس معترضة على اختراق الوسط السنى وهناك قلق منذ 2006 على حركة التشيع الكبيرة وبما ان الحركة مسيطرة على القطاع رأت ان هذا يقلّص من نفوذها ، لكن لم يقدروا التصعيد كثيرا حرصا على التمويل بالمال والسلاح ولكن بعد الثورات العربية هناك خوفا من عدم استقرار الاوضاع فى مصر فى البداية فحرصت ايران على علاقة مع الحركة كهمزة وصل أخرى مع الاخوان فى مصر لكن الحركة فى نفس التوقيت كانت بصدد تقليص وضعها فى سوريا نظرا لعدم توافر البيئة المناسبة للعمل هناك ومن ثم تحولت المواقف التى لم تصل الى الصدام المعلن لكن فى الوقت نفسه هناك تراجع كبير فى العلاقات ستطرأ عليه مراجعات كبيرة بشكل مؤكد فى حال استقرار الاوضاع فى مصر خاصة فى ضوء الانتخابات الرئاسية حال وصول المرشح الاخوانى محمد مرسى للسلطة بشكل مؤكد .
..والمغرب العربي أيضاً.
أما بالنسبة لدول المغرب العربى فيقول الدكتور فتحى المراغى المتخصص فى الشئون الايرانية بجامعة عين شمس : إن الدور الايرانى يمر بإشكاليات كبيرة بالنظر الى سوابق شكل العلاقات مع النظم فيها ففى ليبيا كانت العلاقات متوفقة بسبب قضايا كثيرة أبرزها مشكلة الامام موسى الصدر لكنها حاولت عقب الثورة توجيه الخطاب مرة أخرى مع ظهور الاسلاميين على سطح الاحداث لكنها اصطدمت بالنفوذ السورى الذى ساند نظام القذافى خلال فترة الثورة ، ثم عاد ليساند النظام السورى نفسه وبالتالى انهار هذا المخطط على طريق العدائية السياسية الليبية لنظام الاسد . أما بالنسبة لتونس فإيران كانت حريصة على نسج علاقات معها كبوابة خلفية لاطلالها على الاتحاد الاوروبى ومع صعود التيار الاسلامى هناك أخذت ايران تلح على دور لها فى تونس لكنه لم يكلل بالنجاح فى حين ان المغرب التى لم تركب قطار الثورات العربية كانت هناك قطيعة مسبقة مع طهران خلال الاعوام الاخيرة مع ملاحظة تنامى الدور الايرانى وتدخلة فى الشئون الداخلية ومن ثم اغلقت هذه النافذة هى الاخرى ولم يعد لها وجود بالقدر الذى كانت إيران حريصة عليه ، ومن ثم فالمحددات التى كانت السياسة الخارجية الايرانية تلعب عليها إما بوصول قوى اسلامية للحكم أو مع دول جوار ذات علاقات فى اوبك تحديدا أو الدول ذات العلاقات مع الغرب، لكن هذه المحددات وجهت بالكثير من الاشكاليات الصعبة اسلامية للحكم أو مع دول جوار ذات علاقات فى اوبك تحديدا أو الدول ذات العلاقات مع الغرب ، لكن هذه المحددات ووجهت بالكثير من الاشكاليات الصعبة.
أصابع إيران الخفية في الخليج.. تهديد برياح «الأطماع» التاريخية
على الرغم من القناعة القوية التي تحكم ذهنية النخب السياسية العربية بأهمية التعامل مع إيران بحسبانها دولة جارة وإسلامية وترتبط بالمنطقة العربية بوشائج التاريخ والجغرافيا والتواصل الإنساني منذ أن انبثق الإسلام بنوره الوهاج ليضئ به العالم قبل أكثر من 1400 عام ولاشك أن إقامة علاقات عربية إيرانية تقوم على محددات الشفافية والندية والاحترام المتبادل ومبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية بات من الأهمية بمكان لتكريس الاستقرار الإقليمي خاصة في منطقة الخليج ذات الحيوية الاستراتيجية ليس لدولها وإنما للعالم كله وتعمل الدول العربية في مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجى جاهدة في هذا الاتجاه عبر أشكال وصيغ عديدة سواء سياسية أو اقتصادية وأحيانا أمنية لاجتذاب طهران للتعاطي الإيجابي مع هذه المحددات التي تتقاطع مع مصالح الطرفين ولكن المعضلة تكمن في أن استجابتها – أي إيران- لهذه المحددات ليست على النحو الذي يسهم في تفعيل علاقات عربية/ خليجية/ إيرانية في الاتجاه الصحيح.
