لم تكن رحلات رجل الأعمال الأمريكي ذي الأصل الياباني روبرت كايوساكي في مجالات الاستثمار المختلفة، وتردده بين الغنى والإفلاس، ثم شهرته الطاغية في مجال الكتابة والتأليف في موضوعات التنمية البشرية مجرد أحداث عادية لا تستحق التدوين؛ غير أن مؤلفاته ال18 التي باعت أكثر من 26 مليون نسخة، لم تحظ بالعناية الفائقة والترجمات المختلفة مثلما حظي كتابه: الأب الغني.. الأب الفقير (Rich dad.. poor dad). وقد أنشأ بعد ذلك مؤسسة (أبي الغني) في نيويورك للتبشير بأفكاره الاقتصادية. والغني، وفقا للكاتب، وبسهولة متناهية، هو الذي مصاريفه ونفقاته أقل من إجمالي دخله، ومن ثم فكل شهر سيكون لديه فائض مالي. أما الفقير فهو الذي تميل كفة الميزان عنده على حساب النفقات، فينتهي كل شهر وهو مدين. ووفق هذا التعريف، قد يكون العامل البسيط أغنى من خريج الجامعة المرموقة. ويرى روبرت أن الوظيفة حل قصير الأجل لمشكلة مزمنة طويلة الأجل. فما الوظيفة المرموقة الآمنة إلا وهم لا وجود له، زرعها آباؤنا في عقولنا عن غير وعي، ظنا منهم أنها الملاذ الآمن والحصن المنيع ضد مفاجآت الزمان، وهم ورثوها بدورهم من آبائهم. وهو يقول: مهما ارتقيت من وظائف مرموقة، فسيأتي يوم تصبح فيه عجوزا بلا فائدة، وجب تغييرك! والعبد ذو الأجر الكبير، يبقى عبدا في نهاية الأمر. فلماذا تتسلق السلم الوظيفي حتى آخره؟ لماذا لا تمتلك السلم كله؟ ويؤكد أن سبب زيادة فقر الفقراء، وغنى الأغنياء، ومعاناة الطبقة الوسطى وتآكلها، هو أن مادة المال والغنى نتعلمها في البيوت، بيوتنا، بدلا من أن نتعلمها بشكل أكاديمي سليم في المدارس. والمحصلة أننا نكرر ما فعله الآباء، ولا نفارق مكاننا. وصحيح أن المال يجلب القوة، لكن الأقوى منه هو فهم الآليات التي يعمل بها المال وتعلمها؛ كيف تحصل عليه؟ وكيف تحافظ عليه؟ وكيف تستثمره؟ وكيف تجعل نفقاتك تحت سيطرتك؟ ومن خلال ستة دروس؛ يعلمنا روبرت كايوساكي الثقافة المالية التي لم نتعلمها في الصغر وكيف نجمع الأصول التي تدر المال، وكيف لا نندفع في شراء الخصوم التي تجلب علينا نفقات كثيرة، وبأي طريقة ندخر من أجل استثمار المال وزيادته وتأثيله. وبذلك نصبح أحرارا ونتخلص من عبودية الوظيفة.