من الواجب علي قبل أن أرخي لقلمي الحبل في الكتابة، أن أعرف للقراء الأعزاء عم نكتب، فالأيام الثقافية يا سادة يا كرام هو" مصطلح يقصد به، القيام بجولات حول العالم، بهدف تعريف العالم بالمملكة ثقافياً، وهذا النشاط منوط بوكالة وزارة الثقافة والإعلام للعلاقات الثقافية الدولية. في الحقيقة ما دفعني للكتابة وبحماس عن هذا الموضوع بالذات، "من أن الوكالة، بصدد تصميم استمارة خاصة للتعرف على آراء المختصين في الأيام الثقافية السعودية، وأهم فعاليتها، وأهم الدول التي يجب أن تنظم فيها، كاشفه عن توزيع الاستمارة على نخب من المثقفين والأكاديميين والإعلاميين والملحقين الثقافيين لوضع رؤية واضحة لنشاطات الوكالة المستقبلية ". ومن خلال هذا الإعلان، الذي أراه استفزازي بكل ما تعنيه كلمة استفزاز، فهل وصل بنا الترف الثقافي إلى الحد الذي نوزع فيها استمارات للتعرف على أهم فعاليات الأيام الثقافية، و أهم الدول التي يجب أن تنظم فيها، ونحن نعاني في الداخل هم ديني و ثقافي تنوء بحمله الجبال، ومع أهم و أخطر شريحة في المجتمع وهم فئة الأطفال والشباب، بما تشربوه من ثقافات وسلوكيات منحرفة، عبر الإعلام الوافد وغيرذلك مما هو متاح من وسائل الكترونية لا تعترف بحدود أوقيود، ولا يمكن مواجهتها إلا بتحصين هذا الجيل الأمانة التي بأعناقنا من أبناء وبنات، نعم بتحصينهم ضد الاختراقات التي تهدف إلى تدميرهم من الداخل من خلال إقناعهم بعدم جدوى ما يعتنقونه من أفكار منبعها الدين الإسلامي، لأنها تحد من حرياتهم وتجعلهم أسرى للحلال والحرام، وللأسف أن يروج لمثل هذه الأفكار من بعض من هم محسوبون على الساحة الثقافية من أبناء جلدتنا، وهذا يحتم علينا أن نهتم ببناء ثقافة هذا الجيل داخلياً، قبل التفكير بالذهاب فيما وراء البحار للتواصل الثقافي مع العالم الآخر، فالعالم الآخر هو جزء من المشكلة، فلا يجب أن ننشغل به كثيراً في الفترة الراهنة، على الأقل،. ولا أرى حاجة إلى تكبد عناء السفر إلى أقاصي الدنيا بحجة تعريف الناس بنا وبثقاتنا، في زمن الكل يعرف عنا أكثر مما نعرفه عن أنفسنا، وما يجعل الاستفزاز مريراً الاتكاء على موضوع الثقافة، فأي ثقافة تلك التي تتحدث عنها يا وكيل الوزارة، والتي تريد أن تحملها إلى العالم أجمع، بودنا أن نعرِّف مصطلحاتنا حتى نكون على بينة من أمرنا، هل نتواصل ثقافياً مع العالم ومعظم شبابنا من الجنسين حبيس ثقافة الغرب التي تحاصره من كل جانب، في ظل غياب كامل لثقافته الأم، لأن من يحملون الهم الثقافي مشغولون بخطاب الآخر، عبر آلاف الأميال، ومن هم بالداخل يتشربون كل ما ينخر في ثقافتهم بلا رحمة، فمن أولى أن نتوجه له بالخطاب الثقافي ونبذل كل الجهد في إعادته للمسار الصحيح شبابنا أم الآخر؟؟ وهل اختزال الثقافة في توزيع بعض الكتيبات والنشرات، وتقديم بعض العروض الشعبية الخاصة ببعض مناطق المملكة، هو جل اهتمامنا، فهو جهد لا يمكن إغفاله، ولكنه يصب في جانب الموروث الشعبي للأمم، وهذ يمثل جزءاً بسيطاً، في المنظومة الثقافية لأي حضارة. لقد قامت قائمة العالم الإسلامي – وله الحق - عندما تجرأ صحفي دنماركي، على نشر صور تسيء لشخص الرسول الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وها نحن اليوم نواجه السخرية من رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، وممن ، للأسف من أحد أبنائنا، ولم أستغرب في الحقيقة، بل أنني أستغرب هذه الهبة وفجأة من المجتمع، فالمقدمات لما صدر عن الشاب من سب وشتم لم تأت من فراغ، والمتابع لما يكتب وفي بعض صحفنا لا يبشر بخير وفيه من الغمز واللمز ضد الدين وأهله، الشيء الكثير، ناهيك عن سيل المعلومات التي يتلقاها الناشئة عبر الفضائيات وشبكة المعلومات للتشكيك في صميم العقيدة، واضطراب الخطاب الديني بين علماء الدين، كل ذلك أوجد هذه الازدواجية في عقول شبابنا فتجرأوا على الدين بهذا الشكل المشين. لقد صدعتنا مثل هذه الدعوات المرتبطة برحلات مكوكية حول العالم بحجة نشر الثقافة وإيصال صوت المملكة العربية السعودية للعالم، وهو هدف نبيل ، ولكن كيف يكون ذلك، وأبناءنا وبناتنا تشربوا واستوعبوا الثقافات الغربية، وأعادوا انتاجها ولا فخر، في شكل أسوأ من الشكل الذي نقلت إليهم به، وهم في بيوتهم ولم ينتقل لهم أحد، او حتى يكلف نفسه عناء الانتقال، كلنا يسمع ويرى ويواكب ما هم عليه غالبية شبابنا وشاباتنا، من انحرافات ثقافية وسلوكية، فلم يعد سراً يذاع، ولكن السؤال المهم هو كم خسر الغرب من أموال، في سبيل تدمير النسيج الثقافي لأطفالنا وشبابنا، وحتى بعض من شابوا مع الأسف؟؟ للأسف إن كل ما صنعه الغرب، هو أنه استثمر حالة الوهن وضياع الهوية الثقافية والانفلات الفكري التي عمت العالم العربي والإسلامي، وصاغها في شكل برامج أطفال ومسلسلات ودمى وعطور وأزياء، وسوقها علينا، وشريناها بغالي الثمن فكانت هي الإسفين الذي ينخر في ثوابت و ثقافة أبنائنا ، حتى أن معظم شبابنا عندما تناقشه في بعض السلوكيات التي لا تليق به كشاب مسلم عربي له حضارة وصلت في يوم من الأيام إلى أبواب الصين، تجده يخجل من الحديث عن ثقافته ويحاول أن يتهرب من الموضوع بعموميات وبحجج واهية، وقد يتذرع بأنه محاصر من كل مكان بالمنتج الغربي، وكل ما حوله غربي، فعم تتحدثون؟ وصدق والله، فالبعض لا يتوقف ليل نهار عن الحديث عن الثقافة وعن ضرورة التمسك بها، وهو نفسه قد يكون بعيداً كل البعد عما يتحدث عنه، وكثير هم أولئك النفر اللذين يتشدقون بالحديث عن الثقافة، وإذا ما وضعتهم على المحك، وجدتهم في واد والثقافة التي يتحدثون عنها في واد آخر، فالحديث إذن عن ثقافة غائبة عن موطنها هو حرث في البحر، لقد كانت ثقافة فيما مضى، ثقافة تحميها العزة والآنفة والثقة بالنفس والجود بالنفس وهو أقصى غاية الجود، من اجل نشر الإسلام، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فنحن أمة الدعوة، وهذا هو المرتكز الأساس، لنشر ثقافة هذه الأمة