على الرغم أن بداية التسويق الرياضي كان منذ فترة طويلة في الولاياتالمتحدةالأمريكية الا ان اوروبا لم تواكب هذا التطور في تلك الفترة الى أن ظهر ديفيد بيكهام اللاعب الأنجليزي الشاب الذي حولها الى صناعة اعلانية وتحول من مجرد لاعب الى نجم كبير في مجال التسويق الرياضي. وإذا أردنا أن نعرف حقيقة هذه الأسطورة وكيف تمكن من الدخول في معترك التسويق الرياضي، علينا أولاً أن نعرف ما هي خطط الأنجليز في بيكهام تحديدا لكي تعرفوا كيف يفكر هؤلاء وكيف نفكر نحن. فمن صنعوا أسطورة ديفيد بيكهام لم يكن فرداً واحداً أو مجموعة من الأفراد بل هي دولة أو إن شئتم الدقة هو إعلام دولة انجلترا التي حاولت دائما أن يكون لدى شبابها رمز او مثل اعلى تستطيع من خلاله أن تخلق لنفسها دوراً على الساحة الرياضية التي خسرتها ولم تستطع أن تحافظ على ريادتها في كرة القدم عالميا وأوروبيا. بيكهام كلاعب كرة قدم لم يكن يمتلك مقومات النجومية الكروية على الإطلاق فكل ما لديه أنه لاعب خط وسط جيد يستطيع أن يرسل الكرات العرضية بإتقان شديد الى جانب تسديدة الضربات الحرة المباشرة بشكل رائع تجعله يسجل منها أهداف مؤثرة في فريقه أو منتخب بلاده. أما بيكهام – السلعة – فقد كان أكبر بكثير مما يتخيله عقل تسويقي عادي في العالم فقد بدأت مؤسسات كاملة تحاول أن تخلق من بيكهام أسطورة انجليزية يتحدث العالم عنها بعدما أنسحب البساط فجأة من تحت الأنجليز في كثير من المجالات فكانت صور بيكهام عاملاً مشتركاً في جميع الاعلانات الأنجليزية والحديث عن الشاب الإنجليزي البسيط الذي تحول الى نجم بقصة كفاح بسيطة حولها الإعلام الأنجليزي إلى ملحمة كبيرة وخلال ذلك بدأ بيكهام يتحول الى أسطورة انجليزية خاصة بعد تسجيله لبعض الأهداف المؤثرة مع منتخب بلاده وفريقه السابق مانشيستر يونايتد، الى أن وصل الأمر في النهاية الى استئجار مروحية خاصة لتنقل اللاعب من بيته الى ملعب مانشيستر لأداء التدريبات حتى لا تتعطل حركة المرور في مدينة مانشيستر من جراء تدافع المعجبين نحو نجمهم الكبير. وبنى بيكهام أسطورته بمعاونة مؤسسات كاملة الى أن جاءت اللحظة الفارقة في تاريخ التسويق الرياضي وهو انتقال بيكهام الى ريال مدريد الأسباني الذي كان قد ضم قبله زين الدين زيدان أفضل لاعب في العالم ولويس فيجو نجم البرتغال ورونالدو هداف كأس العالم ولكن انضمام بيكهام جعل الجميع يلتفت الى هذه الصفقة وماذا خلفها، فكرويا لم يكن الريال في حاجة ماسة لضم لاعب وسط مثل بيكهام ولكنه من الناحية التسويقية كانت لدى مسئولي ريال مدريد رؤية أبعد من ذلك كثيرا وقالوها بشكل واضح أن بيكهام أنضم للريال لأنه لاعب جيد ولانه علامة تجارية رائعة !! وبالفعل بعد انضمام بيكهام للريال بمبلغ قياسي في ذلك التوقيت بلغ تقريبا 45 مليون دولار بدأت رحلة ريال مدريد لجني الثمار من هذا التعاقد وأصبح بيكهام نجم تسويق أكثر منه أي شيء آخر حتى تعاقد مع عدة شركات لصناعة الملابس الرياضية وبالطبع كان النادي الملكي يحصل على مقابل مادي كبير من أجل السماح لبيكهام بالإعلان عن هذه الملابس ثم تحول بيكهام الى شركات المياه الغازية ثم شركات النظارات الشمسية ثم الى شركات العطور الى أن وصل أخيرا الى شركات المحمول وبالتحديد في أمريكا مع شركة موتورولا. هذه الرحلة التي بدأها بيكهام من الاعلام ووصل بها الى الاعلان وجعلت من هذا النجم أسطورة حقيقية في التسويق الرياضي ويكفي أن نعلم ان انتقال بيكهام الى فريقه الامريكي ( جلاكسي بلوس انجلس وهو معار الآن الى اي سي ميلان) كان مقابل مبلغ من المال يصعب الى أحد تصديقه وهو 200 مليون دولار!! لأن أمريكا كانت تريد بيكهام وزوجته فيكتوريا الى جوار نجوم هوليود لاسباب بعيدة كل البعد عن الجانب الكروي وهو ما كان لها. درس بيكهام درس مفيد من كل الجوانب كيف تتبنى دولة نجماً لكي تجعل منه مثلا أعلى لشبابها بناء على رؤية وأهداف وكيف تستغل الأندية هذه النجومية بالشكل الذي يناسب أحلامها وطموحاتها المالية والشيء الأهم هو كيف يستغل هذا النجم ايضاً هذه الأمور في مصلحته بعيدا عن كل هذه الأجواء والأهداف ليصبح بيكهام هو مرادف لأكبر العلامات التسويقية في العالم سواء في الكرة أو غيرها. [email protected]