منذ أن دخل بوابة الاحتراف ودائما يبدأ الخبر في الصحف أو على شاشات التلفزيون ب "أكد النجم الإنجليزي نجم فريق مانشستر ريال مدريد لوس أنجلوس ديفيد بيكهام" ، ولكن هل ديفيد بيكهام نجما في المستطيل الأخضر يمكن وضعه بجانب لن أقول نجوم كماردونا وبيليه بل بجانب نجوم كزيدان ، أم هو نجم عرض أزياء أو نجم دعائي تلفزيوني للمنتجات ، فاختلطت الأمور أمام الجماهير ، وأصبح يصنف على أنه نجم منتخب إنجلترا ونجم كل فريق يذهب له ؟ الحق يقال : لم أعد أذكر عدد المباريات التي شاهدتها للاعب الإنجليزي الوسيم "ديفيد بيكهام" ، في نفس الوقت لا أذكر ولا مباراة له رأيته فيها مبدعا أو أسطوريا ، رغم محاولة الصحفيون والمعلقون المستمرة إذ يصفوه بالمبدع والأسطوري . ليس معنى هذا أنه لا يملك بعض المواهب ، فهو بالتأكيد يملك مواهب ، لكنها مواهب تجعله في مصاف اللاعب العادي أو المكمل للفريق ، لا النجم الذي يعمل الفارق مع منتخبه أو ناديه ، ومع هذا كيف تم إقناع الجماهير بترديد اسمه حين يأتي سؤال : "من هم نجوم كرة القدم" ؟ إن أخطر لعبة يقوم بها الإعلام ، هو تضخيم الصورة لدرجة تزييف الحقائق ، إذ يتم تسويق منتج ما أو لاعب ما على أنه رائع فيما هو ليس كذلك أو مضر كما هي أغلب الوجبات السريعة التي يحذر منها الأطباء . على ذكر التسويق وبعيدا عن الرياضة قليلا ، لا يمكن إنكار أن تجليات فكرة التسويق ، هي تجليات أمريكية بحتة ففي أمريكا يمكن تسويق حتى الرؤساء ، ويمكن أقناع الجماهير برئيس "كبوش الابن" الذي قال عنه المخرج "مايكل موور مخرج فيلم 11/9 فهرنهايت" في كتابه "رجال بيض أغبياء" : "المنظر العام في قلب الأمة هو أن سفينة الدولة تسير في الضباب ، ولا أحد على عجلة القيادة ، على أي حال إن السائق الذي أوكلت له مهمة القيادة ، هو نفسه وباعترافه شخصيا سائق سكير" . وفكرة التسويق أضرت كثيرا حتى في المنتج ، فقد كانت الشركات الألمانية تصرف جل رأس المال على تطوير المنتج ، إلى أن جاءت ثقافة التسويق الأمريكية لتقلب المعادلة ، وتجعل رأس المال 80% منه يذهب للدعاية والتسويق ، و20% لتطوير المنتج ، ومع الوقت رضخت مصانع العالم لهذا المعادلة حتى الألمان الأكثر ثقة وغرورا وجدوا أنفسهم مضطرين للصرف على التسويق أكثر من تطوير المنتج . أعود من جديد للرياضة لأؤكد إن تسويق لاعبين عاديين كان يمكن لهم أن يكونوا نجوما في عرض الأزياء أو الدعاية على أنهم نجوم عالميين ، يضر كثيرا الذائقة الرياضية ويجعلها تهبط أو تصاب بخلل إذ يوضع لاعب "كبيكهام" بجانب نجوم المستطيل الأخضر ، إنه بالضبط كالضرر الذي حدث لمعدة المستهلك حين تم إقناعه بأن الوجبات السريعة والمضرة هي الأفضل ، فهل يكف الإعلام عن تشويه الذائقة ، أم أن ثقافة الاستهلاك وديكتاتورية رأس المال تجبر الإعلام على جعل لاعب عادي يصبح نجما رغما عن الذائقة ؟