أمة لا إله إلا الله، وهي خير أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. ولكن للأسف، عندما تساهم وزارة الثقافة والإعلام في الإخلال بالمنظومة الثقافية للمجتمع من خلال شرائها لبعض برامج الأطفال التي تهدم ولا تبني وبإمكانك العودة لهذه البرامج، ومعاينتها على الطبيعة، وستعرف الحقيقة المرة التي يعيشها أطفالنا، وهم من يجب أن نعتني بتثقيفهم، ليس من منظور برشلونة وريال مدريد، ومتابعة المسلسلات الهابطة التي تدفع فيها الملايين بحجة الترفيه، وهل الترفيه يكون بهدم الفكر، وإحلال الضلال مكان الهدى، إن قمصان الأندية الأوروبية ومشاهير اللاعبين، أضحت واقعاً نعيشه مع أبنائنا كل يوم، في البيت والشارع، و في مساجدنا، وبدون خجل أو وجل، أو قل حياء من الله. لقد صدمت عندما شاهدت فيلماً كرتونياً يعرض على شاشة القناة الفضائية السعودية الثانية في شهر ديسمبر الماضي، ومضمونه يتحدث عن أعياد الميلاد بكل تفاصيلها من الألف إلى سانتا كلاود وهو يوزع الهدايا المزعومة على الأطفال وهم نيام ليلة الميلاد، وقد وقفت على معلومة أن بعض أبنائنا يعرفون هذه الطقوس، لأنها عرضت عليهم من خلال هذا الكم الهائل الذي رصدت له الملايين وللأسف من قنوات عربية للعرض بدون تمييز وبدون وعي وإدراك للأخطار المحدقة بأطفالنا وعلى مدار الساعة، كل ذلك يحصل على مرأى ومسمع وزارة الثقافة والإعلام، التي انضمت هي الأخرى للركب، رغم أنها ليست بحاجة فهي معتمدة ومنذ عقود على المنتج المستورد فيما يخص برامج الأطفال، لقد استطاع الغرب أن يفرض ثقافته علينا بدون ثمن باهظ يدفعه، بل أنه أستطاع أي يجبرنا على دفع ثمن الترويج لثقافته، لأننا بصراحة استسلمنا وأصابنا الوهن وصدقنا الكذبة التي تقول أننا لا نستطيع أن ننافس الغرب في إنتاجه، وللأسف أننا نضع المعادلة بهذا الشكل، فلماذا ندخل في صراع مع الغرب فيما ينتج، الغرب ينتج لمجتمعاته، وهي مجتمعات في غالبيتها مجتمعات كافرة، ولذلك فهو حر فيما ينتج، ولكن لماذا لا نتجاوز الغرب ونهتم بما يخدم مجتمعاتنا المسلمة العربية، ترى لو خصصت الميزانيات المجزية لمن هم معنيون بشأن الطفل، ألم نكن قد وصلنا منذ زمن بعيد وبمشيئة الله، إلى حل لمشكلة عدم وجود من يكتب للأطفال، هل عقمت أمهات المسلمين من العرب وغير العرب، أن ينجبن من يكتب للطفل؟؟ أنا شخصياً لا اشتري مثل هذا الكلام، القضية تكمن في أننا نحب الشيء الجاهز، ولكن ليس كل جاهز مناسب، أو قابل للتقييف، وللمعلومية ما ينتجه الغرب لا شيء فيه من الابتكار أو المعرفة، بل إن ما فيه يتسق تماماً مع الجانب الذي دأب الغرب على تسويقه وهو جانب الكذب، والإيهام، بأن هناك تهديداً للكرة الأرضية، وهناك حياة على سطح بعض الكواكب مثل المريخ، وهناك بعض المؤشرات التي تدل على وجود نسب من الرطوبة، مما يوحي بأن إمكانية العيش على هذا الكوكب أو ذاك ممكنة، وللأسف تعقد المؤتمرات والندوات، ويحضرها العلماء من كل حدب وصوب، بل