الملافظ سعد والسعادة كرم    استنهاض العزم والايجابية    المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    فرصة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    لبنان يغرق في «الحفرة».. والدمار بمليارات الدولارات    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «آثارنا حضارة تدلّ علينا»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    أرصدة مشبوهة !    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إطلالة على الزمن القديم    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    فعل لا رد فعل    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    «إِلْهِي الكلب بعظمة»!    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المرور»: الجوال يتصدّر مسببات الحوادث بالمدينة    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملف الاسبوع: خبراء ومحللون : صراع القوى الخارجية على الثروة في العالم العربي له مبرراته

أكد عدد من الخبراء والأكاديميين أن صراع القوى الخارجية على الثروة في العالم العربى له مبرراته . وأشاروا الى أهمية الموقع الاستراتيجي للوطن العربي وما تمتلكه الدول العربية من ثروات كثيرة يأتى على رأسها النفط.
من جانبه يقول الدكتور ناجي عبد الباسط هدهود الخبير الاقتصادى ووكيل معهد البحوث والدراسات الآسيوية بجامعة الزقازيق : ان المنطقة العربية شهدت صراعات دولية عليها أكثر من أي منطقة أخرى فى العالم، لذلك لابد من استعراض أسباب ودواعي هذا الصراع الدولي على المنطقة العربية وأدواته ومتغيراته، والتي تتمحور في الموقع الجغرافى الفريد، وما تمتلكه هذه المنطقة من ثروات طبيعية يأتى على رأسها النفط مما أدى لتزايد الاطماع فيها. واضاف الدكتور هدهود قائلا : ان الصراع من أجل السيطرة على المنطقة العربية حتمي، وان استهدافها من قبل القوى الطامعة الخارجية فى ثرواتها متوقع جدا لافتا الى أن امتلاك المنطقة العربية لثروات طبيعية هائلة، تحتاج اليها الدول الكبرى والمتقدمة بعد الثورة الصناعية خاصة وان هذه الدول تحتاج إلى مصادر المواد الأولية اللازمة لصناعاتها. وأضاف أن من أهم هذه الثروات البترول والمياه والمعادن وغيرها من الثروات التي تهم الدول الصناعية، ولذلك ازدادت حدة الصراع بين الدول الغربية مع ازدياد حاجاتها لهذه الثروات، ومع تغير موازين القوى بينها.
واختتم الدكتور هدهود حديثه قائلا : ان الصراع بين الدول الغربية والكيانات الإقليمية على الوطن العربي صراع قديم يتجدد في مراحل مختلفة، وأن هذا الصراع يهدف إلى جعل المنطقة العربية تابعا سياسيا وأن تكون مسرحا للسيطرة على مواردها الأولية وثرواتها وسوقا لمنتجاتها، وأن تسخر لخدمة مصالح هذه الدول الطامعة.
أما الدكتور على مسعود أستاذ الاقتصاد السياسى بجامعة أسيوط والخبير بالامم المتحدة فقد أكد أن المنطقة العربية قد شهدت صراعات النفوذ والمطامع الإقليمية والدولية نظرا لما تتمتع به هذه المنطقة من تركز الثروة والمواقع الجيوسياسية والاستراتيجية مشيرا الى أن المواقف الإقليمية والدولية للقوى الكبرى انطلقت من الحفاظ على مصالحها في المنطقة العربية، مما يدعو العرب إلى توحيد أنفسهم وتحقيق تكاملهم السياسي والاقتصادي لصيانة حقوقهم ومستقبلهم المنشود محذرا من أن المنطقة العربية ستظل هدفا لأطماع الصراع الإقليمي والدولي داعيا إلى تعزيز التضامن والتعاون والتكامل الاقتصادى والسياسى العربي وأن يوحد العرب سياساتهم إزاء ما تتعرض له المنطقة من هجمات خارجية. وأضاف الدكور مسعود قائلا : ان صراع القوى الخارجية على الثروة فى العالم العربى له مبرراته، حيث ان المنطقة العربية غنية بالنفط، والنفط كما هو معروف عصب الصناعة الحديثة فى الغرب والدول الصناعية الكبرى التى تحاول اخفاء أطماعها فى ثروات المنطقة وتظهر بمظهر الدول الصديقة للدول العربية التى تقدم المعونات والمنح والاستثمارات لدول هذه المنطقة.
ويؤكد الدكتور مسعود أنه فى حالة عجز هذه الدول عن إيجاد البديل المناسب للنفط سيؤدي حتما التفكير بهذه الدول بأهمية هذه المسألة وبضرورة ضمان استمرارها، وهذا ما قد يدفعها، أو سيدفعها إلى صراع دموي رهيب حول النفط وبالتالى ستكون منطقتنا العربية هى الموطن الطبيعي لتلك الحروب الطاحنة لا قدر الله ان حدث هذا الامر.
