أكد المشاركون في فعاليات المنتدى العربي الرابع للمياه أن تعزيز التعاون المائي في الوطن العربي بات أمرًا حيويًا وملحًا خاصة أن الجزء الأكبر من المياه في العالم العربي هي مياه عابرة للحدود وتنبع من خارج المنطقة العربية. وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إن الجامعة تتابع مسار المحادثات بين دولتي مصب نهر النيل العربيتين مصر والسودان وإثيوبيا بقلق، مشددًا على أن الأمن المائي لأكبر دولة عربية من حيث عدد السكان هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي. ودعا في كلمته التي ألقاها أمام افتتاح فعاليات المنتدى العربي الرابع للمياه، المنعقد حاليًا بالقاهرة الحكومة الأثيوبية إلى إظهار الانفتاح الكافي على مبادئ التعاون والتشاركية باعتبار أنها تُمثل السبيل الوحيد للاستفادة من مياه نهر يسكن على ضفاف حوضه 400 مليون إنسان وهم مرشحون للزيادة إلى مليار شخص في عام 2050. وأشار الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى أن بعض التطورات الأخيرة فيما يتعلق بالأمن المائي العربي تنطوي على الكثير من أسباب القلق والانزعاج، مؤكدا أن المنتدى العربي للمياه يعقد في توقيت دقيق بالنسبة للأمة العربية. وشدد على أن ندرة المياه تُعد واحدة من أخطر التهديدات التي تواجه الأمن القومي العربي، لافتًا إلى أن 40% من سكان العالم العربي يعيشون في مناطق تُعاني من ندرة مُطلقة في المياه. وبين أن التهديدات للمصادر المائية العربية ليست كلها من صنع الطبيعة أو بفعل التغيرات المناخية فبعضها يأتي انعكاساً مباشراً للأوضاع السياسية في أحواض الأنهار التي تشترك فيها الدول العربية مع جيران آخرين. وتطرق أبو الغيط إلى ممارسات إسرائيل في منع الفلسطينيين من الاستخدام المباشر والحر لمواردهم الطبيعية بما فيها المياه، وقال: "إن الحال في الجولان السوري المحتل ليس بأفضل فالسلطات الإسرائيلية تحرم المزارعين السوريين من الحصول على المياه اللازمة للزراعة وتبيعهم إياها بأسعار تفوق بكثير ما يدفعه المستوطنون الإسرائيليون غير الشرعيين". وطالب أبو الغيط بضرورة كشف الممارسات الإسرائيلية غير الإنسانية في المحافل الدولية، مؤكدًا أنه لا تنمية في ظل الاحتلال وعدم سيادة الأوطان على مواردها الطبيعية. من جانبه، أكد وزير الموارد المائية والري المصري الدكتور محمد عبد العاطي، أن بلاده تواجه تحديات كبيرة في مجال المياه لأنها تعتبر من أكثر الأقاليم استيرادًا للغذاء. وقال الدكتور عبد العاطي في كلمته " إن المشاكل التي تواجهها الأمة العربية تضع أوليات كبيرة، فمصر مثلا يتركز السكان فيها بخمسة بالمائة حول نهر النيل والحصة المائية ثابتة "، مشيرا إلى أن مصر تواجه عجزًا حقيقيًا في المياه والمياه الجوفية ويتم تعويض هذا العجز عن طريق إعادة استخدام المياه. وأكد أن مصر تنسق جهودها مع كل دول حوض النيل، لافتًا إلى الإسهامات المصرية في منشآت وسدود في هذه الدول من حيث مبدأ لا ضرر ولا ضرار. وبدوره أكد رئيس المجلس العربي للمياه الدكتور محمود أبو زيد، أنه لا يمكن لدولة واحدة، أن يكّون لها القدرة والسيطرة على مياه أي نهر من الأنهار المتشاطئة ولكن عندما تتعاون الدول المتشاطئة يمكنها تحقيق مصالح الجميع وزيادة حصة كل الأطراف. وشدد على الحاجة المتزايدة للعمل على تجنب الصراعات، مشيرًا إلى أن الصراع والتعاون واقعان موجودان جنبًا لجنب مع بعضهما والنظر لهما بفهم أكبر وبصيرة أعمق سوف يخفض حدة التوتر. وأشار إلى أن سلسلة المنتديات العربية للمياه أصبحت محفلاً يضم أعضاء المجلس العربي للمياه وصناع القرار والخبراء للتداول في مشكلات المياه، مشيرًا إلى أن تسليط الضوء اليوم على التحديات المائية وبحث الحلول ووضع آليات التعاون المشترك من أجل تحقيق الأمن المائي وتحقيق تنمية شاملة في ظل الوضع المائي الحالي مع تزايد الجفاف المتكرر والتغيرات المناخية ونزوح السكان والهجرات القسرية.