بعض العادات الشعبية لم تندثر لأنها جزء أصيل من الثقافة والقيم الاجتماعية، وتوارثتها وتناقلتها الأجيال، جيل بعد جيل، ومن أبرز تلك العادات تبادل الأطباق وموائد الأكل التي تعرف ب(الطعمة) وهي من عادات أهل الشمال المتوارثة، وتبدأ مع أول أيام الصيام وتستمر حتى آخر يوم فيه، حيث يتبادل الجيران الأكل في كل حارة وتمتلئ الطرقات بالصبية من بنات وأولاد يوصلون الأكل بعضهم إلى بعض وهم في غمرة الفرح، وفي جو روحاني ومشاعر أخوية فيها تأصيل وتعميق للعلاقات بين الجيران. ويؤكد الكثيرون أن تبادل الأطباق أصبح إحدى واجبات شهر رمضان المبارك، فيما يرى بعضهم أن تبادل الأطباق يتم بغرض التباهي والتفاخر بما يعد ويطهو من طعام، وهناك رأي ثالث يشير إلى أن مثل هذه العادات بمثابة صدقة وإحسان للمساكين والفقراء ومن يمتلكون عائلات كبيرة قد تساعد في زيادة موائدهم وإشباع أسرهم. وتؤكد أم خالد، ربة منزل، أن رمضان شهر فضيل، وقد تربينا منذ الصغر على هذه العادة التي تجعل من صيامنا وطهونا للطعام لذة، وتضيف: "منذ القدم نسعى إلى إنهاء أطباق الإفطار مبكرا حتى يتسنى لنا أن نوزعه على الجيران قبل أن يحين موعد أذان المغرب"، وتشير إلى أن لكل ربة بيت طريقة خاصة بها لإعداد الأطباق وتحضيرها حتى يظهر بالمظهر اللائق. فيما تقول أم عبدالله إن السبب الذي جعل الناس يتبادلون الأطباق في شهر رمضان هو المودة والرحمة والتواصل، لافتة إلى أن تبادل الأكل والأطباق بين الجيران هي عادة من عادات رمضان التي لا يكون للشهر الفضيل طعم من دونها. وأشارت أم محمد إلى أن زوجها دائما ما يشدد عليها بأن تعد أعدادا كبيرة من وجبة الإفطار، وذلك ليقوم بإيصالها إلى الفقراء والمساكين ممن يسكنون في الحارة، لأن الله تعالى ورسوله أوصيانا بمساعدة الفقراء والمساكين، إضافة إلى تبادل الأكل مع الجيران وأهل الحارة.