بدت العاصمة الرياض أكثر تأنقا وهي تقرأ ما تيسر لها من الثقافة في أسبوع الكتاب الذي سيختتم احتفاليته بعد يومين، مخلفا أوقاتا جميلة تصدّر فيها المثقفون أمكنتهم اللائقة بهم ودورهم الريادي بعيدا عن معاول الوصاية، ومحاكمة النوايا.. ظهر معظم المثقفين وأصحاب الفكر في ردهات المعرض قريبا من الناس، بعيدا عن تهم الأبراج العاجية والترفع عن المشاركة.. شاركوا الناس الكتب.. النقاشات.. وحتى التحايا.. وعلى جانب غير بعيد آخر، لم يعد الكتاب “مشروع توجس” وأوراق ذعر يخبئها القراء إما تحت جنح الريبة أو على فضاءات الإنترنت الافتراضية، لم تعد المكتبات التي تصفصف على رفوفها كتب “تداوي بالأعشاب” و “70 يوما حول العالم” هي المنهل الوحيد لمعرفتنا.. ولن نضطر إلى أن نسافر خارجا لنشتري رواية ما.. يمدّها لنا البائع وهو يقول في نفسه: ترى أشغلتونا.. ماعندكم مكتبات أنتم..! ولم يصبح - كما يعتقد البعض - أن مشاركة رجل وامرأة ذات المكان ماهو إلا: مشروع انحراف حاد، ينبغي أن تجيش له الأخبار/ الجدل بل وحتى القلاقل للتشويش.. كنت أتساءل وأنا أمشط الخطى هناك: ماذا لو عممت هذه التجربة الإنسانية/المتحضرة على مجتمعنا الأكبر.. هل سنضطر لتلك الكمية الهائلة من العزل ولتلك النوايا الاستباقية السيئة.. للرغبة الحثيثة في اكتشاف الجنس الآخر وكأننا كائنات فضائية للتو التقت بعضها على ظهر إحدى المجرات البعيدة جدا.. كان معرض الكتاب لهذا العام منجزا ثقافيا سعوديا استطاع وبجهود الرجال المهمومين بالفعل الثقافي أن يرسم خطوة الألف ميل الأولى بكل فخر.. وبنا نحن..