إن الرحلات قد حجزت مسبقاً للقيام برحلة في كبسولة لمشاهدة الشمس أثناء شروقها من على المريخ، وغير ذلك من الأراجيف التي لا يمكن لذي لب ان يقبلها فضلاً عن أن يصدقها، فالله سبحانه وتعالى قد اختار لنا الأرض لنعيش عليها، وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام، فلماذا نتجاوز حدود عقولنا بمثل هذه الأفكار البائسة. وأكاد أجزم أننا لو انشغلنا واشغلت قنواتنا ساعات بثها في تنوير الغرب بهدي القرآن الكريم وسنة نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وإثبات ما فيه من معجزات، لكان وضع الغرب اليوم أحسن حالاً مما هو عليه من جهل بالإسلام، وينبغي أن تكون هذه رسالتنا للغرب ومنذ زمن بعيد، يقول المولى سبحانه وتعالى في سورة البقرة الآية 30 (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا ا تجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم مال لا تعلمون) ومن هنا علينا أن نرمم ثقافة مجتمعنا أولاً التي أصابها التصدع، وأوشكت على الانهيار، وعلينا أن نجيب على السؤال الصعب وهو: ما الشيء المقنع في ثقافة الغرب الذي جعل غالبية أبناءنا يعتنقونها بهذا الشكل الطاغي، ويخجلون من التمسك أو الحديث عن ثقافتهم؟ هناك خلل كبير في العملية وعلينا تداركه وإصلاحه، كنا ندرس كطلبة إعلام فيما مضى، وكان الموضوع الساخن الذي يشغل حيزاً كبيراً من منهج الإعلام الدولي، ووكالات الأنباء، هو قضية التدفق الإعلامي، وقد درسنا أن التدفق الإعلامي للمعلومات والمعرفة، إنما يتم من الجانب القوي للجانب الضعيف، ففهمنا أننا الجانب الأضعف، ولذلك قبلنا بأن المرحلة التي نمر بها لا تمنحنا الأحقية لنكون في مستوى المسؤولية ومجابهة التدفق، بتدفق مساوِ له في المقدار ومعاكس له في المنحى أو الاتجاه، وبقينا نردد هذا الكلام حتى حل بأرضنا الدش، ومن بعده الانترنت، وما تبعه من فيس بوك وتويتر، واصبحت الرسالة الإعلامية، هي الحقنة المنشطة التي لا تلبث أن تزول ويطويها النسيان بزوال المؤثر، في ضل تدفق جديد وصياغة جديدة لرسالة جديدة وبعنفوان جديد، و ربما تكون كلمة وقد يسعها المجال لتكون مؤلفاً، مما يعيد نظرية الرصاصة إلى السطح بعد أن طواها النسيان، فمن منا يتذكر محمد الدرة، وقد أقام مشهد استشهاده في حجر والده الدنيا وملأ خبره الآفاق، ذهب وذهبت معه دماء أبناء غزة الطاهرة، وتقدم الربيع العربي على كل تلك الدماء الزكية في الأولوية، رغم أنه ربيع بلا عبق، وبلا زهور، ربيع غابت عنه كل ملامح الجمال، ومع هذا كله، ماذا عملنا يا أصحاب القرار في وزارة الثقافة والإعلام، وأنتم معنيون بالدرجة الأولى بموضوع الثقافة، بل أن هناك قناة ثقافية مستقلة بذاتها بالشأن الثقافي، وكلنا تباشرنا خيراً بخروجها إلى النور، ولكن ما أن بدأت حتى وجدنها تغرد خارج السرب، فأين العمل الذي كنا نتوخاه منها وهي لا زالت غير قادرة على مغادرة مكانها، وكل ما أدرت مؤشر جهاز التحكم على