رغبة الهيمنة
قدم السفير الدكتور عمر الحسن رئيس مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية رؤية شاملة لهذا الدور يرجعها للعهد الشاهنشاهي حيث كانت إمارات الخليج العربية محط أطماع من جانب إيران، ظهرت ذلك صبيحة الانسحاب البريطاني من المنطقة، وموقف إيران من استقلال البحرين واحتلالها الجزر الإماراتية الثلاث في مطلع السبعينيات.. ولقد استمرت تلك الأطماع بعد قيام الجمهورية الإسلامية، في أعقاب قيام ثورة عام 1979، تلك الثورة التي جاءت معها بأفكار تعكس الرغبة في الهيمنة على المنطقة مثل «تصدير الثورة» وظهرت تجلياتها بوضح من خلال تدخلاتها الفجة في الشؤون الداخلية لدول المنطقة من خلال سياسات ومواقف سيتم التعرض لها لاحقاً، فضلاً عن استمرار موقفها المتصلب حيال أزمة الجزر مع الإمارات، وإصرارها على المضي قدماً في مساعيها لامتلك قدرات نووية.
أسباب ودوافع
وحسب رؤيته فإنه من الصعب فصل سياسة إيران التدخلية في دول الخليج عن مجمل رؤيتها الاستراتيجية للمنطقة ودورها فيها، تلك الرؤية التي لم تختلف سواء في عهد الشاه أو عهد الجمهورية الإسلامية، وهي رؤية تقوم على اعتبار إيران قوة إقليمية مهيمنة، وأن منطقة الخليج ودولها تدخل في نطاق نفوذها، وترتبط ارتباطاً مباشراً بالأمن القومي الإيراني، ويلفت الدكتور الحسن إلى إيران اتخذت تلك الدوافع والمحفزات من أجل تحقيق عدد من الأهداف منها:
-استعادة مجد الإمبراطورية الفارسية وإقامة دولة مذهبية كبرى تضم معها دول الخليج وكذلك جنوب العراق وسوريا ولبنان وهو ما اصطلح على تسميته بالهلال الشيعي.
-السيطرة على سوق الطاقة الدولية وهو ما لن يتحقق إلا بالسيطرة على الثروة الخليجية من النفط والغاز، خاصة وأنها تمتلك حوالي 10% من احتياطي النفط العالمي وتجئ ثانية في الاحتياطي العالمي للغاز ودول الخليج تمتلك 40% من الاحتياطي العالمي للنفط و20% من احتياطي الغاز.
-إخضاع المنطقة لدائرة هيمنتها العسكرية عبر تطوير ترسانتها من الأسلحة التقليدية من ناحية وتطوير برنامج للحصول على قدرات نووية يمكن أن يكون ذا أهداف عسكرية من ناحية أخرى.
-التأثير في سياسات دول المنطقة وذلك بوضعها دائماً تحت ضغوط، من أجل جعلها تحجم عن اتخاذ مواقف أو نهج سياسات معينة قد ترى فيها طهران إضرارا بمصالحها أو تهديداً لأمنها القومي، وذلك من قبيل وضع العراقيل أمام حل القضايا موضع الخلاف بين الجانبين، واستخدام سياسة التهديد بضرب حقول النفط أو إغلاق مضيق هرمز لجعل دول الخليج تضغط على الولايات المتحدة لعدم توجيه ضربة عسكرية لإيران.
-إفشال التجربة الوحدوية الخليجية، إذ ليس من مصلحة إيران وحدة دول الخليج العربية لأنها ستزيد من قوة هذه الدول سواء الاقتصادية أو العسكرية، لأن معنى ذلك خلق كيان أو قطب خليجي مناوئ لإيران بالقرب من حدودها، ومن هنا كان رفضها من البداية لفكرة إقامة مجلس التعاون الخليجي بدعوى أنه موجه ضدها.
-إضعاف دول المنطقة ليسهل السيطرة عليها وذلك بالعمل على تمزيق وحدة نسيجها الوطني بإثارة النعرات الطائفية أو العمل على نشر أنماط معينة من الجريمة كتهريب المخدرات وغيرها.

