بالرغم من كل ما توفره وتحرص عليه حكومة خادم الحرمين الشريفين للحد من ظاهرة الافتراش في المشاعر المقدسة إلا أن هذه الظاهرة ما زالت تشكل عبئا كبيرا على مقدرات الدولة وطاقاتها، وغالبا ما يكون المفترشون من حجاج الداخل ولا يحملون تصاريح للحج، وقد افترشوا أماكن لا تخطر على بال بشر؛ من أين أتوا؟ ولماذا افترشوا؟ ومن المسؤول؟ «شمس» ناقشت ذلك كله من خلال تجولها بين حشود المفترشين. وصف المشهد من خلال رصد كاميرا المحرر الحجاج المفترشين من مختلف الجنسات والأعمار، ولا يكاد تجمع من التجمعات يخلو من عدد من الأطفال والرضع؛ مما لا حول لهم ولا قوة معرضين فلذات أكبادهم لخطر الأمراض وتلوث صدورهم بعوادم السيارات التي يرقدون تحت إطارتها، دون أدنى إحساس بأن ما يفعلونه جريمة كبرى بحق أنفسهم وأطفالهم. «شمس» التقت عددا من هؤلاء المفترشين حيث كانت الحاجة فاطمة التي أتت مع زوجها واثنين من بناتها وكانت تفترش هي وأسرتها أمام بوابة قطار المشاعر؛ ما دفع المسؤولين عن المحطة إلى إغلاق تلك البوابة فقط التي افترش أمامها أكثر من 200 شخص، حيث قالت نعم نحن حججنا بكامل الأوراق النظامية مع حملة أتت بنا من اليمن برا ولكننا فقدنا أثرها بعد الوقوف بعرفة وفشلت كل محاولاتنا للاتصال بتلك الحملة.. ولكننا لم نستطع أن نوقف حجتنا بعد كل العناء والتعب والمال الذي بذل من أجل القيام بحجة العمر؛ لذا افترشنا هنا على أمل أن تنتهي معاناتنا ونصل إلى حملتنا التي يبدو أنهم تعمدوا إضاعتنا وتركونا هنا نتوسد الرصيف ونلتحف السماء.. فإلى الله المشتكى. أما عائلة الحاج صديق إندونيسي الجنسية فقال ربها أنا أعمل بالمملكة منذ أكثر من 15 عاما، تزوجت هنا ولدي أطفال وبصراحة شديدة أنا لا أحمل أي أوراق رسمية لي ولزوجتي وأطفالي، ولذلك لا نستطيع أخذ التصريحات النظامية بالرغم من توافر المال الذي يجعلني ألتحق بأفضل الحملات ولكنني غير نظامي؛ ما جعلني أدفع مالا لرجل استطاع إدخالي أنا وزوجتي وأبنائي إلى مكة فقط وأنا الآن اضطررت إلى الافتراش تحت حاوية النفايات لتحمينا من لهيب الشمس نهارا وتسترنا ليلا. وقال مجموعة من الشباب السوري جاؤوا من شمال المملكة حيث يقيمون هناك نحن لا نحمل تصاريح حج ولكننا أردنا أن نحج وأن ندعو لأهالينا في سورية لذلك تحملنا الصعاب وأتينا هنا من أجل أداء هذه الفريضة والوقوف بعرفة بين يدي الرحمن واستشعار عظمة ذلك الموقف أرجو أن نكون نحن وشهداؤنا من عتقاء الرحمن من النار؛ فنحن اجتهدنا في الدعاء لأهلينا. أما عائلة عثمان آدم «السودان» التي ترقد على سفح أحد جبال منى فقال والدهم أتيت بشكل نظامي وكل أوراقي وتصاريحي نظامية ولكننا بمجرد وصولنا إلى عرفة صدمنا في حملتنا؛ حيث قال لنا صاحبها لست مسؤولا عنكم الآن فأنتم ترون ما أرى من ازدحام ولدي مشاكل في توفير السكن لكم في منى تحديدا؛ فهناك أرجو أن تجدوا لكم مسكنا حتى تنتهى أيام التشريق وسوف نلتقي حتى أنهي أوراق سفركم إلى الخرطوم.. وقتها صعقت ولم أحاول إفساد حجتي خاصة بعد رحلة العناء التي تكبدناها حتى وصلنا إلى هنا ولكن بعد أن أتم شعيرتي سوف أقدم شكوى رسمية حتى يحاسب كل مسؤول عن تقصيره وتفريطه .