«لقد شرفنا الله بخدمة الحرمين الشريفين، فكانت تلك الخدمة واجبا وعزة وشرفا وركيزة ترتهن لها هذه البلاد المباركة وقادتها. واعترافا بفضل الله على بلادنا بما حباها من خيرات ونعم وفيرة، منطلقين من مسؤولية المملكة الدينية، فإننا قد قمنا - بحمد الله - بوضع حجر الأساس لتوسعة المسجد الحرام وافتتاح عدد من المشروعات التطويرية للحرمين الشريفين، سائلا الله عز وجل أن يجعل فيها الخير الكثير خدمة للإسلام والمسلمين قاطبة، إن توسعة الحرمين الشريفين، وتوسعة جسر الجمرات، وتشغيل قطار المشاعر ما هي إلا نماذج مجسدة لهذه المشروعات التطويرية لكي يجد الحجاج والمعتمرون والزوار الراحة والطمأنينة عند أداء مناسكهم وهي واجب ندين به لله تعالى». بتلك العبارات المفعمة بالإيمان تحدث خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خلال تشريفه يوم الأحد الماضي افتتاح أعمال السنة الثالثة من الدورة الخامسة لمجلس الشورى. وبدون انتظار شكر أو ثناء من أحد من البشر قال بكل تصميم «وبمشيئة الله سوف نواصل العمل الدؤوب من أجل خدمة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، والسهر على راحة الحجاج والمعتمرين الكرام بما نملك من جهد ومال، لأننا نؤمن بأنه واجب تمليه علينا عقيدتنا، وهو عمل نبتغي به مرضاة الله عز وجل». لقد كانت عمارة الحرمين الشريفين ورعاية شؤون قاصديهما من الحجاج والمعتمرين والزائرين الشغل الشاغل لقيادة هذه البلاد منذ توحيدها على يدي الملك الباني المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه الذي أسس قواعد الدولة على هدي من كتاب الله تعالي وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو النهج الذي سار عليه أبناؤه الكرام من بعده. بيد أن التاريخ سيظل شاهدا أبديا على أن أكبر توسعة للمسجد الحرام منذ عهد الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم كانت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي رعى في التاسع عشر من شهر رمضان الماضي حفل وضع حجر الأساس لمشروع التوسعة الجديدة للمسجد الحرام على مساحة تقدر ب400 ألف متر مربع وبعمق 380 مترا بطاقة استيعابية بعد اكتماله بأكثر من مليون ومئتي مصل تقريبا. في حين تقدر القيمة المالية للعقارات المنزوعة لصالح المشروع بأكثر من أربعين مليار ريال. وحرصا من الملك عبدالله بن عبدالعزيز على تكامل مشروعات التوسعة في الحرم المكي شاهد من على قصر الصفا بمكةالمكرمة في السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك الماضي عرضا للمشروع المقترح لتوسعة المطاف الذي سيتسع عند اكتمال تنفيذه لنحو 130 ألف طائف في الساعة فضلا عن المشروع العملاق المتمثل في تطوير المسعى لتصل طاقته الاستيعابية إلى 108 آلاف ساع في الساعة. كما أن مشروع جسر الجمرات وتطوير منطقة الجمرات في منى يعد أحد المشروعات الحيوية التي حرص خادم الحرمين الشريفين على تنفيذها من أجل خدمة ضيوف الرحمن. أما مشروع قطار المشاعر المقدسة الذي يستهدف نقل الحجاج بين منطقة المشاعر فهو ثمرة لرؤية حكيمة لحل مشاكل النقل الحالية وازدحام المشاعر بالحافلات ووسائل النقل الأخرى وفك الاختناقات المرورية التي كانت واحدة من المظاهر السنوية لموسم الحج، فيما حظي مشروع قطار الحرمين السريع الذي يعد من أهم مشاريع السكك الحديدية في المملكة باهتمام بالغ من خادم الحرمين الشريفين حيث ينتظر أن يؤدي دورا مهما في تنشيط حركة نقل الركاب بين المدينتين المقدستين مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة مرورا بمحافظة جدة بقطارات عالية السرعة وهو مشروع تبلغ تكاليفه عند انتهائه 42 مليار ريال. كما تميز المسجد النبوي الشريف في المدينةالمنورة بحزمة من المشروعات الرائدة التي تهدف إلى راحة زوار المسجد النبوي الشريف وفي مقدمتها مشروع مظلات الساحات الذي يعد واحدا من أبرز مشروعات التوسعة للمسجد النبوي في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز رعاه الله حيث تقي نحو 200 ألف مصل من لهيب الشمس. لقد كانت زيارة الملك لطيبة الطيبة بعد توليه مقاليد الحكم إيذانا بالانطلاق في هذا المشروع الإسلامي الإنساني، حيث أمر في حينه باعتماد استكمال الأعمال المتبقية من مشروع توسعة المسجد النبوي بما في ذلك تركيب 68 مظلة تضاف إلى 182 مظلة موجودة لتغطي جميع ساحات المسجد والمصلين والزائرين من حرارة الشمس ومخاطر الأمطار وخاصة حوادث الانزلاق. كما شمل مشروع التوسعة تنفيذ ثلاثة أنفاق لربط مواقف السيارات بالمسجد النبوي بطريق الملك فيصل واستكمال طريق الملك فيصل الدائري وأنفاق المشاة الشمالية والجنوبية وعددها سبعة واستكمال تنفيذ الشوارع والأرصفة والإنارة الدائمة في المنطقة المركزية. ورافق ذلك مشروعات أخرى في الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة تصب جميعها في خدمة ضيوف الرحمن وفي إضفاء مزيد من الجمالية على أم القرى ومن ذلك أوامره حفظه الله بتنفيذ مشروع وقف الملك عبدالعزيز للحرمين الشريفين الذي يعد أكبر مبنى سكني وتجاري في العام من حيث المساحة وثالث أعلى مبنى في العالم. وأخيرا تظل ساعة مكةالمكرمة التي دشنها الملك المفدى في شهر رمضان الماضي التي تطل من علو لكل وافد إلى البيت العتيق رمزا مضيئا لروعة الزمان والمكان ولكل ما يبذله قادة هذه البلاد من جهود لخدمة الإسلام والعناية بشؤون المسلمين .