تحولات استراتيجية
من جهة أخرى، تقول إيمان رجب الباحث المتخصص في شئون الخليج بوحدة الدراسات الأمنية والإستراتيجية، مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية : إن الثورات العربية، خلق تحولاً استراتيجياً، خاصة بعد فشل الاحتجاجات، التي ساندتها طهران، في البحرين، أو في تحقيق أي مكاسب سياسية ملموسة حتى الآن، وبعد تنامي الضغوط الدولية على نظام الأسد حليفها الاستراتيجي، حيث تحولت إلى بيئة «غير صديقة» لمزيد من التوسع الإيراني، وهو ما أثر بصورة واضحة على سياسات إيران في منطقة الخليج، التي تعتبر المجال الحيوي المباشر لنفوذها في المنطقة، فيما يشبه «إعادة تموضع»لنفوذها.
أبعاد للتدخل
وترصد رجب انعكاسات هذا التأثير على سياسة إيران من خلال أكثر من بعد يتمثل البعد الأول في استمرار تبنيها سياسات تدخلية في دول الخليج، معتمدة على وجود أقليات من المواطنين الشيعة، وهو ما نجده واضحا في الدعم الإعلامي الذي قدمته قنواتها الناطقة باللغة العربية للمعارضة البحرينية، إلى جانب ما قدمته القوى الموالية لها في العراق، من تأييد، ورفضها تدخل قوات درع الجزيرة، ويمكن القول أنه من الناحية العملية، خسرت إيران مواجهتها مع دول الخليج في البحرين.
ويتمثل البعد الثاني، في إثارتها مشاكل مع دول الخليج، كمخرج للتنفيس عن الضغوط التي تمارس عليها فيما يتعلق ببرنامجها النووي، وفي محاولة منها للضغط على دول الخليج، خاصة الإمارات، بهدف عدم التزامها بالعقوبات الأمريكية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي، ومن ذلك تصعيدها مشكلة الجزر الإماراتية، بصورة ملحوظة خلال إبريل حين زار الرئيس أحمدي نجاد في 11 إبريل 2011 جزيرة أبوموسى، وما تلا ذلك من زيارة قيادات عسكرية إيرانية لهذه الجزيرة، وما صدر من تصريحات تؤكد تبعية هذه الجزيرة لإيران.
ويتمثل البعد الثالث في حرصها على المواجهة غير المباشرة مع السعودية، التي تعتبر القوة الرئيسية التي تتحدى نفوذها في المنطقة، وهذا ما يؤكده مؤشران. يتمثل المؤشر الأول في محاولة اغتيال عادل الجبير السفير السعودي في واشنطن، ثم ضلوعها كما كشفت عن ذلك السلطات الأمنية البحرينية في العملية التي كشفت عنها قطر في نوفمبر 2011، والتي استهدفت مقر السفارة السعودية في البحرين، وذلك إلى جانب ما كشفت عنه مصادر أمنية سعودية، من أنه في أثناء احتجاجات البحرين، سعت إيران من خلال غلام شاكوري، القيادي في فيلق القدس، وأحد المتهمين في عملية اغتيال الجبير، لتحريض المتظاهرين على الاعتداء على السفارة السعودية في البحرين.
وتخلص رجب إلى أن هناك ارتباكاً في السياسة الإيرانية، خاصة في ظل عدم وضوح مصير نظام الأسد الحليف الاستراتيجي لها، وعدم وضوح فرص نجاح المسعى الروسي لضمان دور ما لإيران في جهود حل الأزمة السورية. كما يدعم هذا الارتباك، تصاعد تأثير العقوبات الدولية على اقتصادها، على نحو دفعها للبحث بجدية عن حل لأزمة برنامجها النووي، وذلك في الوقت الذي لم تتخذ فيه الولايات المتحدة قرارا بعد بهذا الشأن.
كما أن ما يزيد من ارتباك إيران، هو ما اتضح خلال هذه المرحلة، خاصة بعد الاحتجاجات في البحرين، من استعداد الدول الخليجية، حتى الآن، للتنسيق معا من أجل الحفاظ على مصلحة محددة لها، وهي البقاء والتصدي لأي محاولات إيرانية للعبث في داخلها، فلم تعد هذه الدول تكتفي بغض الطرف عن السياسات الإيرانية، أو استنكارها، أو إدانتها، بل بدأت تتحرك لمواجهتها.
ناشطون بحرينيون: التدخلات الإيرانية «لا مشروعية لها وغير قانونية»
زادت التدخلات الإيرانية في شؤون البحرين والخليج منذ العام 1979 إبان انتصار الثورة الإسلامية في إيران فمنها تصريحات تمس السيادة الوطنية للبحرين بكونها المحافظة ال 14 التابعة لإيران وأن الشعب البحريني يريد الالتحاق بها.