محط أطماع
أما المحلل والخبير السياسى عبد السلام موسى فيرى أن أهمية الموقع الاستراتيجي للوطن العربي وما تمتلكه الدول العربية من ثروات كثيرة فى مقدمتها النفط ، وسيطرة المنطقة على أهم الممرات المائية التي تربط العالم شرقه بغربه وشماله بجنوبه، مثل باب المندب، وقناة السويس، ومضيق هرمز، ومضيق جبل طارق، والبحر الأبيض المتوسط الذي تسيطر المنطقة العربية على سواحله الجنوبية والشرقية جعلها محط أنظار وأطماع القوى العالمية والاقليمية. وأضاف أن ما تشهده منطقة الشرق الاوسط وبخاصة المنطقة العربية من صراعات وتجاذبات اقليمية ليست دائما ذات اسباب حقيقية بل كثيرا ما كانت مفتعلة من أطراف دولية صاحبة مصلحة في المنطقة تسعى الى خلق الازمات لإشعال الحروب والصراعات الجانبية لتأمين ازدهار سوق السلاح، وليكون ذلك مبررا لوجود القوى الأجنبية بجوار منابع النفط.
خبراء يحذرون من خطورتها: محطات التحلية تدمّر الثروة البحرية
محطات لتحلية المياه أم لتدمير البيئة البحرية
تسببت الزيادة السكانية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وكذلك التغيرات المناخية، في زيادة الحاجة إلى المياه العذبة التي تمثل المشكلة الرئيسية أمام العالم في الوقت الحالي. معظم دول العالم التي تعاني من نقص المياه تلجأ إلى إنشاء محطات لتحلية مياه البحر، خصوصاً في المنطقة العربية التي تعاني بشدة من نقص المياه وتحديدا في المملكة العربية السعودية .
عدد من خبراء العلوم البيئية أكدوا أن هناك بعض المشاكل البيئية تنتج بسبب وجود محطات التحلية منها تدمير بعض الكائنات البحرية وتسرب مواد سامة الى البيئة المحيطة .
تدمير الثروة البحرية
في البداية يقول مجدي توفيق أستاذ البيئة المائية بجامعة عين شمس: إن المشكلة الرئيسية الناجمة عن محطات تحلية المياه هي إعادة المياه الناتجة من عمليات التحلية، والتي تتميز بملوحة وحرارة عاليتين. فهي تؤثر على المجتمعات البحرية الحساسة، مثل الشعاب المرجانية والحشائش البحرية. بالإضافة إلى أن هذه المياه تحتوي أيضاً على مواد كيميائية مختلفة ناتجة من عمليات المعالجة.
ويضيف توفيق أنه من المشاكل أيضاً الضوضاء الناشئة حول محطات تحلية المياه نتيجة استخدام مضخات الضغط العالي ومولدات الطاقة، مثل التوربينات التي تصدر ضوضاء عالية جداً تتعدى 90 دسيبل، كما يعتبر وجود محطات التحلية على ساحل البحر مباشرة، خصوصاً في منطقة مثل البحر الأحمر، إهداراً لمناطق ذات أهمية سياحية.
زيادة ملوحة البحر
ويؤكد الدكتور أحمد عبدالحميد أستاذ العلوم البيئية بجامعة القاهرة أن أي تغير في المكونات الطبيعية في البيئة يؤثر مباشرة على المكون العام للحياة النباتية والحيوانية في المنطقة المتأثرة، وهذا ما يحدث في المناطق التي تقوم بالقرب منها محطات توليد الطاقة ومحطات تحلية المياه، مشيرا إلى أن محطات تحلية المياه بطريقة «التناضح العكسي» تعتبر من أفضل الطرق لاستغلال مياه البحر للشرب، ولكنها تعمل على تصريف مياه مركزة بالأملاح لتلقي بها إلى البحر، وتعتمد محطات التحلية على مرحلة المعالجة الأولية ثم مرحلة الضغط ومرحلة الفصل بواسطة الأغشية، ثم المعالجة النهائية.
وأوضح عبدالحميد أنه أثناء مرحلة إنشاء محطة التحلية وإقامة المواسير، يحدث اضطراباً لقاع البحر يؤدي إلى عكارة شديدة وتلوث الماء وتدمير كامل للكائنات البحرية. وبعد الإنشاء، يؤدي وجود مواسير السحب والصرف إلى تغيير طبيعة القاع، حيث تعمل كشعاب اصطناعية تستخدمها الكائنات البحرية، كما أن وجودها يعيق حركة الملاحة في المكان. ويؤدي سحب الماء من البحر إلى سحب كائنات بحرية داخل المواسير.
أمراض للإنسان
وتقول سامية كمال أستاذ البيئة المائية بجامعة عين شمس، إن مخلفات محطات التحلية عندما تعاد إلى البحر تتسبب في تلوث البيئة البحرية، فتؤثر بشكل سلبي على كل الكائنات الحية ومنها المرجان الذي يعد موئلا ومسكنا للأسماك من حيث التكاثر والحصول على الغذاء. وفي حال تأثر المرجان نتيجة الحرارة المرتفعة وارتفاع الملوحة فإنه يمرض ويصاب بابيضاض المرجان، وبالتالي ربما يبدأ في الانقراض وعندما لا تجد الأسماك البيئة المرجانية التي توفر لها الغذاء فهي ترحل خارج المياه الإقليمية إلى أماكن ربما لم تقم بالقرب منها أية نشاطات بشرية، كما أن تلك المياه ربما تؤدي إلى أمراض كثيرة لدى الإنسان عندما تتلوث الأسماك وتصاب بالأمراض نتيجة المحيط البيئي الذي تعيش فيه.
