أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ صالح بن محمد آل طالب المسلمين بتقوى الله عز وجل وحذرهم من لجة بحر الشهوات وأن لا يغتروا بسكونه وأن يلزموا حسن التقوى فإن العقوبة مرة . وقال فضيلته في خطبة الجمعة اليوم في المسجد الحرام / زين للناس حب الشهوات يحذوهم إليها حاد الفطرة ويسوقهم سائق الطبع وجاء الإسلام فلم يحرم أتباعه شيئا من طيبات الحياة ولكنه هذبها وباركها وزكاها وجاء ليمنعهم من المستنقع الآسن وما يضر الإنسان في دينه ودنياه وما منع الإسلام أتباعه شيئا إلا وقد أباح لهم ما يحقق مصلحتهم وينأى بهم عن المفسدة ، ومع تعدد أبواب المباح واتساع آفاق الجائز إلا أن فئة من الناس تأبى إلا أن تقتحم حمى الملك جل جلاله والتفلت من سياج الطهر والفضيلة يتهافتون على الشهوات تهافت الفراش على النار/ . وفي معرض الحديث عن الشهوة يقول ربكم تبارك وتعالى // والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما . يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا// أراد الله التخفيف عن عباده وهم يعانون عنت الشهوة وسطوة الهوى فجاءت شريعة الإسلام بتضييق فرص الغواية وإبعاد عوامل الفتنة وقطع أسباب التهييج والإثارة وإزالة العوائق دون الإشباع الطبيعي بوسائله المشروعة مع شغل الطاقة البشرية بهموم أخرى في الحياة حتى لا تكون تلبية نداء الشهوة هي المنفذ الوحيد ، ودعا الإسلام أتباعه إلى المشروع الطاهر فأمر من استطاع الباءة أن يتزوج وأباح للمتزوج أن يعدد ونهى عن المغالاة في المهور وأمر الذين لا يجدون نكاحا بالاستعفاف حتى يغنيهم الله من فضله ووعد من استعف أن يعفه الله ومن أراد الزواج أن يعينه وندب إلى ما يخفف الشهوة من الصيام وتقليل الطعام وحرم داعية الزنا وبريده (الخمر والمعازف) وأمر بالاستئذان عند الدخول وأوجب غض البصر ونهى المرأة عن إبداء الزينة للأجنبي وعن الخضوع في القول كي لا يطمع الذي في قبله مرض وحرم الله التبرج والسفور فقال سبحانه// ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى// وقال // وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن // فلا يقل أحد غير ما قال الله ، لا يقل أحد إن فتح باب الشهوات والاختلاط بين الجنسين والترخص بالحديث واللقاء والجلوس والعمل والتعليم أطهر للقلوب وأعف للضمائر وأعون على تصريف الغريزة المكبوتة وعلى ترقيق المشاعر والسلوك وحين يقول الله قولا ويقول خلق من خلقه قولا فالقول لله سبحانه وكل قول آخر هراء والله يقول الحق وهو يهدي السبيل . ومنع الإسلام الخلوة بالأجنبية / لا يخلون رجل بامرأة لا تحل له فان ثالثهم الشيطان / واشترط على النساء المحرم في السفر وندبهن إلى القرار في البيوت ونهاهن عن الاستعطار عند الخروج / أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية / . ونهى أن تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها ونهى عن إشاعة الفاحشة في المؤمنين وتوعد من فعل ذلك في الدنيا والآخرة بالعذاب الأليم ، ونهى الله عن مقاربة الزنا وبين عقوبة فاعله ، إن كان محصنا فالرجم بالحجارة حتى يموت وإن كان غير محصن فجلده مائة وتغريب عام وقال// ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين // وقال عليه الصلاة والسلام //لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن // وقال// إذا زنا الرجل خرج منه الإيمان فكان عليه كالظلة فإذا أقلع (أي تاب من الزنا) رجع إليه الإيمان //. وأخبر عن الزناة في البرزخ أنهم في ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يوقد تحته نار وهم فيه عراة فإذا أوقد ارتفعوا حتى يكادوا يخرجوا فإذا خبت رجعوا فيها ، يفعل بهم ذلك إلى يوم القيامة ثم ينتقلون إلى عذاب أشد كما قال الله عز وجل // والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا ، إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما // . فهل يقدم بعد ذلك مؤمن بالله واليوم الآخر على الزنا وقد علم وعيد الجبار جل جلاله ، وهل يتقدم خطوة واحدة في طريق الفاحشة وقد سمع وعد الله لمرتكبها في الآخرة. // يتبع //