دوار اللؤلؤة السابق الذي شهد اعمالاً تخريبية من الغوغائيين
وتأتي هذه المطالبات منذ عهد شاه ايران السابق لأنه اتخذ الموقف العاقل الحكيم وقبل برأي الشعب البحريني الرافض للالتحاق بإيران بعد انسحاب بريطانيا والموقف الدولي والمهمة التي قامت بها الامم المتحدة، إلا أن المزاعم مازالت مستمرة من قبل الجانب الإيراني. ووفق وسائل إعلام بحرينية، فإن تاريخ التدخلات والمواقف الايرانية ليست موجهة ضد البحرين بل تتعداه إلى دول الخليج ككل والتي منها مواقفها ضد دولة الامارات، والكويت إذ صعدت ايران في الايام الاخيرة اللهجة حيال مشروع قيام اتحاد بين دول الخليج داعية الايرانيين الى تنظيم تظاهرات حاشدة.
الناشط البحريني الشيخ محسن العصفور علق في هذا الشأن بأن لا مشروعية للتدخلات الإيرانية في شؤون البحرين وذلك بحسب النظام والقانون والدستور، وإن ما حدث ويحدث في المملكة فتنة بكل المقاييس الشرعية بالإضافة إلى استمرارية التغرير بمن أسماهم الغوغائيين والجهال للقيام بمزيد من أعمال العنف تحت ذرائع سياسية، مشددا على ضرورة وجوب أن تنأى الجمهورية الإسلامية بنفسها عن الوقوع في الفتنة التي هي من أكبر الكبائر بل أشد من القتل. واعتبر العصفور» الجمهورية الإسلامية والقوى السياسية والدينية في العراق أبرز المؤثرات الدافعة لاستمرار أعمال التخريب والترهيب التي تشهدها مناطق البحرين المختلفة». وأكد على أن ما يتم التصريح به من قبل المسؤولين الإيرانيين والمواقف المترتبة عليها بعيدة كل البعد عن الحقيقة والواقع المعاش في المملكة، لافتا إلى أن آخر الممارسات من قبل إيران التي تعلن فيها التدخل الصريح في الشئون البحرينية الداخلية متمثلة في تنظيم المسيرات وغيرها من الممارسات التي ترسل من خلالها رسالة بأن البحرين محافظة من محافظاتها.
وتابع بأن العلاقات بين مملكة البحرين والجمهورية الإيرانية قبل أحداث فبراير ومارس من العام الماضي كانت في أزهى مراحلها وكنا نأمل من الأخوة الإيرانيين أن يكونوا أعقل وأحكم مما ظهروا عليه ووقعوا فيه من فلتان وزلات سياسية، متأملا في ذات الوقت من الجمهورية الإيرانية تحكيم موازين الشرع والحكمة وترك أساليب الاستفزاز البعيدة عن المنطق الشرعي والسياسي ، وأن يكونوا دعاة حفظ للحرمات عوضا عن التأجيج والزج بالمزيد من المغرر بهم في الفتنة التي مازالت تعصف بالبحرين .
من جانبه ، أكد الشيخ الدكتور عبدالله المقابي على أن التدخلات الإيرانية في شؤون البحرين والخليج ككل لا شرعية لها ولا يجوز أن تتدخل دول في شؤون دولة أخرى أو مجموعة من الدول وهو من غير المنصف، منوها إلى أن التدخلات والمطالبات الإيرانية زادت حدتها منذ العام 1997 من القرن الماضي بعد انتصار الثورة الإيرانية. وشدد المقابي على أن البحرين دولة مستقلة وسيادتها مستقلة ضمن المنظومة الخليجية التي لا تقبل التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية الخاصة. وقال بأن التصريحات الصادرة من إيران خلال الفترة الحالية مرفوضة سواء كانت بشأن الاتحاد البحريني السعودي والمنظومة الخليجية ككل إذ أنها مرفوضة قانونا وشرعا ومن قبل شعب البحرين وشعوب المنطقة، متمنيا أن لا يصل الحال بشأن العلاقات الإيرانية البحرينية والخليجية إلى غلق باب التعاون بينها بسبب هذه التدخلات المرفوضة.
الشيخ حازم أبو إسماعيل: ابحثوا عن القائم بالأعمال الإيراني
تساءل الداعية الشيخ حازم أبو اسماعيل، عن الدور الحقيقي الذي يقوم به بوضوح القائم بالأعمال الإيرانى بالقاهرة، من أجل التدخل في الشؤون الداخلية ومحاولات نشر المذهب، معتبراً ما يفعله الإيرانيون جريمة.