حلول ومقترحات
ويطرح محمد عبدالفتاح أستاذ معهد الدراسات والبحوث البيئية مجموعة من الحلول لتفادي أضرار محطات التحلية، وهي استخدام مصادر طاقة بديلة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة جوف الأرض لتشغيل محطات الكهرباء الملحقة بمحطات التحلية، كما يمكن إقامة محطات تحلية عائمة على مسافات بعيدة داخل البحر تقلل الضوضاء وتوفر الأراضي ذات الأهمية الاقتصادية.
وأضاف عبدالفتاح: «يمكن التصريف مباشرة إلى وحدات لإنتاج الملح بالتجفيف عبر التبخر تحت أشعة الشمس، فلا تعود هناك ضرورة للصرف في البحر، كما يمكن الاستفادة من بيع الأملاح الناتجة للاستخدام الصناعي، وهذا معمول به حالياً في بعض الدول الأوروبية مثل اليونان. ولمنع تسرب المياه من مواسير الصرف ومنع اختلاطها بالمياه الجوفية، يجب اختيار مواسير ذات جودة عالية واستخدام تقنيات متطورة لمنع التسرب».
حرب المياه.. السيناريو المفزع
قبل‏ 400‏ عام كان شعب كوكوبا يعيش في دلتا نهر كولورادو‏,‏ وحين جاء المهاجرون الى هذا المكان الولايات المتحدة الامريكية لاحقا تم سحب المياه لملء حمامات السباحة في لوس انجلوس‏,‏ ولتوليد الكهرباء لاضاءة لاس فيجاس‏,‏ وري صحاري اريزونا‏,‏ وتعرض شعب وثقافة كوكوبا للابادة والانقراض من اجل الحضارة الجديدة‏,‏ واليوم ومن اجل توفير المياه للمستوطنين اليهود في فلسطين تطرح الولايات المتحدة ودول اوروبية مشاريع لتسعير وتقنين استخدامات المياه في الشرق الاوسط ودول منابع الانهار ومصابها‏,‏ ويقوم البنك الدولي بدور رأس الحربة لتمرير هذه المشاريع‏.‏
وحسب ما ذكره الباحث مهدي مصطفى، فإن الولايات المتحدة واوروبا تقودان مساعي لتسعير وبيع المياه برغم ان هذه الدول لا تعاني مشكلة ندرة المياه العذبة التي تعاينها اغلب الدول الفقيرة والنامية‏,‏ وتتخفى مساعي الغرب وراء شعارات براقة منها العمل على تجنب حروب من اجل المياه‏,‏ لكن الغرب نفسه هو الذي انتهك موارد كثيرة لشعوب العالم الثالث وفي مقدمتها النفط‏.‏ بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وازدهار فكرة النظام العالمي الجديد بدأت قمة الارض في ريو دي جانيرو مسرحا لزعماء العالم الصناعي المتقدم لتشريع قوانين جديدة‏,‏ وكان الماء العذب على رأس اولوياتهم‏,‏ وكان هناك البنك الدولي‏,‏ الذي اقترح انشاء آليات اخرى غير السائدة بخصوص المياه العذبة وطرق استخدامها‏,‏ فبدلا من ادارة العرض‏,‏ بدأ في طرح ادارة الطلب‏,‏ وتشريع تسعير المياه من خلال انشاء بنك المياه وان كان الوقت لم يسمح منذ‏1992,‏ بالتسارع في التشريع‏,‏ الا انه نشط في الاعوام الاخيرة‏.‏
السيناريوهات المبكرة
برغم ان الرئيس الامريكي جون كيندي‏1963-60,‏ كان يرى ان العالم سيعاني ندرة المياه العذبة‏,‏ ويقترح تحلية المياه المالحة من المحيطات والبحار‏,‏ واعتبر مشروع تحلية المياه بتكلفة اقل‏,‏ اعظم اختراع انساني‏,‏ فالرئيس الاسبق ريتشارد نيكسون‏ 1974-68,‏ دعا الى تشجيع تركيا لاستغلال مميزاتها التاريخية والحضارية‏,‏ لكي تلعب دورا اساسيا واقتصاديا في الشرق الاوسط‏,‏ واذا امكن حل مشكلة الصراع العربي الاسرائيلي‏,‏ فان مشكلة المياه سوف تكون اهم مشكلة في المنطقة‏,‏ ونظرا لان تركيا دولة لديها مصادر غنية بالمياه‏,‏ فيمكنها الاسهام في حل المشكلة عن طريق امداد اسرائيل وسوريا والدول الاخرى بالمياه عن طريق مواسير ضخمة وتساعدها الولايات المتحدة الامريكية في هذا الشأن‏.‏ لم يشذ نيكسون عن الحفاظ على استقرار اسرائيل‏,‏ ومن ثم المصالح الامريكية في المنطقة‏,‏ عبر ارسال المياه الى اسرائيل‏,‏ وهو السيناريو نفسه الذي اقترحه شمعون بيريز عام 1991,‏ بعد حرب الخليج‏,‏ فهو يرى ان المعادلة التي تحكم الشرق الاوسط الجديد سوف تكون عناصرها كما يلي‏:‏ النفط السعودي الايدي العاملة المصرية المياه التركية العقول الاسرائيلية‏.‏