الثقافية، أرى الصورة نفسها، مقابلات شبعنا من ترديدها، وليسمح لي القائمين عليها، بأن أكون أميناً في نقدي لهم، فبإمكانها عمل الشيء الكثير، بإمكانها حمل الهم الثقافي الإسلامي العربي المغيب، لقد كدنا ننسى لغتنا العربية وأدبنا العربي الذي ملأ الآفاق في يوم ما، لأن هناك قطيعة بين المثقف وبين المجتمع، فهو يضع نفسه في برج عاجي، وعلى الثقافية أن تنزله من ذلك البرج لكي يعيش هموم مجتمعه، وهذا ما نتوخاه من الثقافية، وهي مهمة ليست بالسهلة ولها متطلباتها الفنية والبشرية، أين الثقافية من المشهد الثقافي الذي خرج علينا من غرف مظلمة لا نعرفها ولم نتربى عليها، اين الثقافية من محاصرة الفكر الهدام الذي انتشر باسم الرواية، ذلك الفن الأدبي الرفيع الذي تحول على يد أدعياء الأدب، إلى فسوق، وعصيان, إن الدور المأمول في الثقافية وقد انفردت بساعات بث لم تحلم بها قناة في العالم، ولكنها وللأسف غابت عن نبض الشارع، فإن كانت لا تدري فتلك مصيبة وإن كانت بسبق إصرار وترصد فالمصيبة أعظم، من لأبنائنا بعد الله إذا لم تقم القناة الثقافية السعودية، بتعرية من يريدون أن يدمروا النسيج النقي المتفرد في العالم، شعب يدين بالإسلام، لم يركع إلا لله، لم يسجد إلا لله، لا يوجد في هذ البلد الطاهر صوت يعلوا على صوت الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمد رسول الله، خمس مرات، وهي في ضمير كل مواطن سعودي شريف، وثيقة ولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، هذه هي الثقافة التي نحملها بين أضلعنا، وليست تلك التي يروج المرجفون في الأرض من أهل الضلال، والاضمحلال الفكري، والاضطرابات النفسية، فهل نستطيع أن نتجاوز بثقاتنا هذه الحدود بدون أن نكلف نفسنا وعثاء السفر، وكآبة المنظر ونحن نقدم أنفسنا للناس بطريقة مضحكة، فلم يعد مقبولا أن ننقسم على أنفسنا، نعم علينا حل الصراع الداخلي الثقافي بين تيارين، أحدهما أصيل في المجتمع السعودي وهو التيار الملتزم بتعاليم وأصول الدين الحنيف، وليس لديه مشكلة في الحكم على الأمور، فميزان أو معيار الحكم عنده واضح أما حلال أو حرام، وليس لديه أية غضاضة في ترك ما هو حرام لأنه على يقين بأن الله سيعوضه خيراً منه، ولكن الالتباس عند الطرف الآخر ممن يعرفون بالتحرريين، أو الليبراليين، وهذه كلها أسماء لا تقم بذاتها البتة، وهي تأتي كنتيجة لتمرد البعض على مجتمعه، ونفسه، رغم أن معظم من ينتمون لهذا التيار قد درسوا، وتربوا ونشأوا في نفس الأجواء التي نشأ فيها غالبية أبناء المجتمع، ولكن الله سبحانه أراد أن يميز الخبيث من الطيب، فجاءت ولادة مثل هذه الفكر الدخيل على ثقافتنا، وللأسف ان يجد الدعم اللا محدود من قبل وسائل إعلامنا، وهي ما يطرح أكثر من علامة استفهام، حول خطورة المرحلة التي نمر بها، فنهاك مسلسلات تخدش الحياء بدرجة فاضحة، ونجدها تعرض في قنواتنا، وهناك برامج لا ترق لأن تكون بين قائمة البرامج الموضوعة على جدول