وأوضح أبو اسماعيل، إن أي محاولة إفساد المجتمع، مرفوضة داخل المجتمع المصرى، وذلك لا يمنع ان نجرى علاقات سياسية معها بشرط أن لا تتدخل فى العمل العقائدى والدينى التى من غير مقبول اختراقها.. وأشار إلى ان إيران تملك مخططاً سياسياً خطيراً ولا نقبله، فهى تدعم أى دولة بدون نشر سياحة دينية أو عقائدية، ونحن نمتلك علاقات عربية فى منتهى الأولوية فى السياسة الخارجية المصرية، وإيران لها خطة فى المنطقة وأتباعها موجودون فى العراق وسوريا ولبنان والخليج العربى إلى اليمن.
وأضاف: إن بشار الأسد من طائفة تحسب على الشيعة سواء النصيرية أو العلوية، كما ان المعنى بين إيران وسوريا وحزب الله فى لبنان مجموعات كانت مع بعض متوائمة لكى يهدد حزب الله شمال إسرائيل وبالتالى لا أحد يستطيع ان يضغط على سوريا، لذلك فهم مستميتون في الدفاع عن بشار.
تاريخ المواجهة بين النظام المصري والتنظيمات الايرانية
-1979 بعد قيام ثورة الخوميني في طهران، اتخذ السادات منها موقفًا معارضًا، وقام بحل جمعية أهل البيت ومصادرة ممتلكاتها
-1979 بعد قيام ثورة الخوميني في طهران، اتخذ السادات منها موقفًا معارضًا، وقام بحل جمعية أهل البيت ومصادرة ممتلكاتها، وأصدر شيخ الأزهر عبد الرحمن بيصار فتوى تبطل الفتوى التي أصدرها شيخ الأزهر الأسبق محمود شلتوت بجواز التعبد بالمذهب الجعفري.
-في عام 1987 تم القبض على تنظيم يضم العشرات من المتشيعين، واتهم بمحاولة اختراق أسر وعائلات كاملة في وسط الدلتا، وبصفة خاصة محافظة الشرقية، وقد تبين للسلطات الأمنية أن الايرانيين، وخاصة الحركيين منهم كانوا على علاقة بالمؤسسة الدينية في طهران، وحصلوا على تمويل لإدارة نشاطاتهم في مصر، ورصدت السلطات وجود التمويل حيث عثرت على ما يفيد حصول أعضاء التنظيم على مائة ألف جنيه.
-في سنة 1988، تم القبض على 4 عراقيين من المقيمين في مصر واثنين من الكويتيين، وثلاثة طلاب من البحرين، ولبنانيين، وفلسطيني، وباكستاني، وتم إغلاق دار النشر المصرية الشيعية (البداية)، ووجهت إليها تهمة تمويل من إيران، وكذلك دار النشر الشيعية اللبنانية (البلاغة).
وفي نفس العام تم ترحيل القائم بالأعمال الإيراني محمود مهدي بتهمة التجسس والاتصال مع شخصيات شيعية مصرية والترويج للفكر الشيعي.
-أما في سنة 1989، فقد تم القبض على تنظيم من 52 فردًا، بينهم 4 خليجيين وإيراني.
-في سنة 1996، تم الكشف عن تنظيم يضم 55 عضوًا في 5 محافظات، وضم أغلب المتهمين في القضايا السابقة، وقد أشارت المعلومات الواردة بخصوص هذا التنظيم إلى أن المؤسسات الدينية الإيرانية التي يقف وراءها المرشد الإيراني علي خامنئي هي التي رسمت خطة لاختراق مصر من خلال الحسينيات، وفيما يتعلق بأعضاء هذا التنظيم ال 55، فقد سعوا إلى مد نشاطهم في خمس محافظات مصرية، وسعوا إلى تكوين خلايا شيعية سرية تحت اسم «الحسينيات» جمعها مستوى قيادي باسم «المجلس الشيعي الأعلى لقيادة الحركة الشيعية في مصر».
-في نوفمبر سنة 2002م تم القبض على تنظيم بزعامة محمد يوسف إبراهيم، ويعمل مدرسًا في محافظة الشرقية، ويحيى يوسف، إضافة إلى صاحب مطبعة، اتهموا بالترويج لتنظيم شيعي يسعى لقلب نظام الحكم وكان ذلك بقرية «المنى صافور» التابعة لمركز ديرب نجم وقد تم الإفراج عنهم بعد أقل من أسبوعين من اعتقالهم.
