بعد خمس سنوات من اندلاع المواجهات العسكرية في العراق وبداية الحرب الأمريكية البريطانية ضد هذا البلد لا يزال التكتل الأوروبي يواجه بصعوبة ومشقة تداعيات هذه الحرب وآثارها على أدائه الدبلوماسي والأمني بالدرجة الأولى والاقتصادي بدرجة أقل. وقد تسببت هذه الحرب في أزمة غير مسبوقة داخل التكتل الأوروبي في ربيع عام 2003م عندما انقسمت الدول الأوروبية على نفسها بين مؤيد صريح للحرب وبين معارض او متحفظ عليها. وفيما استجابت عدة دول من غرب وشرق القارة الى المطالب الأمريكية بالمشاركة الميدانية في الحرب وإرسال عسكريين عنها اكتفت غالبية الدول الأخرى بدور المتفرج بسب عجزها على وقف المواجهة اولا وخشيتها ثانيا من نهاية عملية البناء الأوروبية نفسها. وقلما ألقت مواجهة عسكرية من ثقل بمثل ما ألقته الحرب ضد العراق على أداء التكتل الأوروبي ورسمت توجهاته الداخلية والخارجية وربما لفترة طويلة من الزمن. ومن نتائج الحرب ضد العراق تراجع أداء الدبلوماسية الأوروبية المشتركة التي أخفقت في التحدث بصوت واحد في المحافل الدولية وحتى داخل الهيئات الأوروبية بشان خطط الحرب الأمريكية البريطانية. وتزعمت فرنسا وألمانيا محورا صغيرا من الدول في ربيع عام 2003م وجرت كل من بلجيكا ولكسمبورغ نحو تكوين نواة جديدة للدفاع لأوروبي ولكن ذلك المشروع لم يصمد البتة وسرعان من تم نسفه بسب حرص بريطانيا على دحر اية محاولة لاقامة دفاع أوروبي مستقل. ومثلت مغادرة المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر للحكم ونهاية حقبة الرئيس الفرنسي جاك شيراك في باريس بدا النهائي لمحولات أوروبا في إقامة نهج مستقل للأمن والدفاع وكأحد التداعيات التي كانت مرتقبة من الحرب ضد العراق. ولكن منسق السياسة الخارجية الأوروبية خافير سولانا والوثيق الالتصاق بالخيارات الأمريكية والأطلسية لعب دورا حاما في توجيه خيارات أوروبا أثناء الحرب وبعدها وجعلها أكثر انسجاما وتطابقا مع المصالح الأطلسية الأمريكية بشكل عام. //يتبع// 1636 ت م