الغريب ان مشروع بيريز للشرق الاوسط وجد من يتبناه في العالم العربي‏,‏ فقد كتب احد الباحثين عن هذا المشروع‏:‏ الافكار المطروحة حول مشكلة المياه في المدى المتوسط يمكن ان تساهم الفجوة الحالية بين العرض والطلب‏,‏ كما يمكن ان تفي بالاحتياجات المتنامية خلال السنوات العشر القادمة‏,‏ لذا فان المشروعات الطموح والمكلفة مثل مشروع انابيب السلام التركي‏,‏ وكذلك محطات التحلية النووية‏,‏ يمكن ان تكون مجالا للاهتمام‏,‏ ويبدو هذا الكلام مفارقا للرأي المصري في موضوع المياه‏,‏ الذي يعد من الخطوط الحمراء في كل العصور ايا كان الحاكم المصري‏,‏ غير ان مشروعات السلام القائمة في المنطقة جعلت بعضهم يذهب بعيدا‏,‏ واذا كان بيريز طرح بلا مواربة مشروعه مبنيا على المياه التركية‏,‏ فان تركيا لم يغب عنها ان وجودها الفاعل مرهون بقوته على الساحة السياسية‏,‏ والقوة تكمن في المياه‏,‏ المشكلة التي تعانيها دول الخليج بالاضافة إلى اسرائيل‏.‏
وقد بدأت تركيا مشروع شرق الاناضول الكبير (GAP)‏ عندما زار تورجت اوزال امريكا عام‏ 1987‏ واقترح على الادارة الامريكية فكرة المشروع على ان تسهم في انشائه الشركات الامريكية‏,‏ وقد رحبت الادارة الامريكية بالمشروع كونه احد اوراق اللعب في الشرق الاوسط‏,‏ خاصة ان المياه ستصل الي العراق وسوريا عبر التحكم التركي من خلال السدود على نهري سيمان وجيحان‏,‏ بالاضافة الى انها ستصل الى اسرائيل عبر الانابيب دون معاناة‏,‏ وهو المشروع الذي كان سيتم احلال انهاء عملية السلام مع الفلسطينيين‏,‏ ومن وجهة النظر التركية الامريكية ان المشروع سيحجم قدرات العراق وسوريا معا‏,‏ وسيجعل اسرائيل في مأمن مائي‏.‏
غير ان المشروع لم يتم لاسباب سياسية في المنطقة‏,‏ بالاضافة الى البنك الدولي يريد ترتيبات قبل البدء في الاسهام المالي‏,‏ خاصة ان البنك يريد ترتيب اوضاع نهري الليطاني والاردن من خلال ضخ المياه الى اسرائيل‏.‏
البنك الدولي
في عام 1992‏ وخلال قمة الارض في ريو دي جانيرو‏,‏ حاول البنك الدولي ان يمرر مشروعا حول المياه‏,‏ فقدم ورقة تحت عنوان النهج المائي الجديد فاجأت العالم الذي اعترض على ما جاء فيها وكانت ابرز النقاط في الورقة هي‏:‏
تحديد وتعريف وتقنين حقوق الملكية والاستخدام لكميات معينة من المياه‏,‏ وخلق درجة كافية من القبول الاجتماعي لفكرة التداول التجاري للمياه‏.‏
والنقطة الثانية هي مربط الفرس‏,‏ حيث فتحت الباب واسعا لتسعير المياه‏,‏ قد تؤدي الى نزاعات حربية طاحنة‏,‏ خاصة في دول الاحواض المشتركة لمصر والسودان واثيوبيا‏,‏ ومن غير المستغرب ان يطرح البنك الدولي ذلك‏,‏ فنائب مدير البنك اسرائيلي يدعى ميخال فيدير‏,‏ بالاضافة الى اسرائيلي اخر هو جرشون فيدير رأس قسم السياسات الزراعية‏,‏ ومن هنا تأتي وساطة البنك حول مياه انهار الاردن واليرموك والليطاني‏,‏ ومساعيه لاقامة مشاريع تصب في مصلحة اسرائيل‏,‏ من خلال اقتراحه ادارة الطلب وتسعير المياه‏.‏
اسرائيل وملعب اثيوبيا
ويرى الباحثان د‏.‏ سامي مخيمر وخالد حجازي‏,‏ ان تسعير المياه وجعلها سلعة تتداول تجاريا من شأنه ان يسبب صراعات بين الدول النهرية المتشاطئة‏,‏ حيث يهدم المبادئ القانونية المتعارف عليها‏,‏ مثل قواعد هلسنكي‏,‏ فهو يعطي الجميع الحق بالمطالبة بحصتهم المائية‏,‏ وفقا لحقوقهم المكتسبة‏,‏ بل في انصبتهم في ارباح المبيعات المائية‏,‏ وفي هذه الحال تسعى اذا طبق هذا المبدأ اسرائيل للحصول على الماء من جوارها العربي‏,‏ فليس غريبا ان تهتم اسرائيل بدول اعالي النيل‏,‏ بغية تكوين حلف استراتيجي يهدد المصالح العربية المصرية السودانية‏,‏ وقد حظيت اثيوبيا بالاهتمام الخاص لان الاخيرة تحاول الا تجعل البحر الاحمر بحيرة عربية‏.‏
ويرى الباحثان مخيمر وحجازي استراتيجية عربية لابد ان ترتكز على التمسك بالحقوق المائية العربية في مواجهة اي طرف ينتقص من هذه الحقوق‏,‏ وتنمية الموارد المتاحة على المستويين القطري والقومي الى حدها الاقصى‏,‏ مع تدبير موارد جديدة‏.‏
مصر‏:‏ لا لتسعير المياه
لكل ما سبق من سيناريوهات تنبهت مصر الى مخطط بيع تسعير المياه وطبقت مبدأ اخلاقيات المياه‏,‏ الذي دشنه مؤتمر تحت هذا الشعار عقد في اسوان نهاية العام 1999‏.