-في عام 2005 تم القبض على محمد الدريني بتهمة نشر التشيع وتم الإفراج عنه بعد 14 شهرًا ثم تم اعتقاله مرة أخرى في عام 2007 بعد أن تم القبض على مدير مركز «الإمام علي» الحقوقي المتهم بالتشيع.
الخبايا السرّية لعملاء إيران في مصر، تاريخٌ ومخططات
«انتبه.. أنت تحاول البحث في عش الدبابير»..
هكذا قال صديقٌ قبل أسابيع، عندما تطرق الحديث عن دور إيراني مشبوه يتم حبك خيوطه في طهران، وتنفيذه في القاهرة.. خاصة بعد ثورة 25 يناير.. وقفت مشدوهاً وأنا أسمع إحدى الزميلات، عندما جمعتنا إحدى طاولات الدور الثامن بنقابة الصحافيين المصرية، وهي تحكي بإعجاب شديد عما أسمتها «التجربة الإيرانية» وكيف أنها تقدم «أنموذجاً إسلامياً فعلياً» للإسلام، لم أكن في حاجة لأكتشف بعد قليل، أنها كانت ضمن وفد إعلامي مصري، قدمت له طهران، قبل أشهر، الدعوة ليزور إيران، ويلتقي بمرشد الجمهورية، آية الله علي خامنئي، والرئيس أحمدي نجاد.. ليعود بانطباع ممتاز، ويخالف كل ما نقرأ أو نسمع عنه.
أحد أماكن تجمع الشيعة بطنطا وتبدو اللافتة
زميلة أخرى، تحدثت معي عن عرض برئاسة تحرير أحد البرامج بقناة فضائية جديدة، مقابل مبلغ مادي يسيل له اللعاب، ولما تساءلت عن القناة ومصدر تمويلها، كانت اللجلجة واستقطاع الوقت لتكون التفاصيل فيما بعد.. لم أكن في حاجة لإدراك التفاصيل التي جاءت سريعة بما لا أتصوّر.. القناة تابعة لتيّار ما، «من أنصار آل البيت» هكذا قيل لي، وقيل أيضاً، إنها ستكون مخصصة للرد على الافتراءات على آل البيت رضوان الله عليهم أجمعين وبيان عقيدتهم، كما أنها ستكون سياسية وثقافية واجتماعية وشاملة.
هززت رأسي، بعد أن صعقت بأن وراءها ناشطا معروفا، سعى قبل أشهر لتأسيس أول حزب شيعي باسم «التحرير» ولم تتم الموافقة عليه.
طابور خامس
الإشارة كانت سريعة أيضاً، إلى وجود بعض الطابور الخامس، المنتشر في ربوع مصر، كذلك تجمعات لعراقيين يكثفون وجودهم في الضواحي، وتحديداً في مدينة 6 أكتوبر المصرية، وأيضاً في محافظات أخرى بعضها حدودي.. وتمت إشارات عديدة لهذا التواجد المخطط، وكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن مخططات مذهبية في مصر بشكل واسع؛ وبالذات، عقب الغزو الأمريكي للعراق وهجرة عدد كبير من العراقيين إلى الخارج وتوجه البعض منهم إلى القاهرة، حيث تركز غالبيتهم في مدينة 6 أكتوبر حتى قيل: إنها أصبحت مستعمرة للشيعة العراقيين»، وتواردت أنباء حول أنشطة لهم وسط المواطنين المصريين.. ما استدعى ردود فعل سريعة وغاضبة من المؤسسة الدينية الأولى.. الأزهر. تبعها تصريح لوزير الأوقاف السابق الدكتور حمدي زقزوق انتقد فيه المد الايراني في مساجد مصر.
لم يكن هذا عفوياً بالطبع، ولكن أكدته محاولات إيران لتحسين العلاقات مع مصر عن طريق تصريحات لبعض مسئوليها وإقامة عدد من المشروعات الصناعية، ثم جاءت التحذيرات التي أطلقها عدد من المسئولين السياسيين والدينيين في مصر بشأن محاولات اختراق البلاد لتثير المزيد من الهواجس والمخاوف. التصريح أثار ردود أفعال واسعة حيث قال الدكتور عبد المعطي بيومي، أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر: «الطبيعة المصرية لا تقبل المبالغات ولا الانحرافات، فهو (أي المصري) يقبل عصمة أحد من البشر، وإن كان من آل البيت، غير رسول الله صلى الله عليه وسلم».
