في بلد تحيط به الخيرات من كل جانب، تتعجب وتتساءل بمرارة عن السبب المنطقي الذي يمنع من تقديم الخدمات الصحية والتعليمية والترفيهية في المدن والمحافظات البعيدة والقرى، لا يمكن أن يكون بسبب قلة الموارد المادية والبشرية. في ظني أن ذلك يعود لانعدام الضمير والمراقبة الذاتية، ووضع الشخص غير المناسب في أماكن تمس مصلحة الناس.. اطمئنان من يسمى بالمسؤولين على مناصبهم وعدم خوفهم من العزل جعلهم أكثر إهمالا وتقاعسا.. المؤلم أن هذا الإهمال تطور لدرجة أنه أصبح يقنص الأرواح البريئة.. والحوادث في هذا السياق كثيرة جدا، لا يفعلون الصواب سوى بعد حدوث المواقف والمشاكل الدامية التي تتضمن خسارة لا تعوض وتجعلنا نفكر ونتساءل عن الحلول التي كان من المفترض تطبيقها لمنع هذه المعضلات.. ونجد في النهاية أن هذه الحلول بدهية جدا، بل إنها تعتبر من أبسط حقوقنا.. على سبيل المثال، في محافظة «بيشة» تفتقر إلى مركز لتأهيل المعوقين، ولك أن تتخيل المعاناة التي تمر بذوي الاحتياجات الخاصة في السفر والتنقل من مدينة لأخرى من أجل حقهم البدهي في العلاج.. وكذلك الصعوبة التي تواجه أهلهم بتيسير وسهولة متابعتهم والاطمئنان عليهم.. مثل هذه المشكلة تسبب عدم وصول الأدوية لهم، تفويت مواعيدهم، وبالتالي تطور الإعاقة لديهم وظهور آلام ومشاكل صحية أخرى.. عدم وجود مركز تأهيل في المحافظة يسبب سوء الحالة النفسية للمعوق، وتصعب من عملية اندماجه مع المجتمع.. وهذا الكلام ليس بجديد أبدا.. ففي عام 2003 تبرع الأمير سلطان بن عبدالعزيز، رحمه الله، بعشرة ملايين من أجل إنشاء مركز تأهيل شامل للمعوقين، والآن بعد مرور تسعة أعوام.. لم يتغير شيء.. أين ذهب هذا التبرع الضخم من رجل الخير رحمه الله؟ أين الضمير والمراقبة؟ أين الخوف من الله؟ حقوق الناس لماذا تأكلونها؟ ما المتعة في إيذائهم وتعسير حياتهم؟ والسؤال الكبير.. لماذا تظنون أن الله غافل عنكم؟!