أعترف بأنني لا أستلذ بالكرة الإنكليزية، ولا أحب مشاهدتها كثيراً، لبرودتها وفقدها لما سمّاه فيلسوف الكرة البرازيلية صالدانا «نحن نلعب الكرة كالشعر، بينما يلعبها الأوروبيون كالنثر»، غير أنني في الآونة الأخيرة صرت أتابع مباريات الدوري الإنجليزي مكرهاً، وليس حباً في المان والبلوز والشياطين الحمر... ولكن لكون الجزائر ستقابل رفاق روني في المونديال المقبل، وبالتالي حللت محل الشيخ سعدان والحاج روراوة وصرت أتابع كل كبيرة وصغيرة عن الإنكليز، من فضيحة تيري إلى انزلاقات لامبارد اللفظية إلى إصابة بيكام أو بيكهام. وعلى رغم أن كابيللو حذر من المفاجأة التي قد تحملها مشاركة الجزائر فإنني أعتبر ذلك من قبيل الكلام «الديبلو- رياضي» أي التصريح المغلف بديبلوماسية لأن كابيللو سيذهب إلى المونديال لجلب الكأس وليس لإطلاق تصريحات فارغة. فهو «إما أن يكون أو لا يكون» مثلما قال شكسبير. أي أن الإيطالي الذكي اختار قيادة الكتيبة الإنكليزية لمقارعة البرازيل والأرجنتين وإسبانيا وربما إيطاليا وألمانيا للعودة بالكأس وليس التخويف من الجزائر أو سلوفينيا والولايات المتحدة، فكلها وإن بدت متواضعة، تقع تحت طائلة قول الشاعر: ولا تحتقر كيد الضعيف فربما تموت الأفاعي من سموم العقارب وتوزيع التصريحات الحاملة لكثير من المجاملات تدخل عموماً في باب الاستهلاك المحلي والخارجي أيضاً، فإذا ما وقعت الفأس على الرأس يعود صاحب التصريح إلى التذكير بأنه قال قبل أشهر إن الريح كلها تأتي من باب الجزائر أو أي منافس آخر وفي هذا حكمة الباحث عن مخرج. وما أود قوله في هذا المقال، أنني كنت في فترات سابقة متحاملاً، بطريقة رياضية طبعاً، على بيكام أو بيكهام، لا أدري أيهما أقرب إلى النطق السليم، وإن كنت أرى أن بيكهام هو الأقرب لأنه يعني «البك هام.. جداً» أي أن ديفيد ليس مهماً كلاعب فحسب بل في التسويق التجاري والسياسي أيضاً، وتكمن أهميته في أنه صار ناقلاً لصورة الحداثة التي يتسم بها الجيل الإنكليزي الجديد. فهو في رأيي، ورأي كثير من الخبراء، ليس لاعباً من طينة ميسي أو كريستيانو رونالدو أو كاكا أو هيجوين أو حتى روني ودافيد فيا... فهو متواضع جداً يمكن تصنيفه في الدرجة الرابعة أو الخامسة من بين النجوم، ورأيي هذا على الأقل لا يلزم أحداً في شيء، لأن شهرة ديفيد لم تأت من مساره الكروي على رغم موهبته، قدر حضوره التجاري وتسويق صورة النادي والماركات الطاغية كالنظارات والألبسة شبه الداخلية (..) وكذا في تقليعة شعره، والوشم الذي يطبع قفاه، ولحيته التي يتفنن في الظهور بها على أشكال مختلفة، لهذا لا غرابة إن قرأنا في تقارير إعلامية سابقة قولها إن ارتفاع نسبة النساء في ملاعب اسبانيا كان بسببه. وبسبب زوجته فكتوريا الحريصة على أن يكون ديفيد أداة في يد الريال وخاتماً في يدها. سأنسى كل هذا، لأنني بكل صدق تأثرت لإصابة هذا اللاعب الذي كانت جماهير جنوب افريقيا تنتظر مشاركته مثلما انتظرته جماهير لوس أنجليس، وجماهير ميلانو. فهم يريدون مشاهدته والاستمتاع بطلعته البهية وليس بلعبه العادي جداً. وهذه الإصابة اللعينة، التي تعرض لها في مباراة ميلانو الأخيرة، كانت فارقة في وصوله إلى المنتخب بعد أن أبدى كابيللو تردداً في ضمه. وأدى مباراة قوية، لأن رغبته كانت جامحة في الالتحاق بلامبارد وروني. فتلقى ضربة على مستوى الوجه، ثم أنهى المباراة بإصابة في الكاحل لن تمكنه من حضور المونديال إلا متفرجاً. وهو ما أدخل الإنكليز في حزن بسبب غياب «البك.. هام» الذي لن يحقق حلمه في لعب المونديال الرابع ولن يرى الناس تصفيفة شعر جديدة. وسيكتفون بالدعاء له بموفور الصحة والعافية. [email protected]