رشاوى إيرانية
وحذر د. عبد المنعم البري، أستاذ الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة جامعة الأزهر، ورئيس جبهة علماء الأزهر المنحلة، من محاولات إيران المستمرة لاختراق المجتمع المصري وكشف عن وجود مجموعات معظمها من فرق الإمامية الجعفرية الإثني عشرية انتشرت مؤخرًا في عدد من المدن الجديدة، وكشف البري: إن آلاف الشيعة دخلوا إلى محافظة 6 أكتوبر ويحاولون التغلغل في المجتمع المصري السني لنشر المذهب. وأضاف:»هناك زحف لعدد من قيادات هؤلاء في عدد من المحافظات بالوجه البحري تم الكشف عنها مؤخرًا ومنها مدينة أبوحماد في الشرقية»، كما كشف عن تلقي لجان مركز التقريب الذي يرعاه الأزهر رشاوى من الجانب الإيراني تحت مسمى بدل محاضرات بلغت نحو ثلاثة آلاف دولار لكل لقاء يعقد، وهو ما يؤكد وجود نوايا غير سليمة لدى هؤلاء، كما حذر الدكتور أحمد الطيب، رئيس جامعة الأزهر من مخططات مذهبية في عدد من البلدان العربية، وأكد الطيب أن وراء ذلك التبشير دوافع سياسية.. وهو ما أكدته مواقف إيرانية أيضاً لا يمكن تجاهلها، فقد اعترف رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني مؤخرًا، بامتلاك بلاده نفوذًا معنويًا في دول المنطقة، موضحًا أن ذلك لخدمة مصالحها الخاصة. وأشار لاريجاني، في كلمة أمام المؤتمر العام للرابطة الإسلامية للمهندسين في طهران، إلى نفوذ إيران في الدول الإسلامية، ومن ضمنها العراق وأفغانستان ولبنان وفلسطين، قائلاً: «إن القوة المعنوية لإيران في الدول الإسلامية تخدم المصالح الوطنية للبلاد»، وقد أفلحت طهران من خلال هذا النفوذ من تفجير الأوضاع في عدد من الدول تبعًا لمصالحها كما هو حادث الآن في لبنان والعراق واليمن والبحرين، وتسعى إلى ذلك في بلدان أخرى مثل مصر التي تعتبرها مفتاحًا لغيرها من الدول بالمنطقة؛ نظرًا لثقلها الثقافي والحضاري.
السياحة الدينية
دأبت إيران على استغلال الفرص، وعدم تضييعها والاستفادة القصوى منها لصالح مشروعها الفكري والمذهبي، فبعد أحداث الأقصر أراد المصري محمد الدريني إعادة نفس السيناريو الذي حاولوا استخدامه في اليمن، من استغلال السياحة الدينية كمدخل لنشر المذهب، وهو نفس الأسلوب الذي حدث في سوريا، حيث يزورها سنويًا ما يقارب 1.5 مليون إيراني، وبخاصة في منطقة الزينبية بدمشق مما أعطى لرجال الدين التابعين لإيران الحجة في التواجد بشكل دائم في منطقة السيدة زينب بدمشق، لدرجة أن أصبحت حوزة الزينبية الثالثة على مستوى العالم بعد قم والنجف، هذا بالإضافة إلى انتشارهم وتغلغلهم في مختلف المدن والقرى السورية؛ حتى وصل عدد الحوزات العلمية فيها إلى 500 حوزة؛ ما أوجد احتقانًا شديدًا داخل المجتمع السوري.
وهذا ما صرح به كبار علماء سوريا مثل الشيخ «وهبة الزحيلي»، ومن قوة نفوذهم بواسطة السياحة الدينية أصبح الأذان على الطريقة الإيرانية ينقل أحياناً من مسجد السيدة زينب أو السيدة رقية لأول مرة في تاريخ سوريا، وهذا بالفعل ما سعى له محمد الدريني مستغلًا لنتائج أحداث الأقصر على السياحة في مصر، حيث تقدم في عام 2005م إلى وزارة السياحة المصرية في فترة وزارة/ ممدوح البلتاجي، بعرض استضافة 3 ملايين سائح إيراني لتعويض خسائر السياحة الغربية، ولكن عن طريق استبدالها بالسياحة الدينية الإيرانية، التي سيتواكب معها ضمن البرنامج إقامة ملتقى ثقافي للدعوة تحت دعوى التقريب، سيدعى إليه عدد كبير من كبار المراجع أو الموالين لهم في أفريقيا، ومن ناحية أخرى سيتواكب معه مشروع إحياء مزارات آل البيت، والذي سيمثل لهم فرصة جيدة لوضع أيديهم على تلك الأضرحة بأموالهم كما فعل (البهرة) في أحياء القاهرة القديمة، وقد شكلت لجنة تحضيرية للمهرجان برئاسة محمد الدريني وعضوية كل من: سمير عمار (شمال سيناء) و السيد سليم (جنوب سيناء) و عادل الشاذلي (البحر الأحمر) وياسر الشال (القاهرة) وطارق عيسى (المنصورة) وعبد الرازق الجمازي.