وترفض مصر الفكرة من اساسها‏,‏ واقترحت ان تكون هناك اخلاقيات جديدة حول المياه حتى لا تتحول الى سلعة‏,‏ مما يؤدي الى حروب بين دول الجوار‏,‏ كما دعت الى البحث في وسائل لتقليل الفائض بدلا من البحث حول تسعير المياه الذي يفجر صراعات دولية مدمرة‏.‏
وبرغم ضعف المنظمة الدولية‏,‏ الا انها تقف على النقيض من رؤية البنك الدولي في موضوع تسعير المياه‏,‏ وعبر اليونسكو احدى المنظمات التابعة لها تبنت الامم المتحدة شعار اخلاقيات استخدام المياه‏,‏ الذي يرفض هيمنة الشركات الاحتكارية الدولية‏,‏ ضد الفقراء من خلال تسعير المياه واشارت الى عقد جديد في التعاون حول الماء وطرق استخدامه في الحقب القادمة‏,‏ خاصة ان العالم سيزداد تعداده خلال السنوات الثلاثين القادمة‏.‏
وفي خطوة توضح سلامة التفكير المصري في موضوع المياه قررت منظمة اليونسكو اخيرا تبني التقرير المصري حول اخلاقيات المياه‏,‏ والذي شارك في اعداده المفكر المصري فكري حسن‏,‏ وقد جاء هذا التقرير ليعكس رؤية مصرية متقدمة لمنع تعرض الشعوب العربية الى مخاطر‏,‏ والمساس بموارده المائية حتى لا يلقى مصير شعب كوكوبا على يد المهاجرين الجدد‏.‏
إسرائيل تستولي على 60 بالمائة من مياه الأنهار العربية وتسرق المياه الجوفية من سيناء
حرب المياه في العالم العربي ليست مستبعدة لكنها واردة، وثمة عوامل كثيرة تصب باتجاه تأجيجها إن لم ينتبه العرب والذين ما زالوا خاضعين لعوامل الانقسام والتشظى وعدم التوافق على استراتيجية مائية موحدة تجعل مواقفهم التفاوضية قوية فى مواجهة الأطراف الأخرى التى تعمل بكل قوة خاصة الطرف الاسرائيلى على التهام الموارد العربية المائية أو على الأقل محاولة التأثير على حصصهم
وتبدو إشكالية المياه فى العالم العربى بالغة التعقيد فى ظل ما يحيط بها من عوامل داخلية وضغوط خارجية فضلا عن غياب الرؤية الوطنية أو بالأحرى القومية وفى محاولة لاستشراف آفاقها واستعراض الخيارات المطروحة للتعاطى معها كان هذا التحقيق..
حرب واردة
فى رأى الدكتور محمود أبوزيد وزير الموارد المائية والرى المصرى الأسبق فإن إمكانية نشوب حرب مياه فى المنطقة العربية واردة فى والمشرق تحديدا بين اسرائيل وجاراتها لكنها مستبعدة فى الجنوب خاصة بين دول حوض النيل وتقل احتمالاتها كثيرا في الشمال أى بين تركيا من جانب وكل من سوريا والعراق من جانب آخر.
ويتوقف بشيء من التفصيل عند منطقة حوض النيل التى تابع عن كثب من خلال منصبه الوزارى وخبرته الطويلة تفاصيل أزمتها وتداعياتها قائلا: المعضلة الرئيسية تتمثل فى أن المياه متوافرة فى هذه المنطقة بيد أنها غير مستغلة على النحو المطلوب فهناك 1660 مليار متر مكعب تتساقط على أراضى هذه الدول أمطارا ولا يستغل منها سوى 5 فى المائة فقط.
