في تجربة لمواطنة حاولت أكثر من مرة شق طريقها لعالم الكتابة الذي يبدو اليوم دربه مظلما، عملت جاهدة أثناء دراساتها العليا لإصدار كتابها الأول الذي وضعت في جعبته كل ما كانت تعافر من أجل أن يرى النور.. والذي قامت بإصداره في إحدى الدول العربية التي تقيم بها مؤقتا أثناء دراستها، حيث تلقت دعما كبيرا في إصداره ونشره وحتى في قراءته؛ إذ تسابقت دور النشر والمكتبات بنشر مئات النسخ.. وكان التجاوب رائعا من جانب زملائها وأصدقائها هناك والذين وجدت منهم رغبة ملحة لقراءة الكتاب ونقده ومناقشته! لم يعن لها ذلك الكثير، حيث كان مبتغاها هو نشر الكتاب في وطنها ليتهافت على قراءته كل من يهمها أمرهم من بني جلدتها.. وبعد أن أعدت كافة التصاريح المطلوبة وقامت بطباعة عدد لا بأس به من النسخ المراد توزيعها ك«دفعة أولى»، حزمت أمتعتها لتبدأ رحلة البحث عن أشهر المكتبات الوطنية التي من المحتمل أن تتولى مهمة التوزيع! إلى جانب صعوبة التواصل مع إدارات المكتبات، كانت الردود سريعة جدا خلاصتها «اتركي نسخة من الكتاب كي تخضع للقراءة وسيتم التواصل معك في أقرب فرصة».. وبعد مرور أيام وأشهر انتهت صلاحية هذه الردود واستتب اليأس في نفسها، فاتجهت دون تضييع مزيد من الوقت لمكتبات أصغر كانت أشبه بالقرطاسيات أكثر منها كمكتبات ولكن دون جدوى.. ومع أن الكاتبة كانت متساهلة جدا في الجانب المادي لهذا المشروع كأول خطوة، وعلى الرغم من توفر جميع التراخيص ومحاولتها التواصل مع أصحاب الشأن أكثر من مرة، لم تقم هذه الجهات بدعم ولو بالتصنع لصاحبة الكتاب بأن تعطيها حتى الحق في سماع رد بالرفض أو القبول! يأتي ذلك بالتضامن مع المشاريع الثقافية التي تزخر بها البلاد والتي أنهت مطاف بطلة قصتنا على أبواب إحدى المكتبات والتي أخذت – مشكورة - عددا بسيطا جدا من الكتب «لا يتعدى الخمسين نسخة» كي لا تشارك في هدم مشروع قلم جديد! والسؤال الذي يبقى: إن لم يجد الكتاب طريقه للأرفف.. فكيف سيجد طريقه لعقول عزفت عن القراءة؟