لأن الكلمة لها ثقل، ووزن، وقيمة، قد ترفعك إلى أبواب السماء، أو تقذف بك في وادي سحيق من العتمة، كان مصير الإنسان في الآخرة مرتبطا بحصاد لسانه وما ينطق، ولنا أن نسأل اليوم عن حصاد هذا الكم الهائل من رسائل المحادثات الفورية المشحونة بالشر والغرور وقذف الأعراض. عندما تتعالى الضحكات من صورة أحدهم وتبدأ التعليقات والنيل من خلق الله، لا تدري حينها أكانت السخرية من الخالق أم المخلوق! ولو قدر لصاحب الصورة أن يقرأ ما اقترفته أيدي أناس لا يعرفهم ولا يعرفونه، كيف سيعالج ذاته ويقوم من جديد، وكيف تنام وأنت قرير العين بعد أن شاركت بتدمير إنسان؟ والحط من قدره كأنك من يتكلم يوسف زمانك، وتلك حورية هبطت من الجنة. والأعظم منه، عندما يغلف الهتك الصريح لأسرار البشر برسائل التوعية من الابتزاز، والانحراف، ومنح الحق للاستماع إلى محادثاتهم، ومشاهدة صورهم رغم إرادتهم، ومقاطع سجلت في لحظة ضعف وربما ثقة في غير محلها، ثم النشر ويعقبه التعليق على ما يجهلون حقيقته، بأحكام جائرة، إنه مؤشر خطير لتغير المفاهيم والدخول عنوة لدائرة الظلم والعدوان، لتكون الفضيحة فرصة للصعود على أكتاف المفضوح في محاولة بائسة لادعاء الشرف والطهارة! مع أن الفرق بينهما بسيط للغاية، الأول مبني للمعلوم والثاني مبني للمجهول بفضل من الله وستره، لذا قبل الإرسال تريث وتأكد إن كنت تستطيع تحمل هذا العار؟ وتستوعب فداحة الأمر الذي يقدح في دينك، وخلقك، وإنسانيتك. فمن الصعب أن تصدق من يدعي الطيبة والفضيلة وينشر قصة موثقة لأوجاع غيره، ومن الغباء أن تتوقع ممن يرسل فضيحة أن يرحم زلتك ويسترك، ومن الجبن أن يعلو صوتك بشتم الآخرين ونقد زلاتهم وأنت تعلم أنك لا تخلو من خطيئة.