توافق غير محسوم
وأسأله: لكن ألا تقود الخلافات التى وقعت بين دول المصب ودول المنبع الى إمكانية نشوب حرب؟
يجيب الدكتور أبو زيد: لا أعتقد مطلقا فى حدوث هذا الخيار ولعلك تشير الى التهديدات التى وجهها الرئيس المصرى الأسبق أنور السادات الى أثيوبيا فى ثمانينات القرن الفائت فى حال تقليص حصة مصر من مياه النيل والتى أوقعت مصر فى مشكلات كبيرة ولكن تلك التهديدات لم تتكرر من أى مسئول مصرى آخر بعد ذلك وإن حاولت حكومات مبارك فى السنوات الأخيرة أن تتوصل الى توافق مع دول حوض النيل بخصوص الاتفاقية الإطارية وهو أمر ما زال بعيدا عن الحسم ويشهد قدرا من الخلافات خاصة بين مصر والسودان من ناحية وأغلب دول المنبع من ناحية أخرى ولعل تفكير بعض هذه الدول فى إقامة سدود ومشروعات على النيل يؤثر على حصة مصر وبالرغم من ذلك لا يوجد أى نزوع لديها فى تصعيد المواقف مع هذه الدول وهو ما تجسد فى الأشهر الأخيرة من قيام عدد من كبار المسئولين بزيارات مهمة لكل من أثيوبيا وأوغندا وجنوب السودان.
شعوبة المشاركة
ويرى الدكتور أبو زيد ضرورة بلورة التوافق المطلوب على الاتفاقية الإطارية فغياب ذلك من شأنه أن يجعل الاتفاق على مشروعات مشتركة من الصعوبة بمكان فضلا عن إمكانية إبرام اتفاقيات ثنائية ويشير فى هذه السياق الى إمكانية بلورة اتفاقية مع حكومة جنوب السودان العضو الجديد فى مجموعة حوض النيل فذلك من شأنه أن يوفر كميات إضافية الى حصة مصر من مياه النيل ولكن –كما يضيف– اذا استعصت الاتفاقيات الثنائية فإنه من الضرورى ابرام الاتفاقية الجماعية \الإطارية\ لصياغة مشروعات التعاون بين دول الحوض فى المستقبل وهو ما يجعل من خيار اندلاع حرب مياه فى هذه المنطقة مستبعدا.
سيطرة إسرائيل
- إذن أنت تتوقع أن هذا الخيار وارد فى المشرق العربى وأقصد به بين اسرائيل وما يمكن تسميته بدول الجوار فلسطين والأردن ولبنان فما هى مبرراتك فى ذلك؟
* المبرر الرئيسى وراء تصورى بإمكانية وقوع حرب مياه فى هذا الجزء من العالم العربى يتجسد فى سيطرة اسرائيل على أكثر من 60 فى المائة من المياه فيها بالرغم من محدوديتها وضآلتها ومن ثم فهى قادرة على شن حرب فى شعورها بالتهديد بنقص ما تحصل عليه من موارد المياه فى هذه الدول وهى تمتلك القوة لتحقيق الانتصار فيها بحكم ضعف الأطراف الأخرى ولكن بوسع اسرائيل أن تتجنب مثل هذه الحرب لو تجاوبت مع الطروحات العربية لإيجاد حل شامل للقضية الفلسطينية ومن ثم تعمل على إعادة الحقوق العربية وفى الوقت ذاته تكثف مشروعاتها لتحلية مياه البحر خاصة أن لديها التكنولوجيا والقدرات المالية خاصة وما يقلق على الصعيد هو أن الدول العربية المجاورة هى التى تعتمد على تحلية مياه البحر ذات الكلفة العالية بينما اسرائيل تستولى على مواردها الطبيعية من المياه.
4 حقائق
والتقيت بالدكتور ضياء الدين القوصى الخبير الدولى المتخصص فى شئون المياه والنائب الأسبق للهيئة الدولية للرى والصرف والذى يمتلك باعا طويلا فى هذا المجال فيبدأ حديثه بالإشارة الى جملة من الحقائق:
* 60 فى المائة من موارد المياه فى المنطقة العربية تأتى من خارجها.
الأمطار على المنطقة شبه منعدمة والمياه الجوفية تم استنزافها وشبه ناضبة.
المنطقة العربية من أكثر مناطق العالم ارتفاعا فى درجات الحرارة وهو ما يجعل الاستهلاك المائى سواء منزليا أو عاما أو فى الزراعة أو الصناعة مرتفعا.
معظم الدول العربية تصر على أن يكون نشاطها الاقتصادى والتنموى معتمدا على الزراعة وهى بطبيعتها مستهلك كبير للمياه.