البث، وهناك من الإنتاج المحلي ما يهدم ولا يبنى، ويمر في خضم الإيقاع السريع وتنوع القنوات، ولكن يضل محسوباً على وزارة الثقافة والإعلام، لماذا لم تسلط الثقافية السعودية الضوء على كل مسلسلات رمضان المحلية لمناقشة المخالفات الدينية التي ملأت المنتديات والصحف، فليس مقبولاً أن تضل الثقافية السعودية متفرجة في قضية مهمة ومحورية كهذه، وما زالت تشغل الرأي العام، وكذلك عليها أن تتعدى كل الحواجز وتنتقد القنوات المحسوبة على الإعلام السعودي، التي تتخذ من بعض الدول المجاورة مقرات لها، وهي تبث الكثير يخالف الثوابت الشرعية الإسلامية، ويدمر المنظومة الثقافية للشعب السعودي. وأعود لإعلان سعادة الوكيل، وقد تطرق إلى أنه " لا يزال لدينا قصور في تقديم أنفسنا للآخرين، وإن كنا على المستوى السياسي للمملكة استطعنا أن نتبوأ المكانة اللائقة بنا انطلاقا من ديننا ومبادئنا وحرص المملكة وقيادتها على العمل لما فيه مصلحة شعوب العالم ودولها بعيدا عن أية مطامع، إلا أننا في الجانب الإعلامي والثقافي نعاني من قصور واضح في تعريف الآخرين بنا على الطريقة التي تخاطب عقولهم ومشاعرهم واهتماماتهم، ونحتاج إلى رؤية إعلامية ومشاريع ضخمة لا تصطدم بالعقبات المالية والإدارية، فالإعلام اليوم يستوجب توفير احتياجات بشرية ومالية مكلفة ولكن متى ما توفرت سيكون مردودها إيجابيا للغاية" فكيف لدينا قصور في تقديم أنفسنا للآخرين، بالله عليك أريد أن يعرف ويعرف معي معظم القراء، ساعدنا يا سعادة الوكيل على فك شفرة هذا الكلام الذي مللنا من سماعه، وما زلنا نسمعه من وقت لآخر. فهل نفهم أن سلفه البروفسور أبو بكر با قادر، لم يستطع وهو متخصص في علم الاجتماع وعلم بارز في هذا المجال، أن يحل هذه الشفرة ويوصل صوتنا وثقافتنا للعالم الآخر، مع تمسكي الشديد بأننا لو كان لدينا ما يقنع الآخرين بخطابنا وثقافتنا، لما احتجنا أن نقطع الصحاري والقفار من أجل إيصاله، وليسمح لي سعادته، بأن العنصر المادي لا يمثل عقبة، فلو صرفت الملايين التي صرفت على الأيام الثقافية السابقة والتي لم تستطع أن توصل صوت المملكة للعالم الغربي حسب ما ورد في إعلان سعادة الوكيل، أقول لو صرفت هذه الملايين على إنتاج برامج مترجمة للغات الحية، عن الإسلام وسماحته، وركزت الجهود على شرح رسالة الإسلام العالمية، وقدم النموذج الإسلامي كحل لكل ما تعاني منه الشعوب الغربية من ويلات الزنى والربا والأيدز، والانتحار، لأمكننا أن نصل إلى عقولهم بأسهل الطرق هم فقط يحتاجون لمن يقنعهم، أما نحن فإننا بحاجة لأن نفعل عقولنا وفكرنا لإثبات وجودنا بين أبنائنا، ومن ثم نفكر في الآخر، وهذا لن يتم إلا من خلال عقد المؤتمرات والندوات وورش العمل لحل مشكلة الإنتاج المحلي؟ وما لم تحل هذه المشكلة فسنظل حبيسي ثقافة الغرب وبرامج الغرب، وإنتاج الغرب، وسيظل الغرب حلماً صعب المنال. والله من وراء القصد. د. الربيع بن محمد الشريف باحث إعلامي [email protected]