قال إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم إن الهيمنة لنزعة الشهوة و الأثرة وحب الدنيا و كراهية الموت قد ولدت في كوامن كثير من المجتمعات المسلمة قسطا وافرا من القنوط و اليأس و ذوبان الأمل والشعور المستحكم بأن سيادتها في الأرض ورياديتها فيهما نوع استحالة تجعل القناعة بمثل ذلكم لونا من ألوان الرضا بالواقع والاستسلام للمستجدات والمدلهمات أي كان نوعها حتى لو كان فيها ظلم الإنسان وقهره وإهدار كرامته ومحو هويته مع أن حقيقة الإسلام وواقعه يؤكدان أن لا انفصال بين العمل للدنيا والعمل للأخرى وان ليس ثم تغليب للجسد على حساب الروح ولا للروح على حساب الجسد إنما هناك تنظيم دقيق يجعل همة الإنسان المسلم والمجتمع المؤمن في أن يتولى القيادة ويمسك بالزمام فلا رهبانية تقتل نداء الفطرة والجبلة ولا مادية جوفاء وأفئدة هواء تتجاهل سناء الروح وتطلعاتها إلى الرفعة والتمكين. وأوضح الشيخ الشريم في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام أن هذا الحق هو ما يجب أن يعرفه عامة المجتمعات المسلمة بجلاء وان تبح له حناجر الباحثين عن الصالح العام لأمتهم ومجتمعاتهم فأن الله جل شأنه سخر أفاق السماء وفجاج الأرض وجعلها في خدمة الإنسان ليعمر أرضه ويخلف فيها بالإصلاح والعبودية له وحده وليكون عزيزا مطاعا لا ذليلا مهانا وليكون متبوعا من قبل أمم الأرض لا تابعا . وأكد أن هذا التسخير الإلهي لم يكن عبثا بلا حكمة ولا نعمة لا تقتضي شكر يشاهد على ارض الواقع من خلال إقامة شرع الله في أرضه وإعلاء كلمته لتكون هي العليا على هذه البسيطة . وبين الشيخ الشريم أنه كان لزاما على امة الإسلام أن تدرك أمرين جد عظيمين تحمل عليهما الضرورة تارة ويهدي إليهما الدين تارات أخرى بل كل منها يستلزم الآخر و يستصحبه استصحابا حثيثا والأمران هما الائتلاف والتآخي بلا تفرق واختلاف وعلو الهمة لبلوغ الأرب في الرفعة والريادة دون استكانة أو خنوع لغير الله سبحانه وتعالى بهذين الأمرين تنمو الأمم فتعظم فتسود ما شاء الله أن يحيا فيها هذان الأمران وانه متى رؤي من امة الإسلام ميل صادق إلى الوحدة والتمكين فأن العاقبة لها ما من ذلك بد فتلك هي السنة الكونية والدينية وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أنه من تصفح تاريخ الأمم والشعوب وتأمل واقعها من خلال كتاب الله وسنة رسوله ومصادر التاريخ المسطرة وجد أن حظ الأمم والشعوب من الوجود على مقدار حظها من الوحدة ووجد مبلغها من العلو والهيمنة على قدر تطلعها إلى التمكين في الأرض لإثبات وجودها كما وجد أيضا انه من حرف قوم عن بلوغ ما ذكر والهاهم بما بين أيديهم وأوقفهم على أبواب ديارهم ينتظرون طارقهم بالسوء إلا بعد ما رزئوا بالاختلاف والافتراق ودنوا الهمة والحطة والشقاق والرضا بالحياة الدنيا من الآخرة وما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل وأكد أن الاتحاد والاتفاق والائتلاف تقارب يحدثه شعور كل فرد من أفراد امة الإسلام بما ينفعها وما يضرها شعور يبعث كل واحد منا على التفكر في أحوال أمته ويجعل لهذا التفكر جزء من زمنه وهمه وأن لا يكون هذا التفكر اقل من همه لمعاشه ورزقه فضلا عن أن يكون مجرد تفكر لا يجاوز جدران مخيلة المرء نفسه بل تفكر يتبعه عمل وعزيمة يخلفها إصرار ، ولهذا جاء حث النبي صلى الله عليه وسلم على التمسك والتآخي بين المؤمنين جليا بقوله "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ، ثم شبك بين أصابعه صلى الله عليه وسلم" . // يتبع // 16:43 ت م تغريد