خيار اسرائيلي
وأسأله: هل يمكن أن تقود هذه الحقائق الى إمكانية تأجيج الصراع فى المنطقة ومن ثم الى الحرب؟
يجيب الدكتور القوصى: وسط هذه الحقائق زرعت اسرائيل اغتصابا فى منطقة يقل نصيب الفرد فيها من المياه عن 200 متر فى السنة وأذكرك فى هذا الصدد بما قاله بن جوريون أول رئيس وزراء لاسرئيل فى عام 1948 من أن ليس بمقدور اليهودى الذى أمضى كل هذه السنوات فى التيه أن يمضى فى مكان واحد بدون زراعة باعتبارها النشاط الذى يعمق ارتباط الانسان بالارض كما أنه ليس بوسعه –اى اليهودى– ان يعتمد على التجارة والمال والبنوك والجنس والسياحة فقط وإنما من الضرورى أن يكون هناك نشاط زراعى فاخترع قصة المستعمرات أو الكيبوتزات والتى يمارس فيها المستوطنون النشاط الزراعى الى جانب التدريب العسكرى وهنا أدركت اسرائيل أن هذا النشاط يتطلب كميات كبيرة من المياه فألجأها ذلك الى خيارين أحدهما يتمثل فى الاستحواذ على موارد المياه الفلسطينية وفى الدول المجاورة ثم التحول الى دولة صناعية مما أدى الى أن أصبحت مساهمة الزراعة فى الدخل القومى لاسرائيل تصل الى 2 فى المائة ولم تعد تمارس من أنشطتها الا إنتاج التقاوى والبذور.
رسالتان خطيرتان
ويضيف الدكتور القوصى أن هذه التطورات انطوت على رسالتين على قدر كبير من الأهمية أولهما أن اسرائيل باتت تركز على الإدارة الرشيدة للمياه بحيث تراعى القيمة الاقتصادية وليس السعر الاقتصادى للماء بمعنى كيفية التعامل مع الماء كسلعة اقتصادية وفى الوقت نفسه عائدا اقتصاديا وثانيهما تكثيف عمليات اعادة استخدام وتدوير المياه ولكن كل هذا لم يجعل اسرائيل تشعر بالاكتفاء وتخلقت لديها شراهة للمياه فأخذت تقوم بعملية سطو للحصول على مياه بحيرة طبرية ونهر الأردن وأنهار لبنان والمياه الجوفية فى فلسطين بل إن الأخطر من ذلك أنها أخذت تسرق المياه الجوفية من سيناء حتى بعد انسحابها منها وبالذات فى الجانب الفلسطينى من رفح على الحدود مع مصر فضلا عن إمكانية قيامها فى أوقات معينة وعند اللزوم حسب رؤيتها بتسميم الآبار الجوفية سواء فى سيناء أو الاردن أو فلسطين.
معضلة حوض النيل
لكن الدكتور القوصى يرى أن المعضلة الكبرى تكمن فى منطقة حوض النيل خاصة بالنسبة لمصر والى حد ما السودان باعتبارهما دولتي مصب وذلك على عكس رؤية الدكتور محمود ابوزيد التى تستبعد خيار الحرب فى هذه المنطقة ويستند فى تصوره إلى واقعة قديمة حدثت فى 1963 بعد أن نجحت مصر تحت قيادة عبدالناصر في إقامة أوثق العلاقات مع القارة الأفريقية وبخاصة دول حوض النيل وقدمت الكثير من المساعدات سواء على المستوى الاقتصادى أو على مستوى الخبراء والفنيين أو عن طريق شركة النصر للاستيراد والتى انتشرت فى العديد من الدول الافريقية فضلا عن صداقة قوية ربطت بين عبدالناصر والكثير من زعماء القارة فى ذلك الوقت وفى مقدمتهم نكروما وسيكوتورى وجوموا كنياتا وديبوكيتا وجوليوس نيريرى ولم يمنع ذلك الزعيم الأخير -نيريرى والذى كان يرأس جمهورية تنزانيا– من المطالبة بإبرام اتفاقية جديدة لتوزيع حصص نهر النيل مع مصر معلنا أن الاتفاقيات السابقة وقعت فى عهد الاستعمار.
صراع المياه
وأطرح السؤال الرئيس على الدكتور عبدالعليم طه نائب رئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيحية بالأهرام: هل هناك حرب مياه قادمة فى المنطقة العربية فيعلق على الفور: ليس بوسعي الجزم بذلك لكن هناك بالتأكيد صراع على المياه ويبرر ذلك بأن ثمة مشكلة فى كافة أحواض الأنهار ومنابعها سواء نهر النيل أو نهرا دجلة والفرات لاسيما أن أثيوبيا وغيرها من دول حوض النيل وتركيا تقومان ببناء العديد من السدود مما يعنى احتجاز كميات كبيرة من المياه على حساب كل من مصر وسوريا والعراق وهو ما رأينا تجلياته فى أزمة حوض دول النيل والتى ما زالت مستمرة غير أنه يلفت الى أن إمكانيات التفاهم بين هذه الاطراف أكبر من عوامل الخلاف والتناقض خاصة بعد الدور الذى لعبته الديبلوماسية الشعبية من مصر باتجاه أثيوبيا وأوغندا فضلا عن اهتمام القاهرة بالدخول فى مشروعات حيوية فى البلدين تقدر بأكثر من مليارى دولار، لكن الدكتور طه يخشى من اندلاع حرب حقيقية مع اسرائيل بسبب المياه واستمرارها فى احتلال الاراضى العربية والفلسطينية وخطورة ذلك تتمثل فى أن اسرائيل لا تسيطر على الأنهار العربية فقط وانما تقوم بالهيمنة على المياه الجوفية خاصة أن استهلاك مواطنيها من المياه يعادل اضعاف استهلاك المواطن الفلسطيني.
