كم من الناس من يصوم، وهو لا يعلم عن هدف الصيام الرئيس وغايته الكبرى! سألت عشرات الطلاب عن هدف الصيام فلم يصب أحد منهم الهدف. إن أي عمل يمضي بلا هدف محدد مآله إلى الضياع، وعدم الوصول إلى غايته لأنه بلا هدف.. كمن يسافر في طريق وهو لا يدري إلى أين يسافر. لقد حدد الله عز وجل لنا هدف الصيام وفائدته العظمى بشكل واضح.. وفي كلمة واحدة عندما قال عز وجل:[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] {البقرة:183}. فهدف الصيام هو التقوى.. وحقيقة التقوى هي امتثال أمر الله بفعله، وامتثال نهيه باجتنابه. إن الصائم بامتناعه مؤقتا عن بعض المباحات لأن الله حرمها عليه تحريما مؤقتا في نهار رمضان، إنما يربي نفسه على التقوى بامتثال أمر ربه عز وجل فيما نهاه عنه. ولا يحقق هدف الصيام من يمسك عن المحرم تحريما مؤقتا نهار رمضان، ثم يمارس ألوانا من المحرمات تحريما دائما في ليالي رمضان.. فتجده عند فطره يدعو: ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله، ثم يشعل سيجارته ويشاهد ويسمع ويتحدث بما حرم الله.. بل يستمتع بمشاهدة السخرية بدين الله متسترة بلبوس نقد التطرف والتشدد والإرهاب عبر مسلسله اليومي. وقد قرأ ذلك الصائم في نهار رمضان من كلام ربه عز وجل بلا تدبر ولا فهم قوله تعالى: [وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ المُنَافِقِينَ وَالكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا] {النساء: 140}. فالصيام مدرسة تربي على التقوى، وفرصة كبرى تكون النفوس فيه مقبلة على الخير، والمحفزات فيه كثيرة من عظم الأجر، وإقبال المجتمع على الطاعة، مع تصفيد شياطين الجن، وانحسار كثير من شرورهم عن الصائمين. ولقد حذرنا الله من شياطين الإنس أيضا في سورة الناس، فنحن نقرأها كثيرا جدا في الصلوات والسنن، ثم لا نحذرهم ولا نعرفهم، بل نستمتع بقلبهم لنا شهر التقوى إلى شهر فجور. نجاح أي عمل مرهون بوجود هدف محدد له، وتحقيق الهدف يلزمه خطة واضحة.. فهل خططت لتحقيق هدف الصيام؟