من جهته يقول الشيخ الدكتور عيسى الغيث قاضي المحكمة الجزائية بالرياض إن الإسلام حرّر العباد من رق الجاهلية وأغلالها، وأنار عقولهم من أوهامها وتقاليدها، ونقلهم من ذل الكفر وظلماته إلى عزّ الدين ونوره وبرهانه، وبيَّن حق كل مسلم ومسلمة، ومنحها لهم كاملة غير منقوصة، وأعطى كلا ما يلائم فطرته وطبيعته، فقد كانت المرأة في جاهليات الأمم تشترى وتباع، كالبهيمة وسائر المتاع، تُملك ولا تَملك، وتُورث ولا تَرث. ويواصل قائلا: “لقد اختلف أهل تلك الجاهليات، هل للمرأة روح كروح الرجل؟ وهل خلقت من طينة آدم أم خلقت من الشيطان؟ وهل تصحُّ منها عبادة؟ وهل تدخل الجنة؟ ملكوت الآخرة؟ حجروا عليها في تصرفاتها، وجعلوا للزوج حق التصرف في أموالها من دونها، كما وضعت لها شرائع الجاهلية أحكاما وأعرافا أهدرت كرامتها، وألغت آدميتها، فعاشت بين تلك التقاليد الباليات بلا شخصية، ولا ميزان ولا اعتبار، قليلة الرجاء، ضعيفة الحيلة، كاسفة البال، ضاعت حقوقها بين أبواب الذل والاحتقار، حتى حق الحياة كان محل عبث، تحرق مع زوجها إذا مات، توأد خشية الفقر والعار، ويضيف: “أما حقها في الزواج فحدّث عن الجاهليات ولا حرج، تُزوَّج على من لا ترتضيه في أنواع من أنكحة الشغار والبدل والاستبضاع والإكراه على البغاء، وإذا غضب عليها زوجها تركها معلقة، لا هي بذات زوج ولا هي بمطلقة، ولذلك فإن مما تدعو إليه الضرورة خاصة مع كثرة قضايا الأحوال الشخصية، وتزاحم مواعيدها في المحاكم العامة، وتأخر الحكم فيها، أن يصار إلى إيجاد محاكم مستقلة مختصة بقضايا الأحوال الشخصية وهذا ما تم في نظام القضاء الجديد الصادر في 19-9-1428ه، حيث استحدث محاكم للأحوال الشخصية، كما وأن ذلك سيكون دافعا وبشكل كبير إلى إيجاد مدونة فقهية خاصة بالأحوال الشخصية، تضبط الاجتهادات المختلفة التي قد تؤدي إلى تفاوت كبير في أحكام القضايا المتشابهة، ولعل هذا سيكون قريبا بإذن الله”.