تعانق البيوت الشعبية النجرانية القديمة أو ما تسمى محليا " الدروب " ، السحاب بطولها الذي يصل لثلاثين مترا ،فوق الجبال التي يتراوح ارتفاعها في منطقة نجران بين 900 و1800 متر . ولم يعرف النجرانيون البيوت الحديثة إلا في السنوات الأخيرة ، حيث احتضنت هذه الدروب الأسر منذ مئات السنين ، ويصل عمر الدرب الواحد لأكثر من 200 سنة. صاحب أحد الدروب المرممة حديثا وأسمه عامر الصقور اصطحبنا في جولة لدربه الواقع جنوبنجران والمكون من 8 طوابق وسط البساتين ومزارع الفواكه والنخيل ،حيث يقع الدرب على مساحة تترواح من 20 إلى 30 مترا عرضا أرضيا ويبدأ في الصعود الهرمي حتى يصل إلى قمته التي يتراوح طولها من 7 إلى 10 أمتار ، اخذاً في تدرجه الهرمي ما يضمن القوة والمتانة والصمود. يصنع الدرب من مادة الطين والتبن حيث يخلط مع بعضه ويلبن ، وهو مشابه لغالبية عناصر البيوت الطينية في المملكة. يبدأ الدرب ببوابة صغيرة تقود إلى ممر علوي وغرفتين واحدة عن اليمين والأخرى عن اليسار وهي تخصص للمواشي والأغنام والأبقار. أما الطابق الأول فمقسم إلى 3 غرف كبيرة ، وعادة ما يخصصها القاطنون للحبوب والأغذية القابلة للتخزين ،ويتصل بدرج ضيق يتسع لشخص واحد إلى الدور الثاني وهو مخصص لغرف الجلوس والنوم ، وهذا الطابق والطوابق التي تليه تكون مزينة بنقوش وزخارف وألوان بحسب رغبة الساكن وفي هذا الدور تسكن عائلة مكونة من 3 إلى 7 أشخاص وتتسم غالبية الغرف بأنها مستطيلة الشكل ، وملحق بها غرفة صغيرة للمطبخ والمنافع العامة. ويسكن في الدرب أكثر من عائلة حيث يتسع ل 3 أو 4 وأحيانا ل 5 عوائل جملة واحدة ، وكل عائلة تخصص لها دور وكل ما كان الدور أعلى كانت المساحة أصغر ، لذا غالب ما يسكن في الأدوار العلوية هم المتزوجون حديثا. ويسير الشكل الهرمي متعدد الأدوار حتى يصل إلى العلية وهي مكان كبير العائلة وتتسم بمواصفات متميزة من حيث الشكل والسعة والثقوب في الجدران التي تتيح المراقبة على العالمين في الزروع والنخيل والمحاصيل وتدبير شؤون العائلة. تزخرف العلية بقطع قماشية في السقوف أما النوافذ فهي على شكل مثلثات مصبوغة بالألوان الزرقاء والصفراء واللون الأخضر. والعلية مكان لاستقبال الضيوف وفيها موقد للنار ، ومكان مفتوح أشبه بالبلكونة المطلة على مساحة واسعة من المنطقة. // يتبع //