كم كنا سنموت من العطش؟ لو رفضت ذرة الهيدروجين مشاركة أي «رابطة» مع أي أحد؟. ماذا لو أن ذرة الأوكسجين بذلت جهدها لتخلق من الذرة التي تجاورها نسخة أخرى منها، ونجحت في ذلك؟ بماذا سيكتسي العالم؟ لو أن الاختلاف لم يجد طريقه إلى ألوانه؟ اللون الأبيض جميل، ونقي! هذا صحيح؛ لكن هل يستطيع أحد ما أن يحيا في عالم «ناصع البياض»؟ هل يستطيع أحد ما، أي أحد، أن ينكر دور اللون الأسود في خلق كل الأشياء الجميلة من حولنا؟ لأنك مختلف يا صديقي، ذو صوت مختلف، وذو هيئة مختلفة أستطيع حفظ صورتك، دون أن أسألك في كل مرة: أي نسخة أنت؟. ولأنك مختلف نمضي الساعات الطويلة ونحن نتحدث عن اختلافاتنا، يستمتع كل منا بالانتصار لرؤيته للعالم. ولا أظنني سأستمتع بالجلوس معك، كما أفعل دائما، يا رفيقي لو كنت تحفظ قائمة المطربين التي أحفظها، لو كنت تستخدم الأوصاف نفسها تجاههم. تعشق نفس الفريق، نفس اللاعبين، وترى أن أفضل هدف في العالم هو الهدف نفسه، الذي أرى أنه أفضل هدف في العالم!. تهوى نفس نوع القهوة، وترغب بنفس كمية السكر! أنا أمضي الوقت معك يا صديقي؛ لأنني أحاول الهرب مني!، ولو أردت الجلوس مع نفسي لفعلت ذلك دون أن أتجشم عناء قطع هذه الطريق الطويلة. هذه الموسيقى التي نستمتع بإعادة تشغيلها دائما، لو لم يكن الاختلاف سنة لما كانت!. أتتخيل حجم الجحيم في أن يتردد في هذا الكون، صوت واحد طوال الوقت؟. توازن هذا العالم قائم على الاختلاف، وأعظم روابط هذا الكون نشأت بين أضداده. هل تصدق لو أخبرتك؟ أنه لولا الاختلاف لم يعرف التائه إلى أين يتجه؟ تخيل أن تكون «البوصلة» مجرد قطعة معدنية دون أي فائدة! والآن: لماذا لا تتوقف عن صناعتي كنسخة منك، وأنا سأستمر باحترام كونك «كائنا فريدا». دعنا نحاول تشكيل لون جديد، لون بهجة آخر نكسو به عالمنا. أو أن نصنع لحنا جميلا من كافة درجات الاختلاف هذه، بدلا من تركها تصنع «الضجة»؟ بطريقة أخرى: لا تتعلق بكوني أفضل منك، أو بأنك أسوأ مني، لماذا لا تدعني وشأني! وتتوقف عن إزعاجي؟