رغم أن هناك تطورا ملحوظا وتقدما ملموسا فيما يتعلق بالتعليم بالمملكة العربية السعودية، ورغم أن العلم هو أهم أسس الثقافة وأحد أهم أسس الأخلاق إلا أننا مازلنا نعاني من مجتمع يسوده الجهل السلوكي واضمحلال ثقافة الأخلاق. بنظرة سريعة في أي متجر أو أي جهة مرجعية أو مكان عام، لن يصدمك تسابق المراجعين أو المتبضعين على الوصول لمن ينجز مصالحهم متعدين بذلك على من يقفون منتظمين في طوابير طويلة، هذا المنظر الخادش للآداب العامة ليس بمنظر صادم رغم فداحته لأننا نراه كل يوم ونقابله في كل مكان، حتى أصبحت الثقافة السلوكية لأفراد المجتمع قائمة على مبدأ «من سبق لبق» حتى على متن الطائرات نقابل متسابقين للجلوس على مقاعد مؤكدة الحجز قبل وصول أصحابها إليها و«رحلة قصيرة على متن الخطوط السعودية خير برهان»! للأسف الشديد ورغم أن معظم فئة الشباب هم من المتعلمين والحاصلين على شهادات علمية متقدمة، إلا أننا مازلنا نعاني من عدم احترام الآخر ومن عدم مراعاة حقوقه، كما مازلنا نمثل للوافدين وللشعوب الأخرى التي تبتلى ببعضنا في كل موسم سياحة، الصورة التقليدية عن الشعب السعودي بحيث نمثل لهم شعبا همجيا وغنيا.. وإن كنت أعتقد أننا بتنا شعبا همجيا بلا غنى! من الغريب فعلا أن يلتزم بعض من يمارسون تلك السلوكيات الهمجية بالآداب العامة وبالقوانين السلوكية خارج البلاد وهؤلاء هم «أحلى الأمرين وأخف الشرين» لكن المسيء بالأمر هو إن كانوا قادرين على أن يتحلوا بالآداب وأن يلتزموا بقوانين احترام الآخر فلم لا يفعلون ذلك في بلادنا ولم لا يراعون حقوق أخوتهم بداخل البلاد؟! الحديث عن مثل هذه السلوكيات قد يبدو تافها وسخيفا لدى البعض، لكن إن كنا لا نكترث بأبسط الآداب فهل سنكترث بأهمها؟! وإن كنا لا نلتزم ببدهيات الآداب فهل من المعقول أن نتلزم بأصعبها؟! وكما قال الشاعر ليس اليتيم الذي قد مات والده إن اليتيم يتيم العلم والأدب!