تعددت أقوال المؤرخين عن تاريخ مكةالمكرمة كمدينة، غير أن الثابت هو أن تاريخها موغل في القدم، وتعد من أقدم مدن العالم، إن لم تكن أقدمها على الإطلاق ومما يدل على ذلك أن اسمها ورد في المصادر اليونانية والسريانية والرومانية القديمة حيث نجد ان تعني في اللغة السريانية (مكرابو)، وفي اللغة الأشورية(مكا)، وفي اللغة السبئية القديمة(مكرابا)، وكل هذه المسميات تعني شيئاً واحداً وهو(المدينة المقدسة). وتقع مكةالمكرمة غرب المملكة العربية السعودية على خط عرض 31 درجة، وترتفع عن سطح البحر بمقدار 280متراً، وتتجاوز مساحتها480 هكتاراً، وتبعد عن مدينة جدة بحوالى 73 كيلومتراً، وعن مدينة الطائف 87 كيلومتراً، وعن المدينةالمنورة 450 كيلومتراً، وعن العاصمة الرياض 990 كيلومتراً. وتنحصر في مجموعة من الوديان تحيط بها سلسلتان من الجبال تكادان تتصلان ببعضهما من جهات الشرق والغرب والجنوب . ويسودها طقس حار جاف حيث تتراوح درجة الحرارة فيها في فصل الشتاء بين 15 و20 درجة مئوية بينما تصل في فصل الصيف إلى 45 درجة مئوية. واتفق الباحثون على أن سيدنا إبراهيم عليه السلام قد جاء بإبنه إسماعيل إلى مكةالمكرمة في عام 1910 قبل الميلاد، وهي نفس السنة التي ظهرت فيها بئر زمزم، وبسببها تجمعت قبائل العرب بواد غير ذي زرع. وهذا يعني أن وجود مكةالمكرمة كان قبل أكثر من أربعة آلاف عام، ومنذ ذلك التاريخ كانت مكةالمكرمة نقطة لتجمع قبائل العرب وقوافل التجارة المتجهة والقادمة من وإلى بلاد اليمن وحضرموت ومصر وبلاد الشام حاملة الطيب والبخور والصمغ والجلود. وكأي مدينة قديمة، كانت مكةالمكرمة محاطة بأسوار ثلاثة تحميها من المغيرين المعتدين، وهذه الأسوار هي: سور باب المعلاة من جهة الشرق، وسور باب الشبيكة من جهة الغرب، وسور باب اليمن من جهة الجنوب، كما أن جبالها الشامخات محيطة بالمدينة إحاطة السوار بالمعصم مكونة سياجاً طبيعياً قوياً ضد هجمات المعتدين. وظلت مكةالمكرمة مدى تاريخها الطويل، مقصداً ومحطة لمرور القوافل التجارية من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب، لوقوعها وسط شمال الجزيرة العربية وجنوبها من جهة، ولتوفر عيون المياه الجوفية فيها والتي تحتاج إليها القوافل التجارية من جهة أخرى. وبعد ظهور الإسلام وتوطيد أركانه، أصبحت مكةالمكرمة صاحبة المكانة الأولى في العالم الإسلامي، إذ تشخص أبصار وأفئدة المسلمين إلى رحابها الطاهرة خمس مرات كل يوم وهم يؤدون الركن الثاني من أركان الإسلام، ويفد إليها كل عام الملايين في مواسم الحج والعمرة تلبية لأمر اللّه لخليله إبراهيم عليه السلام / وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق/ سورة الحج 27 . // انتهى // 1549 ت م