أمن قومي
ويعتقد الدكتور عبدالعليم أن قضية المياه من أهم جوانب قضايا الأمن القومى العربى فهناك مساحات شاسعة من الصحارى فى المنطقة العربية واستزراعها يتطلب كميات هائلة من المياه وهنا تكمن المعضلة الأمر الذى يستوجب أن يكون هناك اهتمام حقيقى من دول المصب العربى بدول المنابع بحيث يتم إبرام اتفاقيات تقوم على التوزيع العادل لحصص المياه وفقا لعدد السكان ومتطلبات التنمية وفقا لقواعد القانون الدولى وأظن –الكلام لمحدثنا– أن مصر سعت بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير لتجاوز كل الثغرات التى تركها النظام السابق فبعثت بوفود شعبية الى عدد من عواصم دول حوض النيل لإقامة منظومة علاقات جديدة لتأمين الموقف من جهة مياه النيل أو على الأقل الحيلولة دون تفاقمه فى ضوء الخلافات التى ما زالت قائمة على صعيد الاتفاقية الإطارية.
استراتيجية مائية
ويخلص محدثنا الى ضرورة تبنى الدول العربية لاستراتيحية مائية سياسة تقوم على المحددات التالية:
تطبيق الاتفاقيات الدولية الخاصة بالأنهار ومياهها بين دول المصب ودول المنبع وفق قواعد القانون الدولى التى تتسم بالعدالة فى توزيع حصص مياه الأنهار.
تعميق علاقات حسن الجوار مع الدول التى تتحكم فى منابع الأنهار وفى مقدمتها أثيوبيا وأوغندا وتركيا.
تعظيم المنافع المشتركة من خلال تحقيق توزيع عادل لحصص المياه وفقا لاحتياجات التنمية من ناحية وعدد السكان من ناحية أخرى.
العمل على سرعة التوصل الى حل شامل للصراع العربى الاسرائيلى والذى يشكل أحد المداخل المهمة لتجنب صراع خطير على المياه فى المدى البعيد.
حلول توافقية
أما الدكتور محمود ابو العينين استاذ العلوم السياسية وعميد معهد البحوث والدراسات الافريقية بجامعة القاهرة فقد أكد ان التصدى لقضايا الامن المائى العربى يحتل أسبقية عليا فى خضم القضايا الشائكة التى تجابه الامة العربية. مضيفا أن مشكلة شح المياه تتسارع وتيرتها نتيجة تزايد الطلب على المياة مع التزايد المطرد في أعداد السكان في البلدان العربية، بالاضافة الى الصراعات حول منابع المياه وخاصة الانهار الكبرى مثل النيل ودجلة والفرات التى تقع خارج الوطن العربى وتتحكم فى مجاريها العليا دول اجنبية. وقال الدكتور ابو العينين ان ما يثور حاليا من خلافات حول حصة مصر والسودان من مياه النيل يعد اصدق تعبير من ابرز المشكلات التى تواجهها مصر فى عملية التنمية الزراعية والتوسع فى استزراع كميات كبيرة من الاراضى الصالحة للزراعة من اجل توفير المحاصيل الزراعية الاستراتيجية مثل القمح والارز مضيفا مبادرة حوض النيل التى تنظم العلاقة بين دول الحوض فى هذا الاطار والتى تم توقيعها فى عام 1999 فى العاصمة التنزانية، هذه الاتفاقية تواجه الآن بعض المشكلات. واعرب الدكتور ابو العينين عن أمله أن تصل مصر والسودان الى حلول توافقية لا تضر بحصة أى دولة فى المياه. وأشار الدكتور ابو العينين الى انه أصبح هناك قناعة لدى الدول العربية بأن مسألة المياه يجب أن تكون من أولويات السياسات الوطنية والاقليمية خاصة وأن الوطن العربي دخل مرحلة المعاناة الناجمة عن نقص الموارد المائية مؤكدا أن المنطقة العربية من أكثر مناطق العالم فقرا بالمياه بسبب وقوع معظمها في بيئة صحراوية جافة وشبه جافة الى جانب تزايد النمو السكاني والتوسع العمراني وزيادة الطلب على المياه وتلوث بعض الموارد المائية وسوء استخدامها وتوزيعها وادارتها بالاضافة لاغتصاب جزء كبير من المياه العربية من جراء احتلال اسرائيل للأراضي العربية سواء الأراضي الفلسطينية المحتلة أو الجولان السوري المحتل أو الجنوب اللبناني وسيطرة اسرائيل وسرقتها للمياه العربية سواء المياه السطحية أو الجوفية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.