وهي المحاولة التي تنبه لها الأمن المصري وباءت بالفشل، بعد إجراء الكثير من الترتيبات والإجراءات التي أعلن عنها في الصحف المصرية. وعلى الرغم من ذلك لم ييأس الدريني حيث حاول هذه المرة الالتفاف على فشله السابق في إقامة المهرجان بالتنسيق مع مجموعات من المنتسبين للأشراف في الأردن واليمن والعراق والخليج؛ لإقامة احتفالية لزراعة مسار آل البيت إلى مصر، على غرار ما فعله النصارى من إقامة احتفالية مسار العائلة المقدسة إلى مصر.. وللأسف تكرر السيناريو مرة أخرى بعد الثورة وكان هناك إتفاق على جلب عشرة آلاف سائح إيراني في شهر رمضان الماضي وتمت موافقة وزارة السياحة ولكن لم يتم المشروع …
إيران والثورة
بدا واضحاً أن إسقاط مبارك، أوجب فرحة عارمة لدى ساسة طهران، وبدأوا بالتالي يلعبون على الوتر الشعبي وإظهار مساندتهم للثورة محاولين ركوب موجتها.
تصريحات لسياسيين إيرانيين أكدت دعم طهران وإمكانية توفير ما تحتاجه مصر، الرئيس الإيراني أحمدي نجاد دخل على الخط، واستقبل السبت الماضي، مجموعة من أسر شهداء الثورة المصرية الذين زاروا إيران بدعوة رسمية، وجدد نجاد مدة الزيارة أسبوعا آخر ينتهى اليوم الجمعة، وإن ترك للزائرين حرية المغادرة في أي وقت.
ليس هذا فقط، بل إنه قبل أسابيع قليلة، تم الإعلان عن افتتاح أول حسينية في مصر، وحسب بيانات استنكر فيها الأزهر وعلماؤه وأعضاء مجمع البحوث الإسلامية، ووزارة الأوقاف‏ ونقابة الأشراف، زيارة رجل الدين الشيعي اللبناني الشيخ علي الكوراني لمصر،‏ وقيامه بعقد ندوات دينية خاصة داخل بيوت عدد من الموالين بالقاهرة والمحافظات، وإلقاء محاضرات بشرت بظهور المهدي المنتظر ونسبه وذريته « والحديث عن قضايا خلافية شيعية» بحضور حشد كبير من المصريين.
الشيخ علي الكوراني يقيم في مدينة قم بإيران، وكان من قادة حزب الدعوة الإسلامية، وقاد انشقاقاً على الحزب، ثم أعلن حل الحزب بقيادته، وتفرغ للتبشير بالمهدي المنتظر، وهو يحظى بدعم كبار المرجعيات الدينية في النجف وقم.
المثير للأمر، أن مجموعة من أسر شهداء الثورة المصرية قد تلقت دعوة لزيارة إيران بواسطة حزب التحرير الذي يتزعمه المصري أحمد راسم النفيس، والإقامة أسبوعا على نفقة الحكومة الإيرانية.. وقد لبت بعض الأسر الدعوة ورفضتها مجموعة كبيرة من أسر الشهداء، في ظل غياب تام لدور الأجهزة الأمنية بالدولة، وهى القضية التى أثارها تامر أمين على شاشة المحور منذ أيام فى برنامجه «تحيا مصر».
ليس هذا فقط، بل إن إيران تنشط عن طريق مكتبها لرعاية المصالح في القاهرة، لاستقطاب عناصر مؤثرة وشباب خاصة في الوسط الإعلامي المصري، ودعت أكثر من وفد لزيارتها..
زميل صحافي، كان ضمن الوفد، أشار إلى ملاحظة الهالة الدعائية الكبيرة التي أحاطتهم، واستغرب عدم قيام أي دولة عربية بنفس المحاولة، بدلاً من ترك الساحة المصرية للإيرانيين ليلعبوا فيها بسهولة..
هذه وحدها، كانت نقطة كافية لمعرفة كيف يقصر العرب في التعامل مع الملف المصري الساخن، مهما كانت سلبياته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.