إعداد : محمد آل فيه - تصوير : محمد الشريف تضم " صحراء حسمى " بمنطقة تبوك، التي تقع جيولوجيًا ضمن متكون الساق، تشكيلات صخرية مميزة، تمنح زائريها شعورًا بالعراقة والرحابة والهدوء الذي يجذبهم نحو التجول في متحفها المفتوح من الجبال والصخور الرملية التي شكلتها عوامل التعرية على مر القرون بأشكال هندسية تشد الناظر إليها ، وتدفعه للغور في أسبارها الجيولوجية. ومن بين هذه التشكيلات الفريدة ، تبرز أحدى الكتل الصخرية بأم سرهيج التابعة لمركز بجدة غرب مدينة تبوك، كإحدى المعالم التي تسكن صحراء حسمى، وتقف بطول يقارب ثلاثين متراً على قاعدة صغيرة ونحيلة بشكل يشبه الغراميل. ويعزى تشكيلها الفريد كما أوضح عضو هيئة التدريس بكلية علوم الأرض بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة –سابقا- الدكتور أحمد النشطي، إلى عوامل التعرية التي مرت بالكتلة الصخرية على مر السنين، نتج عنها تأثر الجزء السفلي منها بالرياح المحملة بحبيبات الرمل، التي تعمل في مثل هذه الحالات على نحت الكتل الصخرية، وبقاء الأجزاء العلوية منها بمعزل عن عمليات النحت الشديدة بسبب عدم قدرة الرياح على حمل حبيبات الرمال بارتفاعات تتجاوز المتر والمتر والنصف ، ولذا تعد من أندر الكتل الصخرية وأكثرها جمالية . وتتعاقب التكوينات الجيولوجية في منطقة تبوك، أي من الأقدم إلى الأحدث بدءًا بتكوين سَاق وانتهاء بتكوين النيوجين، وتنكشف الصخور الرسوبية في الرف العربي في شرقي المنطقة وشمالها في تكوينين كبيرين هما: الوحدات المماثلة لتكوين ساق ، وتكوين تبوك ، وقد سمي بهذا الاسم نسبةً إلى مدينة تبوك، حيث يوجد حولها أفضل منكشف للتكوين ، من حجر الرمل والطَّفْل، ويتألف من ثلاث وحدات ، تفصل بين كل وحدة وأخرى طبقة رقيقة من الطفل، ففي القاعدة توجد طبقة طفل الحَنَادر التي تفصل بين تكوين تَبُوك وتكوين سَاق، وفوق تَبُوك السفلى طبقة أخرى من الطفل تسمى طفل الرَّعَن تفصله عن تَبُوك الأوسط. وفي قمة التكوين يوجد طفل قُصَيْباء فوق تَبُوك الأعلى وهو يعود إلى العصر الأردوفيشي الأسفل والديفوني الأسفل من الزمن الأول، ويبلغ سمك التكوين في المقطع المثالي أكثر من 1072 ، وهو أمر يعرفه علماء الأرض الذين أكدت بحوثهم أن عوامل التعرية خاصة في هضبة حسمى قد عملت على تشكيل المكان منذ ملايين السنين، مما جعل تلك الجبال محط اهتمام كل من مر بها ، نظراً للتكوينات الجاذبة والجميلة في تلك البقعة.